تعتبر حوادث الحريق من أخطر ما يهدد المنشآت الصناعية البترولية، وحدوثها في اي مرفق صناعي امر وارد الحدوث بشكل كبير لذا فان ارامكو السعودية، بوصفها الشركة ذات الموثوقية الاعلى في صناعة البترول العالمية، تركز على جوانب الوقاية من الحريق قبل وقوعه وتبذل في ذلك الكثير من الجهد والعمل الدؤوب. لكن لنسأل انفسنا سؤالا : ماذا لو حدث المحذور ووقع لا قدر الله - شيء من ذلك في مرفق صناعي ضخم لاية شركة بترولية في العالم؟ كيف يمكن السيطرة عليه وسط تعقيدات مختلفة في مقدمتها نوع المادة المشتعلة ومكان وقوع الحريق وسط شبكة عنكبوتية من الانابيب والصهاريج والمضخات. اننا نحتاج عندها لفرق خاصة مدربة تدريبا عاليا جدا على اعمال مكافحة الحريق ومجهزة بتجهيزات ضخمة متطورة غير عادية لمواجهة تلك المهام الخطرة جدا وسط ظروف بالغة التعقيد، وهذا بالضبط ما انشئت لاجله ادارة الوقاية من الحريق في ارامكو السعودية في المقام الاول. مزيد من الضوء حول الاجراءات التي تندرج تحت مفهوم الوقاية من الحريق القاه مدير الادارة بالوكالة الاستاذ عبدالله غباني، في لقاء له قال فيه : (ان مسؤولية ادارة الوقاية من الحريق بأرامكو السعودية تبدأ باعمال الوقاية تلك بالتعاون مع الادارات المعنية كادارة منع الخسائر، بالاضافة الى اعمال فحص وصيانة معدات الاطفاء الثابتة والمتحركة في جميع مناطق اعمال الشركة الصناعية والمجمعات المكتبية والسكنية من قبل رجال الاطفاء وفنيي الادارة المؤهلين). واضاف : (ان مهندسي مكافحة الحرائق يقومون بمراجعة شاملة لجميع التصاميم الهندسية للمشاريع الجديدة او التعديلات على المشاريع التامة للتأكد من وجود انظمة الوقاية ومكافحة الحرائق المتوافقة مع نوع الخطر المتوقع من هذه المنشآت والمطابقة للمواصفات الهندسية بأرامكو السعودية، وقد قامت ادارة الوقاية من الحريق من خلال 14 مركز تدريب تابع لها منتشرة في جميع انحاء المملكة بتدريب ما مجموعه 19800 موظف). توعية المجتمع ولاهمية توعية المجتمع في هذا المجال، اوضح الغباني ان ادارة الوقاية من الحريق تقوم سنويا بتنظيم اسبوع منع الحرائق والذي يهدف الى تعريف الموظفين وافراد عائلاتهم بالطرق والاساليب الواجب اتباعها للوقاية من الحرائق. وتمتد انشطة التوعية بسبل الوقاية من الحريق لدى الادارة لتشمل تنظيم زيارات مستمرة يقوم بها افراد مكافحة الحرائق الى المدارس الخاصة والحكومية والتأهيلية لشرح طرق منع ومكافحة الحرائق. 44 محطة اطفاء وفيما يخص مهام مكافحة الحرائق قال عبدالله غباني : (ان لدى الادارة 44 محطة اطفاء موزعة على جميع مناطق اعمال الشركة في مختلف مناطق المملكة وقد زودت جميع هذه المحطات بالآليات والمعدات المطلوبة كسيارات الاطفاء ومعدات مكافحة الحرائق). محطات اطفاء جديدة اما فيما يتعلق بتطوير المحطات نفسها فقد اوضح الاداري بقسم الوقاية من الحريق في بقيق، ماجد بخاري ، ان الادارة قامت بخطوات كبيرة لتحديث محطات الاطفاء لمواجهة التحديات ومجاراة التوسع في اعمال الشركة وكان من ضمن هذه الخطوات انشاء مبنى جديد لمحطة الوقاية من الحريق. وقد تم اختيار موقع المحطة ليتناسب مع متطلبات العمل ومباشرة الحوادث في منطقة بقيق في وقت قياسي. ويميز محطة اطفاء بقيق - حسبما أشار - مساحتها الداخلية الواسعة : مستوعبة بذلك سيارات الاطفاء والانقاذ المتعددة. واوضح ماجد بخاري انه قد تم تزويد المحطة بقسم خاص باختيار اسطوانات طفايات الحريق واجهزة التنفس واجراء الاختبارات السنوية لمضخات سيارة