قبل أن يتوجه حسين ابو عيد الذي أفرجت عنه اسرائيل الى منزله في قرية وادي السلقا بقطاع غزة اسرع وسط اجواء حزينة ومؤثرة لزيارة قبور ولده الوحيد وأمه وجدته التي عرف للتو انها قتلت في قصف اسرائيلي خلال سنوات سجنه الاربع عشرة. وبعد ان استقبله عدد من الاقارب وحملوه على الاكتاف احتفالا بالافراج عنه لدى وصوله الى حاجز الامن الفلسطيني قرب معبر بيت حانون (ايريز) شمال قطاع غزة، اصطحبوه في موكب من سيارتين الى قريته وادي السلقا وسط قطاع غزة. لكن قبل الوصول الى اطراف القرية الصغيرة اخبره احد الاقارب بوفاة ابنه الوحيد بلال في حادث سير قبل عامين وأمه قبل ستة اشهر بمرضها وجدته فاطمة (80 عاما) التي لاقت حتفها جراء قصف الدبابات الاسرائيلية لمنزل العائلة. ولم ير حسين ابو عيد (33 عاما) ابنه الوحيد بلال ولو مرة واحدة منذ ان ولد بعد اقل من ستة اشهر على اعتقاله كما روى لفرانس برس ابن عمه عمار (23 عاما). وطلب ابو عيد وقد تحولت ابتسامته العريضة وفرحته الغامرة بخروجه من السجن الى غضب ممزوج بحزن شديد، التوجه فورا الى مقبرة القرية. وما ان وصل الى منزله المتواضع الذي كان وحيدا قرب موقع كيسوفيم العسكري الاسرائيلي لدى اعتقاله حتى افترش ابو عيد علما فلسطينيا وصلى عليه فيما التف حوله العشرات من افراد العائلة والجيران وسط البكاء وتوزيع الحلوى. وبكلمات متقطعة قال ابو عيد الذي امضى 14 عاما من اصل 15 عاما لمحكوميته بتهمة الانتماء الى حركة الجهاد الاسلامي، لم يعد طعم للفرحة فالاحتلال دمر كل شيء. واستطرد والدموع تنهمر على وجنتيه انها لحظة مؤلمة فقدان الاحبة. لكن سأشعر بالفرحة بالتاكيد حينما ارى كل الاسرى بين ذويهم وعائلاتهم. ومن بين المعتقلين ال 334 الذين افرجت عنهم اسرائيل من اصل لائحة من 352، وصل بعد ظهر امس 27 الى مناطقهم المختلفة في قطاع غزة. ودخل المفرج عنهم عبر حاجز بيت حانون (ايريز) سيرا على الاقدام حتى وصلوا الى حاجز الامن الوطني بالجانب الفلسطيني من المعبر حيث كان في استقبالهم العشرات من عائلاتهم وهم يحملون اعلاما فلسطينية وصورا لمعتقلين وسط هتافات الحرية للاسرى ولا سلام دون الافراج عن كل الاسرى. فيما حمل بعضهم عددا من المفرج عنهم على الاكتاف وساروا بهم. ولم يكن في استقبال هؤلاء المعتقلين اي من المسؤولين في السلطة الفلسطينية او الفصائل الفلسطينية. وقد امتزجت مشاعر المحررين بالفرحة والحزن معا لاسيما ان العدد الاكبر منهم لم يبق لهم سوى فترات قصيرة من محكومياتهم او من السجناء الاداريين. وعبر بعضهم عن خيبة امل كبيرة ازاء عدم افراج اسرائيل عن جميع الاسرى. وقال محمد ابو ضاهر (27 عاما) من سكان دير البلح وسط القطاع، الذي افرج عنه ضمن هذه الدفعة، اشعر بالخجل لان الابطال الحقيقيين ما زالوا وراء قضبان السجون الظالمة. واضاف ابو ضاهر الذي امضى 27 من اصل 36 شهرا بتهمة الانتماء الى حركة حماس ان الافراج عن معتقلين اليوم خدعة اسرائيلية كبيرة، مشددا على ضرورة الافراج عن كل الاسرى دون تمييز. من جهته عبر عبد الله اسعد (33 عاما) شقيق بهاء اسعد الذي فجر نفسه في موقع للجيش الاسرائيلي قرب مستوطنة كفر داروم في دير البلح قبل حوالي عامين، انه يشعر بفرحة قليلة ممزوجة بحزن شديد. واضاف اسعد الذي لم يتبق له سوى ثلاثة ايام للافراج عنه حيث امضى ثمانية اشهر تقريبا قيد السجن الاداري، لن تكتمل الفرحة لكل شعبنا الا بالافراج عن جميع الاسرى والمعتقلين وبرفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات، في مقره برام الله. وقال حمدي شعث وهو من خان يونس جنوب قطاع غزة، ينتمي الى حماس وقد امضى 13 عاما من اصل 14 عاما من مدة حكمه: رسالة المعتقلين في السجون ان هذه هي خدعة اسرائيلية. لقطات تجسد مشاعر الأبوة والطفولة الفلسطينية في لقاء تم انتظاره طويلا