على مدى عشرات السنين قام عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي أف. بي. آي بتجنيد قتلة وزعماء عصابات اجرامية كمخبرين، ثم غضوا الطرف عندما استمر هؤلاء في ارتكاب اعمال اجرامية عنيفة. وعندما سلطت الاضواء لاول مرة على هذا الامر في واشنطن مما اسفر عن فتح تحقيق ادى - حتى كتابة هذه السطور - الى ارسال احد العملاء الى السجن بتهمة عرقلة سير العدالة وصف مسؤولو الاف. بي. اي في واشنطن ماجرى بأنه كان حالة شاذة. الا ان المقابلات التي اجرتها الاسوشيتدبرس مع تسعة عملاء سابقين لهم 190 سنة خبرة اجمالية في العمل في اكثر من 25 مكتبا للاف. بي. آي من تكساس الى شيكاغو ومن لوس انجلوس الى واشنطن، تشير الى ان ذلك كان واسع الانتشار خلال سنين خدمتهم بين اواخر الخمسينات الى تسعينات القرن الماضي. وقال العملاء السابقون واثنان من مسئولي تطبيق القانون الفدرالي الذين عملوا عن كثب مع المكتب ان هذه الممارسات شجعت المخبرين احيانا وجعلتهم يعتقدون انه بوسعهم ان يفعلوا اي شيء دون ان يطالهم احد. اما الى اي مدى تستمر مثل هذه الممارسات فليس واضحا وعملاء الاف. بي. اي والاداريون يلزمون بالصمت في كل مايتعلق بتعامل المكتب مع مخبرين. غير ان احد كبار مسئولي مكتب التحقيقات اشار الى ان انظمة المكتب الموضوعة لمنع المخبرين من ارتكاب اعمال جنائية كبيرة، ربما لا يتقيد بها العملاء في الميدان على الدوام. عملاء الاف. بي. اي التسعة الذين تكلموا برسم النشر فعلوا ذلك لا لكي ينتقدوا ممارسة السكوت عن الجرائم العنيفة التي يرتكبها المخبرون، بل للدفاع عنها كشر لا بد منه في التحقيقات الجنائية. وقال جوزف اوبرايان، منسق المخبرين السابق في نيويورك الذي تقاعد في العام 1991 ينبغي ان يشجع المكتب هؤلاء الرجال على ان يكونوا كما هم ويعملوا ما يعملوه اذا كفوا عن ذلك لمجرد انهم يتعاملون مع الاف. بي. اي سيثير احدهم التساؤلات وستدور حولهم الشكوك. وقال غاري بنريث الذي تقاعد في العام 1992 بعد خدمة طويلة وصل فيها الى منصب مساعد نائب مدير المكتب لشؤون الاستخبارات: كل واحد من الجيدين هو خارج عن القانون. واضاف العملاء السابقون انه من المنطقي غض النظر عن ضلوع مخبر ما في اعمال السطو والاعتداء اذا كانت المعلومات التي يقدمها تساعد على منع وقوع جرائم اسوأ ولكنهم اضافوا انه كان يجري التغطية حتى على جرائم القتل. وقال عدد منهم انهم لا يوافقون على حماة القتلة المعروفين ولكن اخرين قالو ان ذلك مقبول في بعض الحالات. وقال ويزلي سويرينغن الذي كان عميلا بين العامين 1959 و1977 وشملت دورته لوس انجلوس وشيكاو عليك ان تفاضل ما اذا كان قتل شخص او شخصين افضل من قتل حمولة طائرة من الركاب. على سبيل المثال كما قال تجاهل العملاء قتل عضو عصابة مافيا صغير على يد مخبر للاف. بي. اي في شيكاغو في الستينات لان المعلومات التي كان يحصل عليها مكتب التحقيقات الاتحادي اكثر اهمية وكان ذلك الشخص سيلقى مصرعه على ايدي المافيا على كل حال. وقد كان عملاء مكتب التحقيقات الذين اجريت معهم المقابلات اكثر استعدادا للحكي بصورة