أكد تقرير حديث أن تطور التقنيات خلال الأعوام القليلة الماضية أسهم في تعزيز قدرة الولاياتالمتحدةالأمريكية على الوصول إلى احتياطات غير تقليدية ضخمة من النفط والغاز، الأمر الذي مكنّها من تبوّء مراتب متقدمة بين منتجي النفط والغاز عالمياً، والحد من حجم وارداتها من تلك المنتجات. وأشار التقرير الصادر أمس عن شركة جدوى للاستثمار بعنوان «التوقعات المستقبلية لقطاع النفط والغاز غير التقليدي»، إلى أن معدلات الإنتاج من هذه المصادر قد لا تنمو بالسرعة والحجم اللذين يتوقعهما العديد من المراقبين، وذلك نظراً لمحدودية معدلات إنتاج النفط من الطبقات الحجرية المحصورة، والانخفاض الحاد في وتيرة إنتاج آبار النفط الحجري والغاز الصخري، فضلاً عن تبدّد الجدوى الاقتصادية لعمليات الاستخراج من بعض الآبار الصخرية، نظراً لتدني أسعار الغاز الطبيعي في الولاياتالمتحدة، والناتج بدوره عن ارتفاع حجم المعروض بوتيرة متسارعة. وأشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن حجم إنتاج الطاقة المحلي في الولاياتالمتحدة وصل خلال شهر نوفمبر الماضي إلى ما معدله 8 ملايين برميل من النفط يومياً. وكانت منظمة الأوبك (OPEC) قد أعلنت أن حجم الطلب على النفط الخام الذي تنتجه الدول الأعضاء في المنظمة، سيصل خلال العام المقبل إلى ما معدله 29.57 مليون برميل نفط يومياً، أي بانخفاض قدره 300 ألف برميل يومياً عن العام 2013، ويُعزى هذا الانخفاض في حجم إنتاج منظمة الأوبك إلى ارتفاع حجم إنتاج الدول غير الأعضاء في المنظمة، وفي الولاياتالمتحدة وكندا على وجه التحديد. وأوضح الدكتور فهد التركي، رئيس قسم الأبحاث والدراسات في الشركة، أن الوقوف على أسباب ازدهار قطاع النفط الحجري والغاز الصخري في الولاياتالمتحدة عبر السنوات الأخيرة، يتطلب منّا إمعان النظر في آلية العرض والطلب الكليّة للنفط والغاز في الوقت الراهن والمستقبل. وقال التركي: «نرى أن الأثر الفعلي للارتفاع في حجم إنتاج الولاياتالمتحدة للنفط الحجري والغاز الصخري، على المملكة العربية السعودية تحديداً، هو في تقليص التفاوت بين أسعار الخامات الثقيلة والخفيفة من جهة، مما قد يؤثر على آلية تكرير النفط في أوروبا. ومن جهة أخرى، قد تؤثر هذه الطفرة على قطاع الصناعات البتروكيماوية، نظراً لانخفاض تكلفة الغاز الطبيعي المسال الناتج عن عمليات استخراج النفط الحجري والغاز الصخري، والذي يُعد عنصراً أساسياً لهذه الصناعات». وأضاف: هذا يعني بالتالي أن أرباح الصناعات البتروكيماوية في المملكة قد تتأثر سلباً بشكل نسبي نتيجة التكلفة المنخفضة للغاز الطبيعي المسال، الأمر الذي قد يشجع بعض الشركات السعودية العاملة في القطاع على التوسع بعملياتها في الولاياتالمتحدة، لكي تحقق أكبر قدر من الفائدة من توفر المواد الأساسية بتكلفة منخفضة. وأكد التركي أن الطلب المحلي المرتفع والمتنامي للمشتقات النفطية يبقى أبرز التحديات التي يواجهها القطاع بالمملكة، ويزداد هذا الوضع تعقيداً نظراً لانخفاض الأسعار في السوق المحلية، ما يؤثر على القرارات الاقتصادية الداخلية، ويحدّ من حجم الدخل الناجم عن عمليات تصدير النفط السعودي. وقد تطرّق التقرير إلى الدور الذي ستلعبه المصادر الأخرى غير التقليدية للنفط والغاز، بما في ذلك الآبار البحرية العميقة، والرمال النفطية، والنفط الثقيل، وأوضح التقرير كيف ستغدو هذه المصادر مجدية اقتصادياً في حال نضوب المصادر التقليدية وتطور التقنيات وارتفاع أسعار النفط. ويتناول التقرير الذي تم إعداده بناءً على عدد من الدراسات الفنيّة والأبحاث والتقارير المختصة بالقطاع، إلى جانب المواضيع الصحافية ذات الصلة، التأثير المحتمل لطفرة النفط الحجري والغاز الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومناطق أخرى في العالم على قطاع الطاقة عالمياً، ومكانة المملكة العربية السعودية ضمن هذا القطاع على المدى الطويل.