صدر عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية البيان التالي: بيان من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد، فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والخمسين التي انعقدت في مدينة الطائف ابتداء من تاريخ 11 / 6 / 1424ه قد استعرض ما جرى مؤخرا في المملكة العربية السعودية من تفجيرات استهدفت تخريبا وقتل أناس معصومين وأحدثت فزعا وازعاجا. كما استعرض ما اكتشف من مخازن للاسلحة ومتفجرات خطيرة معدة للقيام بأعمال تخريب ودمار في هذه البلاد التي هى حصن الاسلام وفيها حرم الله وقبلة المسلمين ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان مثل هذه الاستعدادات الخطيرة المهيأة لارتكاب الاجرام من أعمال التخريب والافساد في الارض مما يزعزع الامن ويحدث قتل الانفس وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة ويعرض مصالح الامة لاعظم الاخطار ونظرا لما يجب على علماء البلاد من البيان تجاه هذه الاخطار من وجوب التعاون بين كافة أفراد الامة لكشفها ودفع شرها والتحذير منها وتحريم السكوت عن الابلاغ عن كل خطر يبيت ضد هذا الامن رأى المجلس وجوب البيان لامور تدعو الضرورة الى بيانها في هذا الوقت براءة للذمة ونصحا للامة واشفاقا على أبناء المسلمين من أن يكونوا أداة فساد وتخريب وأتباعا لدعاة الضلالة والفتنة والفرقة وقد أخذ الله تعالى على أهل العلم الميثاق أن يبينوا للناس قال الله سبحانه (واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه). لذلك كله وتذكيرا للناس وتحذيرا من التهاون في أمر الحفاظ على سلامة البلاد من الاخطار فان المجلس يرى بيان ما يلى.. أولا . . أن القيام بأعمال التخريب والافساد من تفجير وقتل وتدمير للممتلكات عمل اجرامى خطير وعدوان على الانفس المعصومة واتلاف للاموال المحترمة فهو مقتض للعقوبات الشرعية الزاجرة الرادعة عملا بنصوص الشريعة ومقتضيات حفظ سلطانها وتحريم الخروج على من تولى أمر الامة فيها يقول النبى صلى الله عليه وسلم (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو الى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذى عهد عهده فليس منى ولست منه) أخرجه مسلم. ومن زعم أن هذه التخريبات وما يراد من تفجير وقتل من الجهاد فذلك جاهل ضال فليست من الجهاد في سبيل الله في شىء. ومما سبق فانه قد ظهر وعلم أن ما قام به أولئك ومن وراءهم انما هو من الافساد والتخريب والضلال المبين وعليهم تقوى الله عز وجل والرجوع اليه والتوبة والتبصر في الامور وعدم الانسياق وراء عبارات وشعارات فاسدة ترفع لتفريق الامة وحملها على الفساد وليس في حقيقتها من الدين وانما هى من تلبيس الجاهلين والمغرضين وقد تضمنت نصوص الشريعة عقوبة من يقوم بهذه الاعمال ووجوب ردعه والزجر عن ارتكاب مثل عمله ومرد الحكم بذلك الى القضاء . ثانيا . . واذ تبين ما سبق فان مجلس هيئة كبار العلماء يؤيد ما تقوم به الدولة أعزها الله بالاسلام من تتبع لتلك الفئة والكشف عنهم لوقاية البلاد والعباد شرهم ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين وحماية بيضتهم ويجب على الجميع أن يتعاونوا في القضاء على هذا الامر الخطير لان ذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب). ويحذر المجلس من التستر على هؤلاء أو ايوائهم فان هذا من كبائر الذنوب وهو داخل في عموم قول النبى صلى الله عليه وسلم (لعن الله من اوى محدثا) متفق عليه وقد فسر العلماء (المحدث) في هذا الحديث بأنه من يأتى بفساد في الارض . فاذا كان هذا الوعيد الشديد فيمن اواهم فكيف بمن أعانهم أو أيد فعلهم. ثالثا . . يهيب المجلس بأهل العلم أن يقوموا بواجبهم ويكثفوا ارشاد الناس في هذا الشأن الخطير ليتبين بذلك الحق . رابعا . . يستنكر المجلس ما يصدر من فتاوى واراء تسوغ هذا الاجرام أو تشجع عليه لكونه من أخطر الامور وأشنعها وقد عظم الله شأن الفتوى بغير علم وحذر عباده منها وبين أنها من أمر الشيطان قال تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين انما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ويقول سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب اليم) ويقول جل وعلا (ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (من دعا الى ضلالة كان عليه من الاثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من اثامهم شيئا) متفق عليه. ومن صدر منه مثل هذه الفتاوى أو الاراء التي تسوغ هذا الاجرام فان على ولى الامر احالته الى القضاء ليجرى نحوه ما يقتضيه