عامة عن تجاربهم مما يتمناه المكتب وقد وضع اربعة منهم كتابا اتحيد ان احيانا عن الروايات الرسمية وقد استقال اوبرايان من عمله اثر خلاف على ما احتواه الكتاب الذي الفه. الا ان عملاء سابقين اخرين ظلوا اوفياء للمبدأ الذي يسير عليه مكتب التحقيقات والذي يقضي بحماية هويات المخبرين ورفضوا ذكر اسماء حتى اولئك الذين ارتكبوا جرائم القتل. واسفرت مراجعة الاسوشيتدبرس للقضايا التي سيقت امام المحاكم والروايات المنشورة عن تحديد هوايات 11 مخبرا معروفين بأنهم ارتكبوا جرائم قتل خلال تعاملهم مع مكتب التحقيقات او ان ضباط الاتصال حموهم من الملاحقة القضائية لجرائم قتل ارتكبوها قبل تجنيدهم للعمل كمخبرين للمكتب. وبين هؤلاء الاحد عشر مخبرا ثلاثة من رجال المافيا ضالعون في فضيحة بوسطن ومعروف انهم قتلوا 52 شخصا على الاقل بين الستينات واواسط التسعينات من القرن الماضي. وكانت هذه القضايا قد نشرت سابقا بشكل حوادث منفردة ومعزولة ولكن في ضوء مقابلات الاسوشيتدبرس مع العملاء السابقين تبدو انها تشكل جزءا من نمط اوسع نطاقا. ويقول كليفورد زيمرمان استاذ القانون في الجامعة نورثويسترن الذي درس تصرفات المخبرين ان غض العملاء الطرف عن الجرائم العنيفة تصرف لا اخلاقي وربما مخالف للقانون. ويضيف زيمرمان: يقوم هؤلاء العملاء بتحليلهم الصغير للتكاليف والفوائد وفي رأيي دون ان يأخذوا بعين الاعتبار الضرر الذي يلحقه المخبرون للمجتمع هل يحق لمسئول فدرالي ان يتخذ ذلك القراران يقرر ان حياة شخص ما اكثر قيمة من حياة شخص اخر. ويعرف عملاء سابقون هذا مايحدث بالضبط احيانا روبرت فيتزباتريك مساعد مدير المكتب الميداني في بوسطن الذي تقاعد في العام 1986 يقول: في المحصلة النهائية يمكن ان نوجز ذلك على النحو التالي من يجوز ان يحصلوا على افضل المعلومات بشكل عام المخبرون الذين يقدمون معلومات قيمة في التحقيقات الكبيرة التي تجري حول المافيا يجوز ان يحصلوا على الحماية حتى ولو قتلوا. وقد اعرب عدة عملاء سابقين عن تعاطفهم مع جون كونوي العميل السابق في بوسطن الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات في شهر ايلول الماضي لدوره في حماية اثنين من عتاة الاجرام المنظم جون وايتي بالغر وستيفن فيلمي اللذين يواجهان الان اتهامات في 18 جريمة قتل بينها 11 جريمة ارتكبت في الفترة التي كانا يخدمان الاف. بي. اي كمخبرين. ان انظمة المكتب المختصة بالتعامل مع المخبرين تحذر بالضبط مافعله كونولي هذه الانظمة المعمول بها منذ 26 سنة تمنع المخبرين من المشاركة في الجرائم العنيفة ورسميا يسمح للمخبرين بارتكاب جرائم غير عنيفة ولكن فقط يؤذن لهم به كخطوة ضرورية للمحافظة على مواقعهم التي تتيح لهم ان يقدموا المعلومات. ويرى العلماء المتقاعدون ان كونولي لم يكن العميل الوحيد الذي خالف الانظمة ويقول دنيس اوكالاهان الرئيس السابق لوحدة مكافحة الاجرام المنظم والذي تقاعد في العام 1991: انا اول من سيقول لك ان العملاء الذين كانوا يتعاملون مع المخبرين كانوا يخالفون الانظمة يوميا. وقال جوزف لويس مساعد نائب مدير الاف. بي. اي