يواجه القطاع الخاص الخليجي الكثير من التطورات الاقليمية والعالمية التي تحمل في طياتها العديد من التحديات والمخاطر مثلما تحمل أيضا فرصا وآفاقا واسعة للنمو والتطور والتقدم. ولعل احد أبرز هذه التطورات هي العولمة وما يتزامن معها من متغيرات على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية والثقافية وحتى الانسانية. فمن شأن العولمة مثلا ان تزيد من حدة المنافسة بين الدول والشركات في الاسواق الداخلية والخارجية، حيث تستطيع الشركات والمؤسسات القوية والكبيرة تحقيق معدلات نمو ايجابية، بينما لا تستطيع الشركات والمؤسسات الصغيرة وغير الكفء فعل ذلك مما قد يؤثر على مستوى أدائها ووجودها. اما الفرص والامكانات الجديدة التي تتيحها العولمة فهي تتجسد عموما فيما تهيئة من مناخ وحوافز مواتية للتعاون والانفتاح الاقتصادي والتجاري بين الدول والشركات، وبالتالي العمل على اتساع الاسواق وانفتاحها، وزيادة التصدير والانتاج المتبادل، وزيادة الدخول ونقل التكنولوجيا المتطورة وتوطينها. وستكون الشركات والمؤسسات الخاصة الاكثر كفاءة ومرونة والقادرة على التجارب مع متطلبات العولمة بمرونة وانفتاح هي الاكثر قدرة على اغتنام الفرص التي تتيحها العولمة وتسخيرها لفائدتها الخاصة. ويتفق الكثير من الاقتصاديين العرب ان العولمة تولد عددا من المخاطر للبلدان النامية الى جانب ما تعد به أو تولده من مكاسب . فبحجة المنزلة العالية في سلم الاعتبار للتدفقات المالية والتقنية مثلا، وتشابك المصالح فيها بين الدول الوطنية عبر حركة التدفقات التقنية والمالية المصرفية، والمكاسب التى يحصل عليه الفرقاء بفضل هذه التدفقات، تتم التغطية على بعض الحقائق الجوهرية او في احسن حال التقليل من شأنها. ومن هذه الحقائق التى يناقشها المفكر الاقتصادي الدكتور يوسف صايغ هي ان كل دولة وطنية ، بما في ذلك بل وبخاصة الدول الصناعية المتقدمة التى تبشر بالعولمة ، تتمسك بترابها الوطنى وببنيتها الاقتصادية وبنمط انتاجها وبتنميتها، وبحقها فى اعطاء كل هذا اولوية مقابل الدول الاخرى - وبشكل اكثر خصوصية الدول النامية. واذا كنا لا نتوقع من أي دولة ان تفرط بما تمتلكه من ارض ومصالح وقدرات، فاننا مع ذلك لا نرى حرص الدول القوية والغنية على اراضى ومصالح وقدرات الدول النامية الضعيفة. ثمة جانب آخر لتأثيرات العولمة يثير قلقا لدى البلدان النامية، انه الاحتمال بأن تعمل الشركات المتعدية للجنسية والعابرة للحدود على تشويه نمط التنمية واولوياتها في الدولة الوطنية ذات الاقتصاد النامى ، وذلك لخدمة اغراضها ومصالحها - فاذا حققت البلدان النامية مكاسب ما بسبب نشاط هذه الشركات في اطار العولمة فانها تكون ناتجا جانبيا ضئيلا. وينتهي الامر بأن تقشد" الشركات فائض القيمة" الناجم عن انشطتها فى البلدان النامية، اضافة الى تشويه نمط التنمية - اوعلى الاقل حرفه عن اولويات البلد المستقبل (بكسر الباء) نفسه وصوب اولويات الشركات نفسها. ولابد من ان يظل ماثلا في الاذهان ما يلحقه مثل هذا التشويه من تهميش للثقافة الوطنية للبلد المستقبل وزرع ثم تأصيل توجهات قيمية مغايرة للتراث الشعبى، بسبب قدرة الشركات الفائقة فى مجال التسويق والاعلان والنشر. ومن التأثيرات الاقتصادية المحتملة للعولمة هو ان انشطة الشركات العملاقة المتعددة الجنسية، عدا انها يحتمل ان تنتهك مصالح البلدان النامية او ان تكون غير ذات صلة او تماس قوى بها، قد تكون في مصلحة فئات تتمتع بنفوذ وامتياز متفوقين في البلد النامى نفسه بفضل ترتيبات تتم تحت الطاولة" وليس بالضرورة في مصلحة البلد نفسه.