مازالت ظاهرة التسول تزيد يوما بعد الآخر وتستعصى على الحلول خاصة في مدن وقرى والاحياء الجديدة بالاحساء وعند الطرق المؤدية الى المساجد وعند المرافق العامة والمجمعات التجارية. وينتشر المتسولون على شكل جماعات مما يدل على وجود خطة قد اعدت بدراية متقنة وشبكات منظمة لا تستطيع ادارة مكافحة التسول اكتشافها بسهولة. قبضنا على الكثير منهم وحول هذا الموضوع تحدث مدير مكتب مكافحة التسول بالاحساء محمد النعيم موضحا ان مكتب المكافحة يرسل الفرق الى عدة اماكن داخل المدن واحيائها الجديدة حيث تصل البلاغات عن وجود المتسولين والمتسولات هناك ويقول لقد كثفنا الجولات وتم القبض على الكثير منهم خلال الايام القليلة الماضية وتم ترحيلهم بالتنسيق مع ادارة متابعة الوافدين بالاحساء الى بلدانهم وقد بلغ عددهم 87 حالة ما بين رجال ونساء واطفال من المتخلفين وكبار السن وقد تمت الاستعدادات المكثفة من قبل مكتب ادارة مكافحة التسول بالاحساء لموسم الصيف لهذا العام. حين قامت الوزارة بتدعيم المكتب بسيارات جديدة وجميع الفرق على اهبة الاستعداد والعمل على مدار الساعة من خلال فرق صباحية ومسائية تجوب الشوارع للقبض على هؤلاء المتسولين وترحيل من لا توجد لديه اقامة شرعية وذلك بعد التنسيق بيننا وبين جوازات الاحساء وقد اكد مدير مكتب مكافحة التسول استمرار الجولات التفتيشية وبصفة دورية على جميع المساجد والاسواق والمراكز التجارية. في الصيف يكثر التسول وجريدة (اليوم) تتوقع ازدياد المتسولين خلال الفترة القادمة مع بداية وصول افواج المعتمرين والزائرين من خارج المملكة التي تصادف عطلة الصيف وانتشار ممارسة التسول كمهنة غير اخلاقية يمتهنها ضعاف النفوس الذين يظهرون في مجتمعنا وقد تحدث الكثير ل (اليوم) وقالوا: وهم مجموعة من المثقفين حيث اعربت المحاضرة فلك عبدالله المحاضرة بجامعة الملك فيصل بالاحساء عن دهشتها لانخداع المواطنين بالعاهات الكاذبة التي يدعيها المتسولون والقصص الانسانية الوهمية التي يصدقها بعض الناس.. بالرغم من انكشاف هذه الحيل والخدع التي كثيرا ما نطالعها في الجرائد ومختلف وسائل الاعلام.. لذلك يجب ان يتمتع الناس وكامل المجتمع بالوعي المطلوب ولا يعطوا الا للمحتاج الحقيقي وليس المتسول الذي اتخذها مهنة واستمرارا لتحصيل الاموال بسهولة!! ويجب ايضا ان يعرف الناس ان المحتاج الحقيقي لا يمد يده للناس وانما يكتم احتياجه احتراما لنفسه ولكرامته. وتقول: من السهل جدا التعرف على المحتاجين الحقيقيين في كل اسرة وكل حي وهم الاجدر والاولى بالعطاء. خداع المواطن اما الدكتورة منى محمد - استاذة اللغة العربية في كلية التربية جامعة الملك فيصل بالاحساء - فتقول: ظاهرة التسول ظاهرة اجتماعية سيئة ومن السهل ان ينخدع بها المواطنون والتي يظهربها المتسول في اماكن مختارة.. والمتسولون اناس فيهم من ضعف النفوس ما يجعلهم لا يخجلون بما يفعلون وهواستدرار عطف الناس وتحصيل اكبر قدر من المال مثلا سيدة تقوم بالتسول بمفردها او بصحبة طفل محمول على كتفها او مسحوب وراءها.. وترى الدكتورة منى ان أولى المراحل لمواجهة هؤلاء المتسولين ان يكف الناس عن اعطاء المال للمتسولين وألا ينخدعوا بما يسمعونه او يرونه بأي حال لانهم محترفون ونصابون. مذلة السؤال وعلى الجانب الآخر يتحدث رجال الدين عن رأي الشرع في ظاهرة التسول والمتسولين يقول الشيخ سعد حمد مدرس مادة الفقه في المرحلة الثانوية: لقد ورد في كتب السنة الشريفة ما يبين ويؤكد ان الذين يسألون الناس وهم غير محتاجين الى هذا العمل يرتكبون أمرا محرما.. ومن هذه الأحاديث ان رجلين أتيا النبي لمساءلته من الصدقة فقلب فيهما البصر ورآهما جلدين أي قويين شديدين فقال: ان شئتما اعطيتكما ولاحظ فيها (أي الصدقة) لغني ولا لقوة مكتسب. وقال الرسول: ان الصدقة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع فقر شديد او لذي غرم مفظع أي