جمال الجنادرية ، قرطاجة ، المربد .. مهرجانات لها بصماتها في الوطن العربي ثقافيا وفنيا ، نستعير ولو جزءا من جمالها لنعطيه لمهرجان الصفا للأعراس الذي أقيم بمدينة صفوى لزفاف 54 عريسا وعروسا ، فقد كان فرحا وثقافة وفلكلورا وأهازيج ، وشعرا وفنا .. على أصوات جميلة من بعثة من عمق التاريخ أقيم مهرجان الزواج الجماعي الخامس عشر في صفوى، ورغم حرارة الجو التي بلغت الاربعين درجة إلا أن الفعاليات أقيمت بكاملها في جو من البهجة والسرور، ولعل انحسار الرطوبة أدى إلى تواصل الفعاليات لساعة متأخرة من الليل .. تكرر المشهد بصورة أقل في مهرجانات سيهات ومناطق أخرى بمحافظة القطيف في نفس الليلة. وتعتبر صفوى في مقدمة المهرجانات الناجحة إذ أنها في كل سنة تحصد الآلاف من الجماهير التي تبقى ملازمة جميع فعالياتها حتى النهاية بخلاف بقية المناطق التي يكثر فيها الحضور في أوقات معينة كوقت تناول وجبة العشاء ووقت عرض المسرحية إن وجدت. وقد شهدت مهرجانات المنطقة تراجعا بشكل لافت للنظر خلال السنوات الماضية ، بما فيها مهرجان سيهات الذي كان ثاني مهرجان يقام في المنطقة .. ويعتقد الكثير من الناس أن مهرجانات الأحساء بدأت تخطف الأضواء من مهرجانات محافظة القطيف لولا وجود مهرجان صفوى، حيث زفت الخميس الماضي قرابة الخمسمائة عريس وعروس فيما لم تتجاوز مهرجانات القطيف حاجز المائة. التجدد والتميز والممميز في مدينة صفوى ان المهرجان يبدو وكأنه يعقد للمرة الأولى أو أنه يعقد في مناسبة احتفائية كبيرة كتلك التي تعقد في دول لها سمعة وعراقة على مستوى دولي إذ يحافظ على حيويته وتجدده موسما إثر آخر ، وتتكاتف طاقات المدينة كبيرها قبل صغيرها لإخراج احتفالهم بالصورة التي تجعله علامة بارزة في عامهم ، ويجعلون جميع أهالي المنطقة يقصدونه ويستمتعون ببرامجه . وعليك أن تتأكد إذا زرت مهرجان صفوى من فعالياته فهناك معرض فنون تشكيلية كبير يضم مجموعة من اللوحات لفناني وفنانات المنطقة على مساحة كبيرة ، وبالإضافة إلى ذلك فهناك باترينات عرض لبيع بعض المنتوجات ذات الطابع التراثي ومعروضات لتحف نادرة ونسخة للقرآن الكريم ترجع طباعتها لما قبل 167 سنة، وهي مقتنيات فردية لأشخاص من مدينة صفوى، وعندما تحدثنا للشخص الذي يعرضها اسهب في ذكر تاريخها . وقبل أن تستقر في ركن التصوير الضوئي المجهز بأدوات حديثة عليك أن تستمع من إذاعة المهرجان المتميزة إلى لقاءات متعددة مع الضيوف الذين يزورون المهرجان بعضهم من دول الخليج وبعضهم من المقيمين العرب، وقد أجرى المذيع لقاءً مع محرر (اليوم) أشار فيه إلى التحقيق الذي نشر قبل أيام عن المهرجان، وكانت انطباعات المذيع تشير إلى التعاون الجيد بين المهرجان والصحافة المحلية. لترجع بعد ذلك إلى ركن التصوير لتتعرف على ذلك الركن الذي يضم زاوية تراثية صغيرة عن بعض المهن التي اندثرت وهي مهنة صناعة الخوص، وتسمى في بعض المناطق ب (السّف) وبإمكان الزائر أن يأخذ صورة مجانية بجانب هذا الركن ، ويمكن أن يستلم الصورة بعد دقائق على ورق أبيض عادي من جهاز الكمبيوتر المجهز بطابعة حديثة. العودة للتاريخ وقال أحمد آل حسين إن ما يميز مهرجان صفوى أنه يحاول أن يجمع بين القديم والجديد، فتتمكن بذلك من التوفيق بين جميع الطبقات في المجتمع، فنلاحظ في بعض المهرجانات غياب فئة كبار السن لأنهم مهملون ولا أحد يعتني بهم. ويؤكد ذلك أبو أحمد قائلاً: بالفعل عندما أحضر إلى المهرجان أجد المتعة مع أقراني من كبار السن، وكذلك الشباب هنا كلهم يمثلون طبقة واحدة، خاصة أن هناك بعض الفعاليات التي تذكرنا بماضينا الذي نشتاق له ونحب أن نتذكره باستمرار. ويضيف علي آل إبراهيم (من كبار السن أيضاً) قائلاً: ألم تشاهد المنظر الجميل للأولاد وقت حضور المعاريس برقصتهم البسيطة وأنغام الأغنية الشعبية الخفيفة؟ ألم تذكرك ايا بو محمد (مخاطباً زميله) بأيام زمان يوم زواجك ؟! ويضحك أبو أحمد قائلاً: أيام راحت يا ليتها تعود، مستدركاً: مهرجان صفوى لم يقصر، وعندما سألناه ألا تعتقد أن الزواج بشكل منفرد أفضل، قال (الله لا يعودها) لا تقولها يا ولدي! واستغرب أن أحداً في ظل مهرجان الزواج الجماعي أن يتزوج بمفرده، معتقداً أن هذا الزواج بركة ونعمة من الله ويجب أن نتمسك بها. المجتمع المدني وتتسع الصالة الرئيسية التي تقام فيها الفعاليات الرئيسية والتي تضم المسرح ومنصة العرسان وشاشة كبيرة للعرض، أكثر من اربعة آلاف شخص من الشباب والأطفال والآباء وكبار السن، ويحضر أيضا مجموعة كبيرة من رجال الدين من مختلف المناطق ويساهمون في دفع حركة سير المهرجان من خلال تعاونهم ودعميهم المادي والمعنوي ويعتبر الشيخ يوسف سلمان المهدي المؤسس للمهرجان أحد هؤلاء وهو من وجهاء صفوى الداعمين للمهرجان منذ بداية تأسيسه ، ويقول ان المهرجان اضافة مميزة للعمل الاجتماعي الذي يعمق روح الالفة والمحبة بين المجتمع ، كما يجمع شريحة كبيرة من المجتمع في نسق واحد وعمل جمعي يتفقون فيه على مبادئ مهمة منها ، تسهيل شعيرة الزواج بتكاليف بسيطة ، ومساعدة المحتاجين من الشباب على الزواج وسط فرحة عامة للمجتمع لا تتسنى لمن يريد ان يحتفل مهما صرف من أموال للحصول عليها . ويضيف الشيخ يوسف ان قيمة أي عمل تكمن في أهدافه ونتائجه ، ومهرجانات الزواج الجماعي تحمل على كاهلها الحد من الاسراف في الزواج ، وتهيئة الفرصة لإكمال نصف الدين للراغبين في الزواج الذين يرون في تكاليفه منفرا منه ، أو على أقل تقدير مشروع مؤجل يترك للظروف ان تسمح به . ويرى ان المؤسسات مطالبة بدعم هذه المشاريع الخيرية ، وهو جزء من واجبها تجاه المجتمع ، ومساهمتها في تذليل العقبات يشجع على نمو المجتمع وازدياد المؤسسات الخدمية التي تحقق التكافل الاجتماعي ، كما تنصب على عاتقها مسؤولية نمو مشاريع المجتمع بشكل عام . واشار الشيخ يوسف الى ضرورة تفهم بعض الجهات لحاجة المجتمع الى مؤسسات المجتمع المدني ، بما يعني مساعدتها في توفير البنية التحتية التي تضمن استمرارها ونموها (وهذا اضعف الايمان) ، كما ان الاهتمام بها هو جانب آخر من جوانب المساهمة في نموها ، وللأسف الشديد فان تراجع بعض مهرجانات المنطقة ، كان يجب أن يلقى مراجعة من الجميع ودراسة للأسباب التي ادت لذلك ، فهي خسارة للجميع تدعو للحزن ، وتراجع يدعو للوقف مليا أمامه . مهرجان النساء ويقول هاشم الشرفا رئيس مهرجان صفوى إن وقوف هذه الشخصيات الاجتماعية مع إدارة المهرجان من أحد الأسباب القوية في صموده وتطوره حتى هذه اللحظة، مضيفاً إن تعاون جميع شرائح المجتمع يجعل أي مشروع خيري يعطي بشكل أكبر ويستمر لفترة أطول مما لو كان المشروع فردياً أو قلة هم الذين يتعاونون على قيامه . وأشار الشرفا إلى الورقة التي قدمها في اللقاء السنوي لمهرجانات المنطقة حول إدارة المشاريع الخيرية وضرورة أن يتواءم العمل المنظم مع التوفيق والتوكل على الله .. مؤكداً ان هذا المهرجان ناجح بجميع المقاييس ، مشيرا الى ان اجتماع النساء في ليلة التبريك كان له دور كبير، حيث يعد عملاً كبيراً ويحتاج لفترة لكي نكرس هذا المجهود. كما يحتاج العمل النسوي في هذا المجال إلى تنظيم أكثر والتعود على اللجان. وفيما إذا كان يتوقع أن يقام مهرجان متكامل خاص للنساء في الموسم القادم قال إنه لا يتوقع ذلك مشيراً إلى أنه يمكن أن يحدث بعد مهرجانين أو ثلاثة على الأقل، مستدركاً ان عدد