تفيض التساؤلات من رؤوسنا، ويستولي علينا الخوف من المستقبل، وتمتلئ قلوبنا رعبا مما يجري، وتشل المطالب والأخطار من حولنا قدراتنا على التفكير. نخوض في اللجة ونشرف على الغرق فيتذكر أحدنا أنه سمع عن شخص يقرأ الطالع (ويعرف الخافي!) يدعي أنه ينتشل المرء من متاعبه كما يسحب الشعر من العجين..! يسرع إليه فيجد رجلاً أو امرأة بثياب رثة وفي مكان يفتقر إلى مقومات النظافة والترتيب، وترصد عيناه البؤس والجهل، في كل ركن من المكان ويطرح همه ويرمي " بياضه" فتتدفق الأكاذيب من فم المشعوذ ويكون بعضهم ذكياً فلا يدلي للزبون بأكثر من مجموعة من النصائح. يخرج الزبون المغفل وهو يمني النفس، بأن يحدث ما قاله " العراف" ويتعهد في سريرته بأن يكافئة بسخاء لو صح كلامه. وينسى ذلك المغفل أنه كان من الذين يسبون الشعوذة والمشعوذين ويطالبون باستئصال كل بؤر الدجل والفساد في المجتمع فلماذا نفعل هذا في أنفسنا؟!! انها الهزائم المتكررة التي منينا بها والمستقبل الشاحب الذي ينتظرنا والتربية التي نشأتنا على الاستسلام لكل شيء والتسليم بكل شيء..! والكارثة أن الجري وراء الدجالين ليس صفة الجاهلين فحسب إذ أن أكثر زبائنهم متعلمون بل ومثقفون، ممن يرجى منهم الخير لأمتهم وان زعم بعضهم أنه جاء إلى المشعوذين ليسلي نفسه. أننا ننشد السعادة بين أيدي أشقياء غارقين في التعاسة أننا ضعفاء حتى في الغفلة والمسكنة. أليس كذلك؟!!!! سعد محمد البطيح