تقف مصارفنا اليوم بين وداع الفية واستقبال الفية جديدة، وهي في غضون ذلك تواجه تحديات اساسية ناجمة عن تزايد حدة المنافسة من الداخل والخارج من جهة، وضرورة مواكبة متطلبات العمل المصرفي الحديث من جهة اخرى. وبمعنى آخر، ان هذه المصارف مدعوة الى تسريع عملية التحول بفعالية وكفاءة وسرعة الى مؤسسات مصرفية عصرية قادرة على المنافسة محليا وخارجيا. ان هذا التطور المنشود في القطاع المصرفي الخليجي يتطلب بصفة رئيسية قيام مصارف من الحجم الكبير والتي تتميز بامكانات تنافسية عالية بدراسة امكانية الدمج فيما بينها. ان الدراسة الجدية لقيام عمليات الدمج والتملك بين مصارفنا مع التأكيد على اهمية ايجاد قيمة مضافة من هذه العمليات سواء للاقتصاد الوطني أو للقطاع المصرفي ككل يشكل الخطوة الصائبة في ذلك الاتجاه . اذ ان تجميع الموارد والامكانات المتاحة للمصارف المندمجة يساهم بلا شك في الاستفادة من عناصر القوة المالية والادارية والبشرية والانتاجية والتقنية وشبكات التفرع، مما ينتج عنه زيادة الحصة السوقية وتوسيع النشاط العام وتعزيز الدخل والربحية والدخول في مجالات عمل جديدة. فعلى سبيل المثال، ان أهم ما يميز عملية الاندماج بين البنك الاهلي التجاري وبنك الكويت المتحد قبل ثلاثة أعوام انها حققت تزاوجا استراتيجيا بين القاعدة المصرفية الافقية التي يملكها البنك الاول (قاعدة عريضة من العملاء والعمليات المصرفية التجارية وبين القاعدة المصرفية العمودية التي يملكها البنك الثاني (عمليات مصرفية دولية واستثمارات خاصة في محافظ استثمارية متنوعة ). وبالتالي فان البنك الجديد سوف يكون متكاملا أفقيا وعموديا بحيث يستفيد عملاء البنك التجاري من المنافذ العالمية التي سوف يوفرها بنك الكويت المتحد في حين سوف يستفيد عملاء بنك الكويت من الربح العالي الذي تحققه الصرفة بالتجزئة علاوة على القاعدة العريضة من العملاء بحيث يمكن توجيه جزء من الأموال الفائضة نحو العمليات الدولية. كما ان التوجه لفتح فروع مصرفية للبنوك الخليجية بدول المجلس سوف يفتح افاقا جديدة للبنك الجديد للتواجد بقوة في هذه الدول. لقد برهن قطاعنا المصرفي عن قدرات كبيرة في التأقلم مع التغيرات الحاصلة في الصناعة المصرفية على نطاق العالم، والمطلوب منه للمرحلة القادمة ان يضاعف الجهود على هذه المحاور ويوظفها في متابعة عملية التحول السليم والواعي الى مؤسسات مصرفية قادرة على الصمود في وجه الضغوط المتنامية، المالية منها والاقتصادية وايضا السوقية. ان اتجاهات الدمج والتملك الحاصلة في القطاع المصرفي العربي والعالمي منذ سنوات هي اتجاهات محمودة ومطلوبة. والمنشود هو اعادة هيكلة المصارف بحيث يكون التوجه نحو اقامة مصارف عربية كبرى، تنشأ على اساس تكتلات ضمن الدولة الواحدة او تكتلات عبر الحدود ضمن المنطقة العربية ، لتكون هذه المصارف في ظل الوضع الجديد اقدر على خدمة اقتصادات دولنا والتأقلم بنجاح مع بنية العمل المصرفي المتغيرة والتي تتنامى فيها التحديات والصعوبات وهذا ما نأمل رؤيته في البحرين ايضا.