عند ذكر معاطف الفراء يظن أغلب الناس انها روسية مثل الكرملين والميدان الاحمر والروبل وعرائس ماتريوشكا والساموفار المستخدم في صنع الشاي والسيارات العتيقة. لكن نظرة فاحصة لكثير من منتجات الفراء التي تباع في موسكو قد تكشف أنها منتجات سويدية أو كندية. فقد بدأ الروس المهتمون بالموضة الابتعاد عن المنتجات المحلية والاقبال على تصميمات أجنبية ارخص حاليا. وتظهر ارقام رسمية أن اكثر من 70 في المئة من منتجات الفراء في السوق الروسية مستوردة. وبينما يسعى المنتجون الاجانب لتعويض خسائرهم الناجمة عن الحملة الدولية المناهضة لصيد حيوانات الفراء خاصة المنك يشكو العاملون في احدى أقدم الصناعات الروسية انهم ابعدوا عن سوق حجمها 5ر2 مليار دولار سنويا. قال ألكسندر كوفالينكو المدير الفني لمزرعة سالتكوفسكي العملاقة للفراء خارج موسكو وهو يمشي بين أقفاص تضم المنك والثعالب والسمور //يوجد الآن عدد اقل من المزارع الكبيرة. نحاول جاهدين خفض تكلفة الانتاج اذا أردنا ان ننافس المنتجين الغربيين.// أنشئت هذه المزرعة عام 1931 وكانت فخرا لصناعة الفراء السوفيتية. فقد كانت من اوائل المزارع الجماعية واتبعت تكنولوجيا جديدة في تربية هذه الحيوانات بمزرعة مترامية الاطراف يحوطها سور عال باسلاك حادة. تنتج سالتكوفسكي الآن نحو 100 ألف قطعة من الفراء سنويا. لكن النفقات ارتفعت لانها تضطر الى استيراد أغذية خاصة للحيوانات ولان الفراء منتجها الرئيسي غير مربح. واتجهت المزرعة الى مجال اضافي لزيادة دخلها بتربية الوشق لحدائق الحيوان والسيرك. واحدث سكان المزرعة النعام حيث يوجد قطيع يضم 100 من هذه الطيور الضخمة. قال كوفالينكو وهو يتحدث في مكتبه أثناء غداء من كبد النعام //توجد بضع مشاكل. المطاعم الروسية لم تتعود بعد على تقديم لحم النعام. قد يكون غريبا ولكن علينا الاستمرار في المحاولة.// وحتى منتصف التسعينيات كانت روسيا من أكبر منتجي ومصدري فراء المنك والثعالب والسمور وتحقق عائدات بملايين الدولارات سنويا. ويقول اتحاد الفراء الروسي ان المزارع كانت تنتج حوالي 10 ملايين قطعة فراء سنويا. تدفق تجار على مزاد الفراء السنوي في سانت بطرسبرج أحد أكبر سبعة مزادات عالمية مع هلسنكي وكوبنهاجن وأوسلو وسياتل ونيويورك وتورنتو. وحاليا لم يبق سوى نحو 40 منتجا روسيا. ولم تعد الدولة تقدم فروضا أو أغذية للحيوانات بأسعار مدعمة مصنوعة من مخلفات مزارع الدواجن والاسماك. ولا تتحمل بعض المزارع نفقات استيراد الاعلاف والادوية لانتاج فراء عالي الجودة من الخارج كما تقلصت القطعان والارباح. ولكن بازدهار الطبقة الروسية المتوسطة التي تستطيع السفر الى الخارج الآن أو الاختيار من أنواع مستوردة متنوعة يواجه أصحاب مزارع الفراء الروسية مزيدا من المشاكل. في العام الماضي أنتجت روسيا حوالي 5ر2 مليون قطعة فراء أو ربع انتاجها قبل عشر سنوات وصدرت 250 ألفا فقط اغلبها من فراء السنانير والسناجب. وفي نفس الوقت تستورد البلاد نحو سبعة ملايين قطعة فراء سنويا اغلبها من فراء المنك. والاوضاع الفرائية الحالية تسعد مصممة الازياء تانيا ماركوفا /26 سنة/ التي قالت //الاختيار الآن أفضل بكثير من الماضي.// واضافت وهي تتجول في متجر راق للفراء بوسط موسكو //الفراء المستورد بصفة عامة أفضل من المحلي وعلى أحدث موضة. بالتأكيد أريد مساعدة اصحاب المزارع الروس ولكنني اشتري معطف فراء واحدا كل بضع سنوات فهل انفق نقودي على شيء لا أحبه..// ولكن ظهرت أخيرا بارقة أمل لمزارع مثل سالتكوفسكي. في الشتاء الماضي عادت موضة الفراء في عروض الموضة في باريس وميلانو ولندن بعد حملات حقوق الانسان في الثمانينيات والتسعينيات. والفضل يرجع الى هواة عالميين للفراء مثل جنيفر لوبيز وشون ديدي كومز. وبدأ الشرق يفتح أبوابه للفراء خاصة الصين. وتقول ارقام حديثة للاتحاد الدولي لتجارة الفراء ان المبيعات العالمية للملابس الفرائية في 2001-2002 ارتفعت بنسبة 8ر10 في المئة لتصل الى حوالي 11 مليار دولار في العام. ورغم عدم تفضيل فراء روسيا بصفة عامة فان فراء السمور الروسي لا يزال أفخر فراء في العالم. وبعد سنوات من التردي بدأ سوق بطرسبرج للفراء ينتعش مرة اخرى اذ اجتذب مزاد فبراير 100 مشتر من مختلف أرجاء العالم اشتروا فراء قيمته 10 ملايين دولار بزيادة 25 في المئة بالمقارنة مع العام الماضي.