المتزوجين في المهرجان القادم سيزداد بشكل أكبر ، نظراً لاقتناع النساء بحضور الحفل المخصص للنساء، وبما أنه نجح فقد حظينا بدعم إعلامي، وسيصل إلى جميع النساء وهن المستهدفات في موافقة أغلب الرجال في الانضمام إلى الزواج الجماعي. دور الإعلام أما أحمد عبد الباقي (إعلامي) فقد أفاد بأن النجاح الإعلامي في المهرجان ليس هو السبب الرئيسي ولكنه سبب مهم على كل حال، مضيفاً إنهم يبذلون قصارى جهدهم لكي يبرز المهرجان بصورة طيبة لدى الجميع. مؤكداً أن الإبداع المتواصل هو السبب الرئيسي في تطوير المهرجان ودفعه إلى الأمام باستمرار، ولولا التعاون والتكامل بين جميع الفرق والمجموعات لما اقيمت هذه الاحتفالية بهذه الطريقة. ويرى فاضل عمران أن الدعاية والإعلان لهما أثر كبير على المتلقي فكلما كان الإعلان قوياً وجذاباً كان التفاعل مع الرسالة الإعلانية واضحا ومثمرا، مشيراً إلى أن الشاشة الكبيرة التي وضعت في مقدمة صالة الفعاليات تقدم رسالة إعلانية مهمة، فضلاً عن نقلها المباشر للفعاليات لمن لا يستطيع المشاهدة. مؤكداً أن المهرجان يعتبر ناجحاً في استقطاب رؤوس الأموال وأن أي شركة أو مؤسسة يهمها التواجد في مهرجان كصفوى لأن اسمها سيصبح مشهوراً بسهولة وسيصل لكل بيت إذ أن مختلف الأعمار يشاهدون هذه الرسائل، مقترحاً تكثيف الرسائل الإعلانية وتطويرها خاصة في تلك الشاشة السحرية معتقداً انه يمكن استغلالها بشكل أكبر من ذلك بكثير. مهرجان سيهات ويعتقد البعض ان المهرجانات الأخرى عليها أن تستفيد من تجربة صفوى، وبالرغم من أن مهرجان سيهات للأعراس يعقد الآن مهرجانه الثاني والعشرين ولكنه يعاني الكثير من المشاكل التي جعلت البعض يحجم عن الحضور. ويرى أحمد المشامع انه يداوم على حضور المهرجان منذ بدايته ولم يفكر يوماً في التخلي عن الحضور إلا أنه يشعر بالضيق لأن منظمي المهرجان لايفكرون في عملية التطوير، مؤكداً إن التنظيم سيىء للغاية، وفي كثير من الأحيان يعاني الفوضى خاصة في تنظيم الوجبات الأمر الذي قد ينعكس سلبياً على الحضور. وينفي صادق هذا الأمر قائلاً إن مهرجان سيهات يعاني نقصا حادا في عدد الكوادر، وعند بدايته كان عددهم أكبر من الموجود حالياً بكثير الأمر الذي أدى إلى تناقص الخدمات ولكن ليس بالشكل السيئ مؤكداً ان العدد القليل الموجود يقوم بالخدمة قدر المستطاع مع وجود بعض التقصير. ويقترح صادق إعادة النظر في هيكلية المهرجان بحيث يسعى للتطوير كما كان قبل عدة سنوات حيث كانت هناك فعاليات شعبية وتراثية ومعارض للصور الفوتوغرافية والصور القديمة وهو الأمر الذي جذب الكثير من الناس. ويقول عبد الرب حمود إن هذا المهرجان لم يقدم شيئاً جديداً بل إنه يعاني الفوضى وعدم التنظيم، إلا أن الاجتماع مع الناس ورؤية الأصحاب أمر مهم ولا يجب أن نغفل عنه مؤكداً ان المهرجان بحاجة لفعاليات ونشاطات كثيرة ناقصة وعليه أن يفكر فيها بجدية حتى لا يفقد بريقه إلى الأبد. أما أبو علي فيعتقد أننا لا نحتاج إلى بهرجة.. والمهرجان يسير بطريقة جيدة ووجود 22 عريساً في هذا المهرجان يدل على أنه ما زال بخير رغم كل السلبيات. ويرى علي الجشي (10 سنوات) أن أهم فقرات المهرجان هي المسرحية وهناك الكثير من الناس يحضرون إليه بسببها والمفروض أن يكثفوا اهتمامهم بهذه الفقرة لأن الأطفال والشباب يرغبون في مشاهدتها ويحرصون على حضورها. مؤكداً ان الازدحام يبلغ ذروته وقت العرض، وتنعدم الفوضى ويعم السكوت. ويؤكد ذلك محمود قائلاً ان المهرجان تعمه الفوضى خلال الفقرات المختلفة وعندما تأتي المسرحية يعم السكوت، وعلينا أن نفكر في فقرات أخرى لتطوير المهرجان لكي يعود قوياً كما كان من قبل. العرس الجماعي