قال الخبير الاقتصادي زياد الطحش ل"الرياض" إن التحركات التي شهدتها أسواق الأسهم الخليجية في الايام الماضية وتحديدا بعد أن قامت وكالة ستاندرد أند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة أثبت أن هذه الأسواق هي تابعة في تحركاتها بدرجة كبيرة إلى البورصات العالمية خاصة في أوقات الأزمات والانخفاض. وأضاف الطحش أن علاقة الربط هذه بتحركات البورصات العالمية لا بد وأن تكون موجودة، وذلك لسببين رئيسين أولهما ارتباط الاقتصادات الخليجية بالاقتصاد العالمي من خلال سلعة النفط التي تعتمد عليها الدول الخليجية بأكثر من تسعين بالمئة في بعض الأحيان لتمويل ميزانياتها، والسبب الثاني هو ربط العملات الخليجية باستثناء الدينار الكويتي بالعملة الأمريكية وهذا يجعل السياسة النقدية مرتبطة ببعضها البعض على الرغم من اختلاف التركيبة والأسس الاقتصادية بين الجانبين. وأشار الطحش في تصرح خاص ل"الرياض" ان المشاكل التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي وتفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو مع احتمال انتشارها إلى دول ذات ثقل اقتصادي مثل ايطاليا واسبانيا وربما فرنسا وبريطانيا في مرحلة لاحقة, ستخلف عدة انعكاسات سلبية على الاقتصادات الخليجية، يتمثل أولها في تراجع إيرادات النفط، السلعة الرئيسة التي تعتمد عليها الميزانيات الخليجية، وذلك مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي واحتمال دخول الاقتصاد الامريكي مرحلة جديدة من الركود، أما الأضرار الأخرى التي ستلحق بالاقتصادات الخليجية فهي ستكون نتيجة تراجع قيمة الاستثمارات الخليجية في الخارج والتي تقدر بحوالي تريليوني دولار ومعظمها في الأسواق الغربية وبالتحديد في الأمريكية وحوالي 800 مليار دولار منها في السندات الأمريكية. هذا بالإضافة الى الهبوط الكبير المتوقع في الدولار على المدى الطويل نتيجة المشاكل التي يعانيها الاقتصاد الامريكي الأمر الذي سينعكس سلبا على قيمة العملات الخليجية ويفاقم من معدلات التضخم المستورد في المنطقة. هذه المعطيات الاقتصادية الجديدة، ربما تكون قد دفعت الدول الخليجية العربية نحو اتخاذ بعض الاجراءات التي تقلص من المخاطر الاستثمارية المرتبطة بالاقتصادات الغربية ومن بينها تقليص استثماراتها في تلك الاقتصادات والابتعاد عن سوق السندات الأمريكية إلى حين اتضاح الرؤية وكذلك ربما تقوم تدريجيا بزيادة احتياطياتها من العملات الصعبة مقابل الدولار الذي يهيمن على تلك الاحتياطيات في الوقت الحالي وذلك بطريقة تتماشى مع متطلبات التجارة الخارجية لهذه الدول، مع العلم بأن البعض يطالب دول الخليج بفك ربط عملاتها بالعملة الأمريكية، ولكن هذا ليس بالأمر السهل نظرا لعدة أسباب من بينها عدم وجود منازع حقيقي للعملة الأمريكية في المستقبل المنظور ونظرا لأن النفط مسعر بالدولار كما هو الحال بالنسبة للسلع التجارية الرئيسة الأخرى حول العالم، هذا فضلا عن أن نحو 67% من الاحتياطيات العالمية من العملات الصعبة هي بالدولار وكذلك يجب أن لا ننسى أن الدولار يتمتع بأسواق دين وأدوات استثمارية متسعة جدا على عكس العملات الرئيسة الأخرى، وأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال الأكبر في العالم ويشكل 20% من الاقتصاد العالمي، وإلى جانب هذا الثقل الاقتصادي هناك ثقل سياسي للولايات المتحدة حول العالم، يلعب دورا مهما في إبقاء عملتها، العملة التجارية المهيمنة على العالم في المدى المنظور. في هذا الجانب ربما بإمكان دول الخليج العربية إعادة تقييم عملاتها مقابل الدولار أي رفع قيمة هذه العملات مع بقاء عملية الربط قائمة ولكن قد يكون لذلك أثر سلبي على الأصول الخليجية في الخارج إذا ما تم تسييل هذه الأصول. أيضا في المقابل قال الطحش أنه قد ترى بعض دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحالي أنه من الأفضل عدم رفع قيمة عملاتها لأنها تنفق أموالا كبيرة على تطوير قطاعاتها الخدمية خاصة السياحية ومنها بالفعل يعنمد على السياحة كثيرا وتحاول هذه الدول جذب الاستثمارات الأجنبية إليها ودعم بعض القطاعات الاقتصادية التي تضررت بالأزمة المالية العالمية مثل القطاع العقاري، لذلك من الأجدى إبقاء سعر الصرف عند مستويات تنافسية لجذب تلك الاستثمارات إلى الاقتصادات المحلية.