صدر حديثا كتاب (آثار المنطقة الشرقية) متزامنا مع فعاليات صيف الشرقية (غير جو). ويأتي الكتاب الذي يقع في 217 صفحة وثائقيا وتعريفيا لأصالة ماضي الشرقية التليد وعراقة الحاضر الزاهر, وزود بمجموعة كبيرة جدا من الصور الفوتوغرافية الملونة بلغت 175 صورة, التقطت بمهنية واحترافية عالية, بالاضافة الى صور مختارة من مقتنيات المؤلفين, الامر الذي يتيح للقارىء مشاهد حقيقية, وصورا نادرة لآثار المنطقة وبعض المقتنيات النادرة والتي ربما لم تتح الفرصة لكثير من القراء اوزوار متاحف المنطقة مشاهدتها من قبل, قد صدر الكتاب بكلمة لوزير التربية والتعليم ورئيس المجلس الاعلى للآثار د. محمد بن احمد الرشيد, بينما قدم للكتاب المشرف العام د. سعد بن عبدالعزيز الراشد, وكيل الوزارة للآثار والمتاحف, وقد شارك في تأليفه نخبة من الباحثين المشهود لهم بالتميز والدراية والتخصص وهم: فهد بن علي الحسين, المحاضر بقسم الآثار والمتاحف بجامعة الملك سعود بالرياض, والذي عمل رئيسا لفريق التأليف, وتولى تحرير مواد الكتاب واعادة صياغتها, والدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الدوسري, الاستاذ المساعد بجامعة الملك سعود, والدكتور علي بن صالح المغنم الوكيل المساعد للآثار واول أمين للمتحف الوطني بالرياض, والمؤرخ الأديب الشيخ عبدالرحمن الملا المؤرخ المعروف, واحد ابرز المهتمين بتاريخ المنطقة, والدكتور عبدالله السعود أمين المتحف الوطني حاليا. ويتناول الكتاب بالعرض والشرح المبسط مجموعة كبيرة من المواقع الاثرية المختلفة, وقد جرى تبويبها متسلسلة تاريخيا في ستة مباحث رئيسية, بهدف اعطاء نظرة شاملة لآثار المنطقة, ومترابطة حسب سياقها التاريخي الذي نشأت فيه حيث جاءت على النحو التالي: المبحث الاول: موقع المنطقة وجغرافيتها, وهي مقدمة ضافية تحدث فيها عن الموقع الجغرافي, والمساحة, واورد اسمها القديم وهو اقليم البحرين, وهو اقليم واسع اخذت المنطقة مساحة كبيرة منه, وضم تقسيمه الاداري بلاد هجر والتي تعرف حاليا بمحافظة الاحساء, وبلاد الخط والتي تعرف حاليا بمحافظة القطيف, ثم تناول الكتاب ما ورد عن المنطقة في المؤلفات العربية القديمة. المبحث الثاني: خصص لآثار المنطقة في عصور ما قبل التاريخ, وفيه حديث عن الجماعات السكانية لأوائل شعوب المنطقة, والتي كانت تعيش متنقلة بين غاباتها الاستوائية والبحيرات الضخمة, وقد اجبرت تلك الجماعات الى النزوح الى الواحات حيث المياه الوفيرة, والشواطىء البحرية, بسبب حدوث تغيرات مناخية مفاجئة سجلت آثارها منذ قبل سبع عشرة الف سنة, كما تحدث عن اقتصاد حضارة العصر الحجري الحديث, والذي سجلت آثاره منذ ثمانية الاف سنة البدايات الاولى التي تشكلت فيها مدن المنطقة وقراها الحالية, ولعل اشهر مواقع آثار هذه الحقبة صحراء الربع الخالي, والتي عثر بها على اقدم الأدلة على الاستيطان البشري في المنطقة, بالاضافة الى آثار واحة يبرين, كما تحدث عن واحة الاحساء كواحدة من اهم مواقع الاستيطان, وعرض فيها لأصل اشتقاق اسم الاحساء الذي جسد وفرة المياه الطبيعية المختزنة تحت اراضيها, واشتمل العرض عن اقدم عيون الاحساء الأثرية والتي ارخت ما قبل عام 4300 ق. م مع اشارة لأهم مواقع الواحة ومنها الهفوف, والمبرز, والعيون, والطرف والكلابية وجواثا كما عرض الكتاب لموقع عين قناص شمال محافظة الاحساء, ومواقع: الدوسرية, وعين المسبح, وابوخمسين, وجزيرة جنة وهي مواقع يرجع تاريخها ما بين 7265 - 3100 ق. م. المبحث الثالث: وخصص لعرض آثار عصور فجر التاريخ, وهي الفترة التي شهدت البدايات الباكرة لنشأة الكتابة الاولى, وقد عرض الكتاب لآثار اقدم حضارة شهدتها المنطقة والتي عرفت بحضارة العبيد وقد كشفت الادلة ان المنطقة المركز الرئيس الذي انبثق منها وهج هذه الحضارة الباكرة, والتي كانت نواة لتكوين الحضارة السومرية. وفي وقت لاحق وقد عثر على آثار هذه الحضارة في عدد من المواقع ومنها قلعة تاروت, وهي قلعة يقع تحت جدرانها اساسات مبان قديمة تعود على الأرجح الى نهاية الالف الرابعة وبدايات الالف الثالثة ق. م, وربما كانت تضم بقايا آثار المعبودة الوثنية عشتاروت والتي اشتق اسم مدينة تاروت منها, كما تضمن هذا المبحث نبذة عن آثار مواقع عصور ما قبل التاريخ البارزة ومنها: موقع فريق الاطرش, وموقع مدافن جنوبالظهران, وموقع الرفيعة, ومدافن قرية الربيعية, ومدافن بقيق, وموقع ومستوطنة رأس قرية وهي مواقع ترتبط بحضارة ديلمون