@ كنت في حفل خاص بالأطفال عندما همست بأذني احدى الصديقات قائلة بعد قليل سأطلب من هذه الطفلة ان ترقص لتري كم هي تجيد الرقص وبعد لحظات حققت الطفلة التي لا يتجاوز عمرها عشر سنوات الطلب وبدأت ترقص على أنغام أخاصمك آه.. أسيبك لا.. ولم تكن الطفلة ترقص بقدر ما هي تقلد كل حركة وسكنة من تلك المطربة ولم أشعر أنا بالاعجاب او الانبهار بقدر ما شعرت بالغثيان أسى لحال تلك الطفلة التي بدت بمظهر فتاة ليل لعوب تعرف متى تضحك ومتى تتمايل وترفع حاجبيها وتزم شفتيها او تفرج ما بينهما باثارة متعمدة امام رواد الماخور الذي تعمل به, كانت الطفلة تتباهى باجادتها تقليد نانسي عجرم ولكنها لا تدرك انها شوهت معالم براءة الطفولة في داخلها ووجدت نفسي اتساءل عن شعور ام هذه الطفلة او والدها امام هذه الصورة المصغرة لفتاة الليل في ابنتيهما هل اسعدتهما ام انهما اكتشفا خطأهما في تشجيعها متأخرا بعد ان أمضت الساعات في التقليد امامهما وعلى مسمع منهما, لا ذنب لها سوى انهما والداها. @ دلفت الى المطعم العائلي مع عائلتها طفلة جميلة.. بريئة انيقة الملبس وبعد قليل جاءت مجموعة من الشابات تربطهن علاقة ما بتلك الأسرة إحداهن كانت ترتدي عباءة لاترتديها اي امرأة عاقلة الا في زيارة خاصة منزلية او حفل عرس ولكن بدا واضحا انها لا تقيم نفسها او الآخرين الا بنوعية لبسهم سواء كان مناسبا للزمان او المكان او لا، اذ سرعان ما قالت مرحبة بتلك الطفلة (وانا اقول من هاللي لا بسه ديور) وكأنها تريد ممن يسمعها ان يتنبه الى انها تنتمي لعائلة ماركة لا تلبس الا الماركات وان هذا (التمرك) هو عنوان الجودة العائلية والشخصية، تلك الطفلة كانت ترتدي فستانا كانت هي اجمل منه بكثير ولكنه ماركة فرنسية, نعم لا مانع ان نبحث عن الافضل والمميز مادمنا نملك القدرة عليه ولكن ان يكون هو عنواننا او اهم سماتنا فلا, وان نوحي للاطفال انهم بلا قيمة بدون هذه الماركة او تلك فلا, جميل ان نعلم اطفالنا حسن الاختيار والاناقة في الملبس ولكن من القبيح ان نعلمهم ان قيمتهم وقيمة الآخرين يحددها ملبسهم او ماركته أو إجادتهم تقليد نانسي أو هيفاء. هناك من يشوه الأشياء وهناك من يشوه الانسان قد يعاقب الاول ويغفل عن الثاني حتى يمتد التشوه الى أجيال وأجيال.