ألو نعم .... ياهلا.. هلا بهالصوت أبشر.. موجودة عندي مع صورة الصك .... بس ترى معي طرف آخر.. أي احسب حسابك ترى حنا اثنين في السعي ... على خشمي هالحين أرسلها لك بالفاكس ... في رعاية الله . بعد أسبوع من تلك المكالمة تتحول ال (......) إلى الطرف الآخر ألو.. أبو فلان .... مبروك عليك الصفقة .... هاه متى إن شاء الله تعطينا حقنا من السعي؟ ... أفى عليك.. ما هقيت أنك تسويها!! هذه لغة التعامل بين مكاتب العقار على الثقة كما يقال تعطي ما عندك ويعطيك ما عنده (ربي أرزقني وأرزق من وراي) ليست هناك قوانين أو أنظمة تحكم التعامل بين العقاريين فقد ساد العرف بينهم واتخذوه شرعا لهم أي هو عبارة عن (ميثاق شرف) يطبقونه فيما بينهم منذ ان عرف البيع والشراء. الحوار أعلاه حدث بين صاحب مكتب عقاري وبين بعض المكاتب (الطفيلية) أي الذين يعتاشون على أكتاف الآخرين.. ممن يمتهنون العقار ب (الفهلوة) كما يصفهم الاخوة المصريون يتلذذون في السطو على خيرات غيرهم... موضوع الحوار عبر الهاتف يتكرر يوميا بين أهل العقد والربط في الشأن العقاري ويتحاسبون بما يرضي الله.. لكن الذي حصل هو أن بعض ضعاف النفوس مثلما في المكالمة الهاتفية أعلاه يتنكرون للجميل مثل صاحبنا الذي تنكر للآخر وأنكر حقه بعد أن وصل بطرق ملتوية إلى مالك الأرض وباعها مباشرة ولم يشرك أحداً في السعي!! مثل هذا الصنف من البشر لا يمكن التعامل معه وهو عندي في القائمة السوداء وبالتأكيد عند غيري ممن تعاملوا معه وبذلك اكتسب سمعة سيئة. وفي هذا السياق نورد قصة واقعية حدثت في أوائل السبعينيات الميلادية فقد افتتح (أبو فلان) مكتباً عقارياً صغيراً في حارة العمامرة وراح يلف على المكاتب الكبيرة ويشمشم رائحة الصفقات.. كثرت مكاسبه وكبر معها مكتبه وانتفخ بطنه الى حد التخمة وأخذه الغرور إلى حد أنه بدأ ينكر حق الآخرين ولا يعطيهم المشاركة في السعي مما جعل المتعاملين بالعقارات يفتحون ملفه وبنشرون غسيله على الملأ.. افتضح أمره وصار في جلاجل أخذ أهل العقار منه موقفاً وخاصموه فتراجع وتقوقع وانحسر وقلت مكاسبه وصغر مكتبه وظل بطنه خاويا فخسر وانسحب. تلك القصة يعرفها العقاريون ويروونها للجيل الذي بعدهم، فيها دروس وعبر ونحن ندونها هنا ليعتبر بها شباب العقار ممن يدخلون جماعات لهذا العالم العجيب (Gold Rush) حيث تحول حبيبات الرمل إلى ذهب فهو العنصر أي العقار الذي يمرض ولا يموت وهو الاستثمار الأبقى وهو البضاعة التي لا تأكل ولا تشرب وهو.. وهو.. كلنا يتابع باهتمام اجتماعات لجان العقار في الغرف التجارية وتوصياتها المعلنة والسرية وما تمخض عنها من تصنيف للمكاتب العقارية وما سوف تقرره وزارة التجارة والصناعة الجهة المعنية بمجال العقار هذه اللجان يشترك فيها رجال العقار المخضرمون وهم بلاشك موضع ثقة وفي اقتراحاتهم وتوصياتهم صلاح للكبار والصغار أصحاب المهن الحرة كالعقار وأنهم أي أعضاء اللجان يرون مالا يراه (الدخلاء على العقار) ممن أفرزتهم الطفرة الجديدة (1993 2003م) حتى بات كل ركن في المدينة يطل علينا بمكتب للعقار حتى صرنا نتعثر بهم من كثرتهم !! نصفهم بترخيص من البلدية والنصف الآخر في مهب الريح إذ لاح له طيف (مراقب البلدية) طار كالريح!! إن كثرة (الدكاكين) العقارية وهي ظاهرة تستحق الدراسة فيها سلبيات وأخرى فيها إيجابيات فهي تلم شمل كبار السن (المتقاعدين) وبعض موظفي الدولة فبدلاً من تذمر هؤلاء ومكوثهم بالبيت وتسكعهم بالطرقات والشوارع يلجأون لتلك المكاتب ففي المكتب يجدون ضالتهم (حجة وقضاء حاجة) وهذه في رأيي إيجابية المكاتب. وهم بذلك يمارسون تجارة رائجة ويجنون أرباحا طيبة. دخلت يوماً مكتباً عقارياً فوجدت شرائح المجتمع السعودي كله!! الشيخ الهرم والشاب والدكتور والمهندس خليط غير متجانس يجمعهم هدف واحد وهو السعي لكسب المال والخبرة. أما سلبيات كثرة المكاتب فتحتاج إلى مقال منفرد.