اكثر ما يؤثر في ابنائنا حديثي العهد بالسياقة هو سحب الرخصة ان كنتم تفكرون بقوانين لعقوبات رادعة تحد من حوادث السير, عدا ذلك فمهما رفعت من قيمة الغرامة المالية فان ذلك لن يزيد من حذره قيد أنملة, فلن يشعر الابن في ايامنا هذه بالقيمة النقدية التي يدفعها ابوه نيابة عنه, ولم تعن له المائة دينار ولن تعني له حتى الالف دينار شيئا يذكر, انما الشيء الوحيد الذي سيحسب له الف حساب وسيجعله ملتزما بالسرعة القانونية وبالتعليمات المرورية هو عقوبة سحب الرخصة منه, ان مجرد التفكير بتلك العقوبة يهز بدنه, وحدها تلك العقوبة المؤثرة والمخيفة التي ستجعله اكثر حذرا من العجائز في سيره ان هو تأكد من تطبيقها, اما العقوبات المالية فلن يشعر بألمها مادام التعيس أبوه دفع سابقا وسيدفع مستقبلا, ولن يغير من الامر شيئا بالنسبة لهؤلاء الابناء ان كان أبوهم مقتدرا ام لا فلقد تبلد شعور الابناء تجاه والديهم بشكل يدعو للعجب!! اما هذه الرخصة فهي تعني له اكثر بكثير مما تعني له معاناة ابيه, فهو قد حصل عليها من بعد (طول انتظار) ومن بعد (معاناة) جرب فيها كل انواع الرجاء والتوسل ليتوسط له ابوه كي يحصل عليها قبل السن القانوني, فان نجح كان بها والا سيظل (يعاني) الى ان يستلمها في يده حتى يجري بها على رفاقه الذين مازالوا على قائمة الانتظار كي يفاخر بانجازه امامهم. تؤكد الاحصائيات ان اكثر مرتكبي الحوادث هم من السائقين الذكور وان اعمارهم تقل عن العشرين عاما وان اغلب الحوادث يرتكبها حديثو العهد بالسياقة, كما تؤكد الاحصائيات ان اغلب اسباب تلك الحوادث السرعة الزائدة, بمعنى ان من يرتكب تلك المخالفات ويتسبب في تلك الحوادث المميتة هم من الطلبة الذين لا يعملون وليس لهم مدخول, بمعنى آخر انك تزيد العقوبة على الاب (الكفيل) لا على السائق حين تفكر بزيادة العقوبة المالية كرادع. اذا لنجرب هذه المرة التفريق بين السائقين المخالفين, من حيث مدة حصولهم على الرخصة, ولتكن عقوبة المخالفات المرورية خلال السنة الاولى تمس السائق لا تمس مالك السيارة, فان ارتكب مخالفة السرعة مثلا او تجاوز اشارة المرور في الاشهر الثلاثة الاولى من حصوله عليها تسحب منه مدة ثلاثة شهور, وان ارتكب المخالفة مرة ثانية خلال الستة اشهر الاولى تسحب منه لمدة ستة اشهر, صدقوني ان تلك العقوبة رادعة بشكل فعال بل ومرعبة ان فكر بها ابناؤنا حديثو العهد بالرخصة, فهي تعني بالنسبة لهم المرور (بمعاناة) انتظارها من جديد وهذه معاناة لن يطيقوها أبدا, وستجبرهم على السياقة بحذر شديد مما سيعطيهم فترة تدريب قسرية تطول لمدة سنة على سياقة حذرة وهادئة وهذا ما نرجوه منهم وما نتمناه لصالحهم, شرط ان يطبق القانون على الكل دون استثناء ودون وساطات حتى نضمن سلامتهم ونضمن سلامة مستخدمي الطريق, وشرط توافر سيارات مراقبة كافية على الطرقات, فهم بحاجة للتدرب على السياقة بحذر وخوف بدلا من الاستهتار بالنتيجة والاستهتار بالغرامة التي لن يغرموها على اية حال, اردعوهم بشيء ذي قيمة بالنسبة لهم, ونقولها وكلنا اسف, نقولها وقلوبنا تنفطر ألما لا على الاباء بل على الابناء الذين ما عادوا يرون في ابائهم سوى مكائن للصرف الالي!!