فيما بات (اليورو) عملة مؤثرة في عمليات الصرف، ورفع الاسعار وانخفاضها في بعض السلع والمشتريات بهذه العملة والتنبؤ بانتعاش الاقتصاد في الولاياتالمتحدةالامريكية ، ثارت في الاسابيع الماضية ضجة في السوق العالمية بسبب التغيير المفاجئ والملحوظ في اسعار الصرف بين (اليورو) والدولار الامريكي. وخشيت شركات ضخمة خصوصا بعض الشركات العالمية من الخسارة بسبب عقود قد تم ابرامها مسبقا بالاسعار القديمة قبل ارتفاع اليورو امام الدولار الامريكي، واصبح السوق شبه المخلخل والتنبؤ بظروف اقتصادية متشائمة الى حد ان بعض الشركات طالبت برفع اسعار الادوية المستوردة من تلك البلدان. (اليورو) هو اول عملة موحدة الى الاسواق الاقتصادية ايذانا ببدء الوحدة الاقتصادية والنقدية التي هدفها الاساسي والجوهري، التمهيد امام وحدة سياسية بين دول الاتحاد الاوروبي في المستقبل. وبدخول عام 2000م وبعد بذل جهود مضنية من الاجتماعات والقاء المحاضرات والمناقشات ودفع اموال طائلة لخطوط الطيران العالمية وكذلك الفنادق في تلك البلدان، ناهيك عما لاقاه الوفود من معاناة وألم وقلق نفسي في سبيل الالتقاء في نقطة واحدة يرضى عنها الجميع، شكلت احدى عشرة دولة (11) من دول الاتحاد الاوروبي عملة موحدة تم الاتفاق على تسميتها با (اليورو) وبدأت بالتعامل بهذه العملة. ودول (اليورو) لتعريف القراء بها ، هي : فرنسا ، المانيا، اسبانيا، النمسا، بلجيكا، ايرلندا، ايطاليا، لوكسمبورغ ، البرتغال ، هولندا، فنلندا. وهذه الدول قامت ببناء منطقة اقتصادية كبرى باتت تعرف (بمنطقة اليورو) او (يورولاند) وقد تخلفت عن الانضمام الى هذا الحدث الاوروبي الفريد اربع دول من الاتحاد الاوروبي هي: بريطانيا، اليونان، السويد، الدنمارك، وكان الهدف الرئيسي من اطلاق (اليورو) هو محاولة القضاء على الصعوبات التقنية والفنية الخاصة بتحويل العملة خلال عمليات تبادل السلع والبضائع والخدمات بين الدول الاعضاء وذلك من خلال توحيد اسعار صرف العملات الاوروبية وفق آلية محددة تضمن وجود هامش يمكن للعملات المحلية ان لا تذبذب قيمتها. وقد حدد سعر صرفه في الاسواق الخارجية للمرة الاولى في التاريخ ب 1.174 دولار امريكي، كما حدد سعره في الوقت ذاته ب 133.25 ين ياباني. ويقول خبراء ومسؤولون اوروبيون ان (منطقة اليورو) ستشكل اعظم قوة تجارية في العالم وانها على وشك ان تصبح ندا قويا للولايات المتحدةالامريكية واليابان، وان (اليورو) سيكون موازيا للدولار والين على الساحة المالية والنقدية العالمية، وذلك سيعزز من قوة الشركات الاوروبية ويساعدها على تجنب الازمات النقدية المتكررة. وهذا التنظيم ادى الى استنفار الولاياتالمتحدة لعمل كل مامن شأنه ومهما كلف الامر لرفع عملية الاقتصاد في جميع الولايات بأي وسيلة ممكنة. ويمتاز (اليورو) عن غيره من العملات بانه يمتلك سوقا كبيرة تشكلها الدول ال (11) الاحدى عشرة، مما يعكس الانخفاض المتوقع في تكاليف التعاملات وزيادة الشفافية في الاسعار وسهولة التبادل التجاري بين دول الاتحاد وتوفير نفقات باهظة جدا، كما ذهب بعض الخبراء الى ان (اليورو) سيخفض الاسعار الى نسبة 8% على المدى القريب من تداوله بشكل فعلي في الاسواق العالمية. وعلى كل حال فان انعكاسات (اليورو) على السوق وقيمة الاسعار بدأت تظهر جليا وان منافسته للدولار اصبحت قوية مما حدا بالولاياتالمتحدةالامريكية لاتخاذ كل الاجراءات الوقائية لمواجهة أي حدث او عارض طارئ قد يسببه (اليورو) في بعض الدول التي لها مصالح تجارية مع امريكا وتستخدم اليورو (كعملة رسمية في تلك البلدان). وتنبأت الولاياتالمتحدة ، بل واعلنت ذلك في جميع وسائل الاعلام بأنها على وشك التقدم في مجالي الاقتصاد والصناعة في جميع الولايات، وهذا قد خفف، نوعا ما ، مع بعض المشككين لهذا التنبؤ، والذين لا يتفاءلون بقدوم عصر اقتصادي مزدهر، هذا ، حسب وجهة نظرهم، من خشية انهزام الدولار امام اليورو. وحسب التقارير والتحليلات الاقتصادية والمالية من قبل خبراء متمرسين في مجال الاقتصاد والتجارة العالمية : ان الاقل تأثيرا بحركة (اليورو) هي الدول النفطية الخليجية والعربية التي يتم تحديد سعر نفطها بالدولار الامريكي ومن هنا لا نرى خوفا من تأثر السوق السعودي بسبب اليورو وان ما اقترحه البعض، في عملية اجتهادية، على رفع اسعار بعض الواردات من الدول الاوروبية لا مبرر له، حيث ان اتفاقيات الشركات العالمية لن تتأثر لدى ارتفاع او انخفاض سعر اليورو، وسيظل السعر المتفق عليه هو السائد، فلا داعي لمطالبة رفع اسعار بعض السلع، اقلها في الوقت الراهن لحين اتضاح الصورة واتساع نطاق التعامل الفعلي باليورو ليشمل جميع الدول الاوروبية واكتساحه جميع الاسواق العالمية. واما الاكثر قلقا، ويحق لها ذلك ، فهي الدولة العظمى، الولاياتالمتحدةالامريكية، التي ظلت ولعدة عقود ومازالت المهيمنة والمتحكمة في رفع وخفض الاقتصاد العالمي، وتصر على محافظة هذه الخاصية لها من دون منازع. ويرى المراقبون للسوق العالمي وخبراء التجارة العالمية ان الولاياتالمتحدة بدأت بالفعل في الحيلولة دون وجود منافس قوي لها في السوق فأول ما بدأت به محاولة تحسين بعض الاوضاع الاقتصادية والمالية داخل الولايات وبعدها تعدت الى خارج نطاق القارة الامريكية الى القارة الافريقية فقامت برحلات لخمس دول افريقية لعقد صفقات تجارية وهذه خطوة من عدة اجراءات تنوي امريكا اللجوء اليها للحفاظ على قوة الدولار والمحافظة على عمليات التنظيم والترتيب وتدخل اما بطريقة مباشرة او غير مباشرة في جميع الصفقات التجارية والمالية العالمية.