يعتبر التعامل مع الجسد بصريا من قبل المخرج او الممثل فنا معاصرا ولغة ديناميكة لخلق الصورة المعبرة في فضاء الطقس المسرحي, ويعد هذا في حقيقة الامر مفهوما حداثويا, ارتبط بالتحولات الابداعية التمردية في القرن الماضي. لذا فان كثيرا من الدراسات والعروض والتيارات والتجارب المسرحية الاوروبية اكدت ومازالت على تحقيق الجانب البصري في اداء الممثل او الرؤية الاخراجية او سنوغرافيا الفضاء المسرحي كلغة جديدة في الاخراج المسرحي وبدءا من تجارب جودن كريج, وراينهاردت وما يرهولد وادلف ابيا ومخرجي مسرح الطليعة الفرنسيين وانتهاء بتجارب بيتر بروك وجوزيف شاينا وروبرت ولسن وليباج وكانتوروبينا باوش ويوجين باربا منوشكين والياباني تاداشي سوزوكي وكل ما يرتبط بتجارب مسرح الصورة الاوروبية وبعض تجارب المسرح البصري العربي خاصة تجارب المسرح التونسي. ولقد اثر انتونين ارتو ومفهومه حول مسرح القسوة والاخراج الميتافيزيقي المعاصر في تشكيل صورة العرض في المسرح العالمي حيث حاول اكتشاف لغة جديدة للمسرح بحيث تكون قوة تستحضر ما وراء مملكة المنطق والكلمات او ان توحي به وبمعنى آخر ان المسرحية كنص يجب ان تكون منظورة بقدرما هي مسموعة ولذلك فانه ربط بين الميتافيزيقا والحلم والاخراج لان المسرح بالنسبة اليه يجعلنا نحلم ونحن مستيقظون ويكفي ان يكون مسرحا اذا تخلى عن هذه المهمة. ومن خلال هذا حاول انتونين ارتو ان يخلق مسرحا ميتافيزيقيا يستبدل فيه الكلام المنطوق بلغة جسدية بصرية محسوسة لانه يرى ان المسرح لا يؤثر على السمع فقط وانما على الحواس الاخرى.