المرأة بعيدة كل البعد عن (البيروقراطية), فهي بطبيعتها تكره الروتين, وتشمئز من الرتابة, وتحارب الوتيرة الواحدة, وهي في كل مظاهر حياتها متجددة كالحياة نفسها, فهي جددت في الملبس, وهرولت خلف (الموضة) وانتقلت من (البرقع) الى غطاء الوجه, ومن الغطاء الى النقاب, ومن النقاب الى الحجاب, وايضا جددت في (العباية), فمن عباية الرأس, و(العباية المرفوعة) الى عباية الكتف, ثم الى العبايات المطرزة والمنقوشة, والمخصرة, والمفتوحة, واللماعة, ثم وأخيرا العباية الشفافة, التي صنعت(خصيصا) لجذب الأنظار, تلك العباية التي ترقص رقصة (التويست) ثم تطير وتحلق عاليا لمجرد ان يلامسها نسناس عابر, وهي - لحسن الحظ - عباية لا ترتديها جميع النساء, ولكن المرأة التي ترتديها كأنها تريد ان تقول: أنا هنا.. انظروا.. انني لم أرتد العباية للستر, وانما ارتديتها كي تروني أيها الرجال بوضوح, مما قد يجعل كل رجل أصلع وقور المظهر يتصبب عرقا من الخجل, وتجعل كل رجل يضع على عينيه نظارة طبية سميكة يرى ما خلفها بوضوح.. اقصد ما خلف العباية.. لقد ساءني منظر العناية الشفافة والمطرزة, لا اجد تعليلا شافيا وتبريرا كافيا لهذه الأنواع من العبايات, سوى انها لكشف المستور. لم تقف المرأة عند هذا الحد في نبذ البيروقراطية والروتين, بل جددت ايضا في اشياء اخرى تمس حياتها, فمثلا بالنسبة للتجميل وادواته, فهي كسرت الروتين التجميلي, لتجدد مظهرها للرجال باستمرار, وليس بغريب ان تطالعنا المرأة عبر الفضائيات بموضة (الحاجب الواحد). لقد اخبرني أحد (العاملين) ببواطن الأمور ان موضة (الحاجب الواحد) قادمة, وستجد نساء العالم بحاجب واحد, قد يضحك البعض عليهن قليلا, وقد تجد المرأة في ذلك بعض السخرية والتهكم والهجاء من الآخرين, لأن ذلك مخالف للعادة والمألوف, ولكن ما ان تعلن الفضائيات بأن موضة الحاجب الواحد هي الموضة العصرية الجديدة, حتى تتهاوى عليها بنات حواء, كما تهاوين على الوشم, واعتبرنه مظهرا من مظاهر الحضارة..