الاطفاء ولتدريب مشغليها على الطرق الصحيحة لتشغيلها. وفي هذا الاطار تم بناء خزان مياه ارضي بمواصفات قياسية للمساعدة في اجراء الاختبارات على المضخات الضخمة لسيارات الاطفاء الجديدة. وبين بخاري ان مما يميز محطة اطفاء بقيق الجديدة هو بناء برج التدريب وذلك لتدريب رجال الاطفاء على عمليات الانقاذ ومكافحة الحرائق. لقد اسهم تدشين هذه المحطة - بالاضافة الى ما تم انشاؤه سابقا كمحطة الاطفاء في الرياض وما تم بناؤه حاليا كمحطة الاطفاء برأس تنورة - على رفع مستوى العمل والتدريب، حيث زودت تلك المحطات بمساحات كافية لاستيعاب سيارات الاطفاء والانقاذ، وروعي في تصميمها توفير بيئة آمنة للقيام بأعمال الصيانة والفحص للمعدات واماكن لتدريب رجال الاطفاء داخل المحطة. 28 سيارة اطفاء جديدة من جهة اخرى اشار عبدالله غباني الى ان فريقا من مهندسي الادارة قد انهى جملة من الفحوصات الاختبارية على مجموعة جديدة من سيارات الاطفاء التي تعمل بالديزل والمصنعة خصيصا لاعمال الوقاية من الحريق في ارامكو السعودية من قبل مصنع يدعى اي - وان. وتتضمن مجموعة الثماني والعشرين سيارة التي سوف تتسلمها الشركة بنهاية هذا العام عددا من السيارات التي صممت خصيصا لمكافحة الحرائق في معامل التكرير والغاز. وتعتبر السيارات الثماني والعشرون الجديدة جزءا من خطة ادارة الوقاية من الحريق العشرية الرئيسية والتي تمتد من عام 2000 الى عام 2010م. وتهدف الخطة الى الرقي بالمصادر والامكانات من اجل المحافظة على منشآت الشركة والعاملين فيها. وحتى هذا التاريخ، تسلمت منشآت الشركة الرئيسية بمعامل الغاز والتكرير 15 من هذه السيارات. من جهته قال مستشار مكافحة الحرائق في قسم التخطيط وخدمات المساندة التابعة للادارة، منهل الجزيرة، ان هذه السيارات المصنعة خصيصا، بالكامل ، قد تطلبت شهورا عديدة من التخطيط. هنا في الظهران من قبل الادارات المعنية بالشركة للحصول على سيارات الاطفاء التي تتوافق امكانياتها للتعامل مع الاخطار المحتملة في المنشآت البترولية. واضاف قائلا ان السيارات الجديدة ذات وظائف متعددة على عكس السيارات الحالية، فهي مجهزة بحيث يمكنها اخماد الحرائق بالماء او بالرغوة او بالمواد الكيميائية الجافة او بها جميعا في وقت واحد (الماء مع الرغوة ممزوجان بشكل دقيق وبمقادير مختلفة، او الماء مع المواد الكيميائية الجافة بشكل متعاقب او بالمواد الثلاث معا في وقت واحد). كما ان قاذف الماء، الذي يوجد في اعلى السيارة ويدار عن بعد، يستطيع اخماد الحرائق بواسطة قذف (4000) جالون من الماء في الدقيقة الواحدة. اما المياه المقذوفة فتصل الى ارتفاع ثلاثمائة قدم. بينما تصل في السيارات التقليدية الحالية ذات القاذف، الذي تتراوح فتحة فوهتها ما بين 2.5 الى 3 بوصات، الى 150 قدما. وفي هذا المجال اوضح منهل الجزيرة انه ومن اجل اخماد حرائق الخزانات فانك تحتاج الى اسقاط الماء والعناصر الاخرى من اعلى، لا ان تقذف بالماء باتجاه النيران بشكل افقي لانها تقوم بتوزيعها وحرف مسارها. ويحتاج القاذف في تشغيله وخلط عناصر الاخماد الى اطفائي واحد فقط. ويقول محمد الدوسري، وهو مشرف عام في قسم التخطيط وخدمات المساندة الفنية التابعة لادارة مكافحة الحرائق: (اننا سنشتري سيارات مكافحة حرائق بامكان الواحدة منها ان تؤدي عمل ثلاث سيارات متواجدة لدينا بالفعل . وان الخطة تسمح لنا بمعرفة ما نحتاج لشرائه من اجل تحقيق اهدافنا ، وبالتالي معرفة متى واين نوزعها او ننشرها). رجل الإطفاء بين الامس واليوم