@ سوف تكون حلقتنا هذه المرة مختلفة نوعا ما عن سابقاتها ، فقد جرت العادة التطرق للمواضيع الإدارية أو الاقتصادية بشكل عام، ولكني آثرت أن أمنح نفسي إجازة قسريه هذه المرة لأكتب عن موضوع اجتماعي واقتصادي في وقت واحد وتحديدا عن الشباب والشابات بالخصوص المراهقين منهم، والذي اعتقد أن الإحصائيات الأخيرة تشير بأنهم يمثلون الشريحة العظمى من المجتمع والطريف أن النسبة الأعلى منهم من الجنس الناعم اللاتي بدأت بوادر ظهورهن واضحة للعيان فلم يعد غريبا أن ترى الأماكن التجارية والعامة مثل المجمعات والحدائق والأماكن الترفيهية غالبية مرتاديها من ذوات الرداء الأسود، يتحركن ذهابا وإيابا مشكلين نسيجا كبيرا من اللون الداكن يتخلله القليل فقط من الألوان الفاتحة، والملفت للنظر أن خلطة الألوان هذه غير متجانسة لأن حركتها داخل هذه الأماكن عادة ما تكون بطيئة وجماعية وهذا ناتج عن طبيعتهن المتأنية والفاحصة فهن يحببن الإطلاع بتمعن وتدقيق وتقليب البضائع ومناقشة ومقارنة الأسعار وفحص الماركات، والتعرف على العطور خلاف أدوات الزينة والإكسسوارات والملابس ذات الأكمام والأشكال والطبقات وجميع ما يصلح البدن ويصفف الشعر ويجمل الوجه ويعطر البشرة ويطيل الأظافر ووو، ما أدري كيف لهم طول بال على كل هذا ؟ @ بينما الغريب أن الشباب على عكس ذلك تماما، فهم لا يتجمعون إلا ضمن مجموعات صغيرة غالبا ما تتكون من أثنين، ثلاثة أو أربعة فقط، وتلقاهم شكلا وهيئة واحدة كأنهم توائم، يعني يا كلهم بنطلون وقميص مبهدل ( تي شيرت ) أو ثياب من نفس الخياط وبنفس اللون والموديل ( تقول فريق موحد ) ويمكن الواحد يكوي غترته بعلبة نشاء كاملة يجعلها وكأنها كرتون على رأسه وقد يصمغها حتى تثبت ، وثوبه شكله كأنة مفصل ومخيط عليه وهو واقف، أما الحذاء فغالبا ما يكون جديدا (صحيح من نوع رخيص لكنه يلمع )، ومع ذلك تستطيع أن تعرف بسهولة كم الواحد منهم مسكين ويمكن ما يملك إلا الجوال اللي يتعمد بإخراجه من جيبه بين اللحظة والأخرى للتأكد أنه شغال وفيه إرسال ( صحيح مش مصدقين أن عندهم جوال )، وشويه فكه حق شراء سندويشه أو فنجان قهوة، وتلقاهم مجتمعين على طاولة واحدة ويطلبون فقط فنجان قهوة من الحجم الكبير يشربونه كلهم بالتناوب علشان التوفير وحجة لهم لإطالة الجلوس. @ والمثير للدهشة أن الشابات يستهويهن التسوق من خلال النظر المجاني فقط بين المحلات والبضائع فطالما أن هناك أشياء جديدة وموديلات حديثة فلا بأس من الذهاب والتفرج عليها ولو يوميا ( هن أيش وراهم مش خسرانين قرش) ! يعني ما يملوا أبد ، بينما الشباب يستهويهم الجلوس فقط وترصد النظرات على اللي رايحه واللي جايه منهن، هم صحيح ما يتعرضوا لأحد ولا يضايقوا الآخرين ولكن الحقيقة أن كليهما متخذ الأخر فرجه له، ويا ويل اللي تمر أمامهم وتتعاطف معهم بنظره حتى لو بدون قصد، فأنت فورا تشاهد ردة فعل جماعية في إخلاء شامل لمكان جلوسهم ويمكن يغادروا بدون دفع الحساب، والجميع ورا أم العيون أو الابتسامة الغامضة وين راحت. @ مساكين حقا، فكلاهما خالي الجيب وفاضي البال ولا عمل أو نشاط يملأ الفراغ ، فقط همهم في تضييع الوقت كيف ولماذا مش مهم!، بصراحة أتمنى ممن يمتلكون القدرة على الإبداع والابتكار أن يركزوا على إنتاج برامج وخطط يستفيد منها هؤلاء الشباب والشابات من الجنسين بشكل يوصلهم إلى الطريق الأصح لحياتهم المستقبلية ولأنهم نصف المجتمع ويمكن أكثر شويه، وعلينا إرشادهم كي نستفيد منهم في المستقبل، وتستفيد بلدهم أيضا، يعني مش بس دراسة طول العام وعمل أو نوم طول الإجازة أو تلقاهم يتنقلون من مجمع تجاري إلى مجمع آخر تقول كأنهم فرقه شعبية تبحث عن عمل ! ولا أيش يا شباب.