الحالي المسئول عن التحقيقات الجنائية والاستخباراتية انه واثق تماما ان معظم العملاء الميدانيين يتقيدون بالانظمة ولكن ربما يحدث احيانا ان بعض العملاء يغمضون عيونهم تجاه جرائم غير مأذونة يرتكبها مخبرون قيمون. واشار لويس الى ان من الصعب السيطرة والتحكم على المخبرين فالجيدون منهم محتالون اذكياء ولن يتوانوا عن ممارسة احتيالهم عليك. ولنأخذ قضية غريغوري سكاربا ففي الستينات عندما كان سكاربا يزود الاف. بي. اي بالمعلومات عن عصابات المافيا كان في نفس الوقت يشارك في حروب العصابات الهادفة للسيطرة على عائلة كولومبو الاجرامية في مدينة نيويورك وقد قتل على الاقل 13 من خصومه. وكان كبار مسؤولي الاف. بي. اي يعرفون ان سكاربا مشبوه بجرائم قتل ولكنهم تركوه يعمل كمخبر كما شهد بذلك ليندلي دي فيكيو ضابط ارتباط المكتب مع سكاربا امام المحكمة. واعترف سكاربا على الاثر بانه لعب دورا في قتل ثلاثة اشخاص واقر بالذنب في جريمة قتل وقعت في العام 1993 وتوفي سكاربا في السجن مصابا بالايدز الذي التقطه من عملية نقل دم. وقد امنت جرائم القتل تغطية كبيرة لسكاربا في عمله مع الاف. بي. اي كما قال المحامي الان فوترفاس الذي دافع عن بعض رجال المافيا الذين وشي بهم. معظم الذين وشى بهم سكاربا كانوا من اعدائه في عالم العصابات والمخبرون يقدمون الوشايات عادة للتخلص من الخصوم وتصفية حسابات قديمة ومثلما يستعملهم الاف. بي. اي اي لاغراضهم يستعمل المخبرون الاف. بي. اي حسب العملاء السابقين. وهل يعرف العملاء ان المخبرين لايقولون لهم كل شيء؟ بالتأكيد ولكن الوضع هو لا تسأل ولا تقل حسب اوكالاهان الذي يشير الى ان العملاء يتحاشون طرح الاسئلة على المخبرين واذا امكن يتحاشون السماع عن اي شيء قد يدين مخبريهم في الجرائم العنيفة وعدم المعرفة ليس مخالفا للقانون. وقال وليام ترنر الذي عمل في خمسة مكاتب ميدانية قبل تقاعده من الاف. بي. اي في العام 1961 انه كان يجعل مخبريه يفهمون انه يجب ان يبقوا (اخبار) جرائم غير المأذونة لانفسهم. واحيانا قد يلمح احد المخبرين الى انه يخطط لاقتراف جريمة عنيفة على امل ان يحصل على تلميح بأن مكتب التحقيقات الفدرالي سيحميه من الملاحقة القضائية حسب العمل السابق في نيوجرسي وتكساس جوزف سكون الذي قال انه كان يرفض ان يسمع. ودافع سكوت عن مثل هذا التهرب مشددا على ان التهرب ضروري لكي يستمر تدفق المعلومات ولكنه قال ان العملاء السابقين امثاله كانوا يعربون عن قلقهم عن الثمن الانساني عندما يستنتج المخبرون انه بوسعهم ان يخرقوا القانون دون خوف من الملاحقة. ويقول جو غريفيث المدير السابق لوحدة الاجرام المنظم في مكتب التحقيقات ان المخبرين المقيمين يعرفون انهم اذا تعاونوا معنا لن يتعرضوا للملاحقة بالضرورة وعلى ذلك يضيف ترنر انه اذا افهمت مخبرا انني اريد ان اعرف شيئا عن نشاطه الشخصي لاسباب واضحة فقد يفسر ذلك بأنه ترخيص بالقتل. واصر لويس على ان كبار مسئولي مكتب التحقيقات الفدرالي لايسمحون بالتعامل مع المخبرين العنيفين ولهذا السبب لايبلغ العملاء الميدانيون واشنطن عنهم. اسوشيتدبرس