بالاضافة الى حضارة جرهاء. المبحث الرابع: وعرض فيه لآثار عصور ما قبل الاسلام: وتحدث فيه عن بروز الدور الحضاري لعدد من مدن المنطقة منذ نهاية حضارة ديلمون, وبداية ظهور حضارة الجرهاء العربية, واخيرا ظهور الممالك العربية التي حكمت المنطقة وقد اشتمل العرض آثار مواقع هذه الفترة ومنها: مدافن عين جاوان, وثاج, وعينين جنوب غرب الجبيل, وموقع طوي الشلب, والدفي, بالاضافة لتوثيق القنوات المائية المبنية تحت الارض في كل من القطيف وحول جواثا وشمال مدينة العمران بالاحساء. المبحث الخامس: وخصص للحديث عن آثار المنطقة في العصور الاسلامية وقد استعرض الكتاب دخول سكان المنطقة في الاسلام في السنة الاولى للهجرة, وعودة وفد المنطقة الذي قابل النبي صلى الله عليه وسلم, حيث بنى اول مسجد جمعة بجواثا, وهو مسجد ذكر خبره في صحيح البخاري براوية عن ابن عباس من انه اول مسجد صليت فيه الجمعة بعد المسجد النبوي في المدينةالمنورة, وقد عرض الكتاب لآثار موقع جواثا ومسجدها, تتبع فيه مخطط المسجد وعناصره المعمارية المكتشفة خلال مراحل تطور عمارته, بالاضافة الى الحديث عن عين جواثا الأثرية كما عرض الكتاب لميناء ومستوطنة العقير حيث عولج تاريخ الميناء واصل التسمية, والتي لحقها دمار كبير بسبب الحريق الذي تعرضت له عام 424ه, على يد زعيم جزيرة اوال, كما تناول الكتاب عرضا لموقع دارين, ومدينة الاحساء التاريخية والتي ضمت موقع قصر قريمط والذي شكل قصر الامارة بمدينة المؤمنية خلال الفترة الجنابية, ووصفا للأثر الوحيد المتبقي من ابنية الدولة العيونية, وهو مسجد الأميرة هبة بنت عبدالله بن علي العيوني والمؤرخ بين عام 469 - 520ه, كما عرض ايضا لمسجد الجبري وهو العلامة البارزة لدولة الجبور خلال القرن الثامن الهجري, في حين تناول بالعرض وصف سوق القيصرية بالاحساء, فتحدث عن مشاهدات الرحالة ويليام بلغريف الذي زار الهفوف عام 1269ه, وعرض الكتاب لتاريخ نشأة السوق منذ ايام الدولة الجبرية, وتطوره خلال الفترة العثمانية الاولى ما بين عام 957 - 979ه, كما عرض لآثار قصر المجصة جنوب الطرف والذي يعود الى ايام الدولة الجبرية, وقصر ابراهيم والذي عالج فيه بعض القضايا المضطربة حول اسمه, وتاريخ بنائه, بالاضافة الى وصف العناصر المعمارية للقصر ووظائفها, وتلا ذلك الحديث عن قصر صاهود كواحد من اوائل قصور الدولة السعودية الاولى, ثم تلاه وصفا لقصر خزام بالهفوف, وقصر محيرس, وقصر الوزية والتي تمثل نقاط مراقبة وحماية موزعة على طول طريق الدرب السلطاني المتصل بشمال الاحساء, كما عرض ايضا الى عدد من قلاع الدولة السعودية الحديثة خلال بدايات توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز ومنها: قلعة نطاع, وقصر العالي شمال شرق قرية العليا واخيرا قدم الكتاب وصفا لمنزل البيعة, وهو البيت الذي بات فيه الملك عبدالعزيز في ليلة فتح الاحساء بتاريخ الخامس عشر من شهر جمادى الثانية عام 1331ه. المبحث السادس: خصص لعرض ابرز الاعمال الأثرية التي تمت بالمنطقة واستعرض فيها تاريخيا البدايات الاولى لاعمال الرحالة الاجانب والباحثين الذين زاروا المنطقة, وكتبوا الكثير من الملاحظات والتقارير عن ابرز آثارها, بالاضافة الى عرض لاعمال ابرز الباحثين الوطنيين الذين كتبوا دراسات آثارية متخصصة عن المنطقة, وختم هذا المبحث بأهم انشطة وكالة الآثار والاعمال التي نفذتها منذ قيامها. واخيرا ختم الكتاب بخاتمة شاملة ابرزت اهم الادوار الحضارية التي لعبتها المنطقة عبر عصورها المختلفة. والجدير بالذكر ان الكتاب صدر ضمن سلسلة كتب عن آثار مناطق المملكة الثلاث عشرة, ويعود الفضل لاخراج هذه السلسلة الى لفتة كريمة من صاحب الأيادي البيضاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود, النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء, ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام, والذي تكفل بتمويل المشروع بالكامل بمبلغ سخي, وقد ارتأى سموه في هذا المشروع الثقافي دور الآثار كواحدة من ادوات التواصل الثقافي بين حضارات العالم المعاصر وكان يهدف سموه من هذا العمل حمل رسالة انسانية عالمية للحوار الثقافي بين الحضارات, ونافذة يطل من خلالها المثقفون على حضارة المملكة وثقافتها العريقة, والتي تجسد رؤيته المعاصرة للانسان السعودي بما يسهم في خلق صورة ايجابية عن المملكة العربية السعودية ودورها الحضاري خلال حقب التاريخ. هندسة اسلامية بقايا قصر