الشرع نصحا للامة وابراء للذمة وحماية للدين وعلى من اتاه الله العلم التحذير من الاقاويل الباطلة وبيان فسادها وكشف زورها ولا يخفي أن هذا من أهم الواجبات وهو من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم ويعظم خطر تلك الفتاوى اذا كان المقصود بها زعزعة الامن وزرع الفتن والقلاقل ومن القول في دين الله بالجهل والهوى لان ذلك استهداف للاغرار من الشباب ومن لا علم عنده بحقيقة هذه الفتاوى والتدليس عليهم بحججها الواهية والتمويه على عقولهم بمقاصدها الباطلة وكل هذا شنيع وعظيم في دين الاسلام ولا يرتضيه أحد من المسلمين ممن عرف حدود الشريعة وعقل أهدافها السامية ومقاصدها الكريمة وعمل هؤلاء المتقولين على العلم من أعظم أسباب تفريق الامة ونشر العداوات بينها. خامسا . . على ولى الامر منع الذين يتجرأون على الدين والعلماء ويزينون للناس التساهل في أمور الدين والجرأة عليه وعلى أهله ويربطون بين ما وقع وبين التدين والمؤسسات الدينية. وان المجلس ليستنكر ما يتفوه به بعض الكتاب من ربط هذه الاعمال التخريبية بالمناهج التعليمية كما يستنكر استغلال هذه الاحداث للنيل من ثوابت هذه الدولة المباركة القائمة على عقيدة السلف الصالح والنيل من الدعوة الاصلاحية التي قام بها شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله. سادسا . . ان دين الاسلام جاء بالامر بالاجتماع وأوجب الله ذلك في كتابه وحرم التفرق والتحزب يقول الله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) ويقول سبحانه (ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شىء) فبرأ الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الذين فرقوا دينهم وحزبوه وكانوا شيعا وهذا يدل على تحريم التفرق وأنه من كبائر الذنوب. وقد علم من الدين بالضرورة وجوب لزوم الجماعة وطاعة من تولى امامة المسلمين في طاعة الله يقول الله عز وجل (يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك ....) أخرجه مسلم وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصانى فقد عصى الله ومن يطع الامير فقد أطاعنى ومن يعصى الامير فقد عصانى) متفق عليه وقد سار على هذا سلف الامة من الصحابة رضى الله عنهم ومن جاء بعدهم في وجوب السمع والطاعة . لكل ما تقدم ذكره فان المجلس يحذر من دعاة الضلالة والفتنة والفرقة الذين ظهروا في هذه الازمان قلبوا على المسلمين أمرهم وحرضوهم على معصية ولاة أمرهم والخروج عليهم وذلك من أعظم المحرمات يقول النبى صلى الله عليه وسلم (انه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الامة وهى جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان) أخرجه مسلم وفي هذا تحذير لدعاة الضلالة والفتنة والفرقة وتحذير لمن سار في ركابهم عن التمادى في الغى المعرض لعذاب الدنيا والآخرة والواجب التمسك بهذا الدين القويم والسير فيه على الصراط المستقيم المبنى على الكتاب والسنة وفق فهم الصحابة رضى الله عنهم ومن تبعهم باحسان ووجوب تربية النشء والشباب على هذا المنهاج القويم والصراط المستقيم حتى يسلموا بتوفيق من الله من التيارات الفاسدة ومن تأثير دعاة الضلالة والفتنة والفرقة وحتى ينفع الله بهم أمة الاسلام ويكونوا حملة علم وورثة للانبياء وأهل خير وصلاح وهدى ويكرر التأكيد على وجوب الالتفاف حول قيادة هذه البلاد وعلمائها ويزداد الامر تأكدا في مثل هذه الاوقات أوقات الفتن كما يحذر الجميع حكاما ومحكومين من المعاصى والتساهل في أمر الله فشأن المعاصى خطير وليحذروا من ذنوبهم وليستقيموا على أمر الله ويقيموا شعائر دينهم ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. وقى الله بلادنا وجميع بلاد المسلمين كل سوء وجمع الله كلمة المسلمين على الحق والهدى وكبت الله أعداءه أعداء الدين ورد كيدهم في نحورهم انه سبحانه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واقتفى أثره الى يوم الدين. هيئة كبار العلماء رئيس المجلس عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد ال الشيخ صالح بن محمد اللحيدان عبدالله بن سليمان المنيع عبدالله بن عبدالرحمن الغديان د. صالح بن فوزان الفوزان حسن بن جعفر العتمى محمد بن عبدالله السبيل د. عبدالله بن محمد بن ابراهيم ال الشيخ محمد بن سليمان البدر د.عبدالله بن عبدالمحسن التركى محمد بن زيد ال سليمان د. بكر بن عبدالله أبو زيد (لم يحضر لمرضه) د. عبدالوهاب بن ابراهيم ابوسليمان د. صالح بن عبدالله بن حميد د. أحمد بن على سير المباركى د. عبدالله بن على الركبان د. عبدالله بن محمد المطلق