مجاوز للحد, او لذي لهم موجع أي الذي يتحمل دية عن قريبه او حميمه يدفعها الى أولياء دم المقتول. وقد حث الرسول الإنسان على ان يكتسب من عمله ويبين ان هذا خير له من ان يتعرض لمذلة السؤال فقال الرسول : (لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ويجمع الحطب فيتصدق به ويستغني به عن الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه او منعه). اما الاستاذ حسن بن علي مدير مدرسة ابتدائية فيقول: ان ظاهرة التسول نتجت عنها آثار تربوية على المجتمع والفرد من أبرزها تفشي الاتكالية في هؤلاء الأفراد. لان الشخص المتسول في حقيقة أمره اذا لم يكن محتاجا فهو اتكالي.. ومن الآثار التربوية السلبية التي تنتشر في الفرد ومن ثم تنتقل الى المجتمع انتشار الأخلاق الرذيلة فهي مصاحبة بشكل كبير لعملية التسول لانه في حقيقية خلق دنىء مثل (الكذب) يقول المثل (ان لم تستح فأفعل ما تشاء). البطالة السبب اما الشيخ عبدالرحمن المسلم إمام مسجد وخطيب فيقول: ان أسباب البطالة التي تجتاح المجتمع هذه الأيام تجعل فئة من المجتمع خاصة المنهزمين تمارس عملية التسول بين المجتمعات والأحياء السكنية وهذا ليس بمبرر لما يمارسونه ولكنه قد يكون سببا يستغله هؤلاء المحتالون. وقال كل من السيد علي ابو أنور ومهدي الحاج أحمد ويونس الخليفة ان مشكلة التسول معقدة لا يمكن ان ننكر وجودها وتزايدها وعلاج هذه الظاهرة من مسؤولين ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية. ولكنها وحدها لا تستطيع علاج هذه الظاهرة فلابد ان تتضافر جهود جهات كثيرة للحد منها. ويقولون ان هؤلاء المتسولين يكون أكثرهم أطفالا غير سعوديين. والذين يمتهنون ظاهرة التسول معظمهم أجانب ويجب ان يعرف من يقف وراءهم ومن يدفعهم للتسول ومن يشغلهم وهل هم آباؤهم ام أشخاص آخرون؟ اما الطالب عبدالله النامي فيقول: لعلاج مشكلة التسول يجب ان تراعى الفئات من بعضها البعض فالحالة الأولى من المعوزين والمحتاجين وهذا موقف المجتمع منهم لابد ان يقدم لهم المساعدة والعون. رسالة قصيرة انطلاقا من مجتمع متحضر وواع ومثقف نناشد إدارة مكافحة التسول بالاحساء وبمساعدة رجال الأمن والهيئة ومن هم قائمون على قسم الرعاية الاجتماعية والعاملين على الضمان الاجتماعي التصدي لهؤلاء ومساءلتهم عن هذا العمل والانخراط فيه والأسباب التي أدت لظهور متسولين أمام المجتمع يرسمون الصورة المشينة لمجتمعنا الواعي. وانا هنا أناشد مجتمعنا السعودي المسلم العربي درء مخاطر التسول ومعالجته بالتكافل والتراحم والمسارعة لمساندة المحتاجين وإعانة المنكوبين. ولأن قيمة التكافل والتراحم هي احدى القيم الأصيلة التي ينادي بها ديننا الحنيف والنهوض بالجمعيات واللجان الخيرية التي دائما ترسم البسمة على وجوه المحتاجين ولنجعل لهذا البلد الصورة الإنسانية الجميلة. يجب على الضمان الاجتماعي البحث ميدانيا عن أسباب تسول هؤلاء ومساعدتهم ولو بتوفير مأكله ومشربه وملبسه ولابد ان يوجد له مصدر ثابت يحصل عليه. اما الفئة الثالثة وهي المحتالة فلابد ان تعرفهم وتتخذ ضدهم الاجراءات الصارمة تجاه احتيالهم وتلاعبهم بالناس من غير وجه مشروع. و(اليوم) تطرح هذه المجموعة من الأسئلة على من يهمه امر حل هذه الظاهرة السيئة التي أخذت تشق طريقها الى مجتمعنا السعودي. السؤال الذي تطرحه (اليوم) في هذا التحقيق هو: من وراء انتشار هذه الظاهرة؟ هل هو تقاعس أجهزة إدارة مكافحة التسول؟ هل هو عدم تعاون الأجهزة الأخرى؟ هل هو عدم تعاون المجتمع والتكافل والتراحم الذي وصى عليه ديننا الحنيف ونبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم؟ هل هو سذاجة بعض المواطنين الذين سرعان ما ينخدعون بالعاهات الكاذبة وصور الأطفال الذين يحملهم المتسولون؟ لقد حاولنا التعرف على الأسباب من جهة وسبل المواجهة من جهة أخرى وذلك من خلال علماء الدين وعلماء النفس والاجتماع.