تمر بنا هذه الأيام ذكرى اليوم الوطني لبلادنا الغالية، حفظها الله من كل سوء، وهي تجتاز مرحلة حرجة من تاريخها تتمثل في الظروف الخارجية والداخلية التي يعرفها الجميع، ولا داعي لتكرار الحديث عنها. إن يوم الوطن يستدعي منا جميعا وقفة مع النفس، نتأمل فيها ما كانت فيه هذه البلاد قبل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وما أصبحت فيه بعده.. لا مجال هنا للمقارنة بين المرحلتين.. فقد بدل الله الأحوال، ومرت البلاد بفترة ذهبية من النمو والتقدم والازدهار في كافة المجالات حتى وصلت إلى ماهي فيه اليوم من رخاء، وأمن بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بجهود المخلصين من ابناء هذا البلد المسلم الكريم قيادة وشعبا. والسؤال المهم هنا: كيف نحافظ على هذه المكتسبات العظيمة؟ وكيف نتجاوز التحديات الكبيرة؟ وكيف نؤكد عوامل الوحدة والاستقرار، ونتمسك بها، ونحارب كل من يهددها بقول، او فعل؟ واخيرا، ما دور المواطن في هذه المعادلة وما ينبغي له ان يقوم به لتأكيد المواطنة الحقة، وشكر النعمة التي هو فيها قولا وعملا؟. ان الامر هنا يتجاوز مرحلة العواطف، وتوكيد الانتماء بالكلام، وترديد العبارات التي سمعناها، والفناها سنين طويلة، يتجاوز كل ذلك الى مرحلة العمل، والاسهام الصادق في الحفاظ على امن هذا البلد، واستقراره، ووحدته، ورخائه كل بحسب طاقته، وكل في موقعه، وقد تكون البداية من خلال استشعار عظم النعم التي نعيش فيها، ومعرفة ما ينبغي فعله لشكرها، والحفاظ عليها، وبث روح التفاؤل في أرجاء الوطن بمستقبل مشرق واعد للجميع، بإذن الله، آخذين في الاعتبار أن ذلك لن يتحقق إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بتكاتف الجهود، وتقديم التضحيات، وبذل النصح لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. ان ما يحدث في عالم اليوم من متغيرات سريعة، وتداعيات مخيفة، وخاصة في الدول المحيطة بنا جغرافيا يضع علينا عبئا اضافيا في دراسة الواقع، ومحاولة استشراف المستقبل، والعمل معا في سبيل حماية هذا البلد الآمن بمساحاته الشاسعة، وحدوده الكبيرة، وتركيبته العرقية من كل اسباب الضعف، او عوامل الفرقة، لا سمح الله. ينبغي ان لا يترك المجال للحاقدين والجاهلين ان يعبثوا بمستقبل هذه المملكة - حرسها الله - وينبغي ان نقف صفا واحدا خلف قيادتنا الرشيدة في طريق الاستمرار والاستقرار تمسكا بالشريعة، وتطبيقا لها والأخذ باسباب التقدم الحديث، لما فيه خير الوطن والمواطن، وينبغي ان نقدم التضحيات اللازمة، لتعيش اجيال المستقبل من ابناء هذه البلاد في خير وسلام، باذن الله. ان ذكرى يوم توحيد هذه البلاد لتحمل لنا كثيرا من الذكريات والعبر والتحديات، وهي مناسبة سعيدة - بلاشك - نفخر بها، ونحمد الله عليها، ولكنها في الوقت نفسه فرصة لنعرف اين كنا؟ واين اصبحنا؟ والى اين نحن سائرون؟. اسئلة كبيرة بحجم هذا الوطن العظيم وافكار بسيطة عبرت عنها عواطف جياشة حيال هذا البلد المفخرة: مهد الاسلام، ومهبط الوحي، وملتقى افئدة مئات الملايين من المسلمين. لقد شاء المولى - عزوجل - ان يجعل التحديات بحجم المكانة، وان يجعل التضحيات بحجم الكنز الثمين الذي اعطانا الله اياه، وأمرنا ان نحافظ عليه. أساله - سبحانه وتعالى - ان يعيد هذا اليوم العزيز على نفوس الجميع اعواما عديدة وهذا البلد في خير حال وان يرد كيد الاعداء في نحورهم وان يحفظ علينا امننا واستقرارنا ورخاءنا في ظل قيادتنا الرشيدة انه ولي ذلك والقادر عليه.