يتعاطى سكان برلين المهووسون بالبدع أقراصا وردية صغيرة في الأندية والمقاهي في كل أرجاء المدينة هذا الصيف- جرى الترويج لها على أنها العلاج الناجع للفؤاد المحطم. وإذا حكمنا من واقع المبيعات، فلابد أنه يوجد كثير من محطمي الفؤاد في برلين. ولربما كان هناك كثير من المولعين بتناول الشيكولاتة، لان الأقراص هي في الحقيقة حبات من الشيكولاتة مغلفة بالسكر وليس لها أي فائدة طبية على الإطلاق. وكما هو الحال مع كثير من المنتجات في أيامنا هذه، تعد التعبئة والتغليف هما العامل وراء البيع.. فالحلوى توضع في علب كرتونية للأدوية وقد طبع عليها قلب باك بالأحمر والأبيض وعلى الواجهة ضمادة والكلمة الألمانية (لايبسكومربيلين) التي تعني أقراص القلب الكسير .. وبخط أصغر كتب أسفل ذلك تنبيه: التزم بتناول الجرعة المقررة . ومن هنا تبدأ الدعابة. الألمان مدمنون لقراءة النشرات الطويلة التي ترفق بالأدوية وتتضمن قائمة طويلة بجميع الاثار الجانبية مكتوبة بخط منمنم. ولا يوجد ألماني يتناول الدواء دون أن يقرأ أولا وبدقة هذه النشرة .. والإرشادات المرفقة بأقراص القلب الكسير هي التي تقف وراء بيع هذا المنتج . ويرى البعض أن بيان الإرشادات هو أفضل جزء إن لم يكن الألذ مذاقا. الإرشادات هي قائمة بأقوال مأثورة لكبار السن وحقائق بدهية ونصائح سرية لكعكة الحظ لاصحاب القلوب المحطمة، وهناك شيء لكل إنسان سواء كان رفيعا أو وضيعا.. ومن ذلك نصيحة الفيلسوف الدنمركي سورين كيركيجارد : يعيش المرء حياته بحركة إلى الأمام لكن ليس بمقدوره أن يفهمها إلا بالنظر إلى حيث كان عبر مرآة الرؤية الخلفية. وماذا عن أدوية توماس الاكويني الخمسة للحزن: 1- الدموع. 2- تعاطف صديق. 3- تقبل الحقيقة. 4 - النوم. 5- الحمام الدافئ. تقول جوتا ريكشميت العقل المفكر وراء هذه الأقراص إنها توصلت إلى هذه الإرشادات وأسلوب التعبئة قبل وقت طويل من تصنيعها الأقراص. وصرحت صاحبة المشروع البالغ عمرها 33عاما لصحيفة دير تاجيس شبيجل بأن الضحك هو أفضل علاج للقلب الكسير. وخلصت هي وصديقها كاي ليدتكي إلى الفكرة قبل عام حينما كان العديد من صديقاتها يعانين تحطم الفؤاد. وأوضحت: قررت أن علينا عمل شيء نمسح به مشاعر الإحباط والتعاسة عن وجوههن ونجعلهن يبتسمن من جديد أو يضحكن على الأقل. إنها خبيرة غابات بارعة ولم يكن لديها خبرة في تصميم المنتجات. لكنها كانت تعرف أن هذه فكرة مؤكدة النجاح. ولذا انتهت هي وصديقها ليدتكي إلى فكرة صندوق كرتوني من الأقراص الزائفة وأرسلت به إلى متجر كبير للبيع بالتجزئة في برلين كبالون اختبار. تقول وهي تتذكر: اتصلوا بنا وطلبوا على الفور 54 صندوقا بها 3800 عبوة من أقراص القلب الكسير. عندئذ، لم يكن لدينا إلا الصندوق ولكن بلا محتوى. وكان علينا من ثم أن نسارع بتلبية الطلب. قالت شركة شيكولاتة خارج هانوفر إنه ليس لديهم مشكلة في ملء صناديق الأقراص هذه لكنها اشترطت أن أقل كمية إنتاج لهذا الطلب ستكون 500 كيلو جرام من أقراص الشيكولاتة المغلفة بالسكر ولم يكن الامر إذا صناديق بها 3800 قرص بل 20400 . وكانت هناك مخاوف من أن ينتهي الامر بريكشميت وليدتكي إلى الاكتفاء بأكل أقراص الشيكولاتة الوردية المغلفة بالسكر ما بقي لهما من عمر.. لكن سرعان ما تلاشت هذه المخاوف بوصول المنتج في النهاية إلى سوق البيع بالتجزئة في مارس. وتقول: كان القبول طاغيا . وكان الطرح التجريبي في أحد متاجر برلين الكبرى ناجحا وتبحث سلسلة متاجر كاوفهوف المنتشرة في كل أرجاء البلاد تسويق هذه الأقراص في متاجرها البالغ عددها 70. وتقول ريكشميت: تجاوز هذا أقصى ما كنا نطمح إليه. لا يمكننا أن نجد تفسيرا لكننا نستمتع بذلك تماما. أو كما يقول مارتين أندرسون نيكسو في النشرة ذات الكلمات المنمنمة: حري بنا أن نعيش حياتنا لا أن ننقم عليها.