على صعيد آخر التقينا بواحد من قدامى رجال الاطفاء العاملين في محطات الاطفاء، وهو علي العيسى، من محطة اطفاء رأس تنورة، وسألته عن آلية عمل رجل الاطفاء قديما والمهارات التي كان يملكها عند بداية تشكل فرق الوقاية من الحريق في الشركة فقال : (قديما كنا نعتمد في اعمالنا على معدات اطفاء وسلامة محدودة الفعالية، وكانت البرامج العلمية والعملية والاستعدادات لهذه البرامج محدودة للغاية. وكان رجل الاطفاء يعتمد على قوته الجسدية تقريبا في كل اعماله وسط بيئة شديدة الخطر. اما اليوم فقد اصبح رجل الاطفاء قادرا على التعامل مع اي نوع من حوادث الحريق بعد ان تم اكسابه مهارات عالية من خلال دورات مكثفة على اعمال الاطفاء والانقاذ واتباع اصول السلامة لتلافي اندلاع الحريق). مركز تدريب الاطفائيين في رؤية جديدة وللوقوف على ما تقدمه مراكز التدريب التابعة لادارة الوقاية من الحريق التقينا مع رئيس مركز التدريب على اعمال الوقاية من الحريق في الظهران، عبدالعزيز العساكر، الذي اوضح ان مركز التدريب على اعمال الحريق في ارامكو السعودية كغيره من مراكز التدريب في الشركة، اضاف الكثير من الدورات التدريبية الجديدة والمطورة كما قام بتطوير الدورات السابقة باضافة كل ما هو جديد اليها. واضاف : (لقد انتظم في الآونة الاخيرة في المركز نخبة من المهندسين ذوي الكفاءة العالية لمساندة زملائهم في المجال نفسه. وهناك اكثر من 14 دورة تدريبية يقدمها المركز لتدريب منسوبي الادارة حيث يتخرج منها ما لا يقل عن 1000 متدرب. وهناك 7 دورات تدرييبة اخرى يقدمها المركز على مستوى الشركة يتدرب فيها موظفو الادارات الاخرى بغية التعامل مع الحالات الطارئة لحين وصول رجال الاطفاء). في الميدان.. كفاءات سعودية مسلحة بالعلم ناصر الدوسري، احد المهندسين حديثي التخرج من الولاياتالمتحدةالامريكية، والحاصل على الماجستير في مجال عمله، اعتبر ان التعامل مع الحرائق في المنشآت الصناعية وخاصة البترولية يحتاج الى دراية واسعة بأنسب الوسائل الآمنة للتعامل مع الحرائق فهناك العديد من وسائل مكافحة الحريق يمكن استخدامها في موقع الحادث ولكن بعضها يتفوق في قدرته على تقليل الخسائر او سرعة النتائج والاخماد، ويضيف : (ان الكثير من المواد الكيميائية في جعبة رجل الاطفاء الذي يواجه حريقا مشتعلا لمادة سائلة او غازية او في مبنى خشبي او في مكتب مليء بالاوراق او المستندات، وعليه ان يقرر اي المواد يستخدم واي المعدات يوظف في اعمال المكافحة فهناك مواد يمكنها اطفاء اللهب واخماد الحريق لكنها قد تتسبب في اتلاف محتويات اخرى في مكان الحريق. وهذا التعامل مع الحريق حسب نوعه والمواد المشتعلة علم قائم بذاته لا يزال يطالعنا يوما بعد يوم بالجديد منه ونحن نسعى كاطفائيين في شركة عملاقة كأرامكو السعودية لان نكون سباقين للاخذ برأس التقنية الحديثة في مجال اعمالنا). اطفائيو المستقبل وداخل مركز التدريب التقينا بالمتدرج من قسم الوقاية من الحريق، عارف الشمري، وهو واحد من الذين سينطلقون قريبا في مجال اعمال الاطفاء، حيث قال : (بداية التحاقي بالمركز كانت رغبة وميولا لهذه الوظيفة ولكن بعد ان تلقيت عددا من الدورات النظرية والعملية المكثفة لفترات مختلفة مدة بعضها ثلاثة اشهر اكتسبت الثقة والدراية في كيفية التعامل في الحالات الطارئة كنشوب الحرائق والكوارث كما اكتسبت الاسس في نقل المصابين واستخدام اجهزة التنفس والاسعافات الاولية مما زادني حماسا للانضمام الى زملائي الذين سبقوني في المحطات ومشاركتهم.