في تحقيق جميل كشف السبب الرئيسي وراء تخلفنا ووقوفنا خلف الدول المتقدمة، ليس في عماراتها وشوارعها واحتفالاتها بل في علمها وثقافتها وعطائها.. قال عدد من الشباب الكويتيين من الجنسين في شبه اجماع انهم لا يقرأون في الاماكن العامة خشية نظرات الاستنكار والاستهزاء ازاء من يمسك كتابا في مقهى أو سيارة أو في انتظار انجاز معاملة. وقد كشف هذا التحقيق السريع والمميز بفكرته ان القراءة للاسف في بلدنا ليست فقط شبه معدومة عند الشباب بل انها مصدر استنكار اذا ما تمت في اماكن عامة، والاصعب من ذلك ان بعض من اجاب عن سؤال التحقيق "لماذا لا نقرأ في الامكان العامة؟" قال "اذا قرأت فان من حولي ينظرون لي باستغراب واكون محل تساؤل من هذه المثقفة بصيغة الاستهزاء" وآخر قال ان "من يقرأ اثناء انتظار معاملة ينظر اليه نظرة تعكس انه شخص غريب ومنبوذ" بينما لخص اخر الموضوع بان القراءة في تلك الاماكن ملفتة للنظر، في حين قال احدهم بالكويتي "اقل تعليق يحصل عليه القارئ.. اشفيه هذا؟". هذا هو ملخص حالنا للاسف.. لقد اصبحت القراءة وكما يراها الشباب في الكويت، مصدر استغراب واستهزاء واستخفاف، سؤال يطرح نفسه، ما هو السبب وراء ذلك؟ بالتأكيد ان من يفكر هذا التفكير لم ير من يقرأ في محيطه، من يعتبر القراءة استزادة يحصل عليها ويستزيد منها كلما سنحت له الفرصة. القراءة ثقافة واسلوب، وحتى نحب القراءة يجب ان نتعلمها من كل من هو اكبر منا.. من مدرسينا.. امهاتنا آبائنا، نحن مثلا الجيل، الذي اعيشه لم نتعلم القراءة من والدينا بشكل عام بل تعلمناها من المدرسة، الا ان جيل اليوم لم يتعلم هذا الشيء من المدرسة للاسف ولم تتدارك الاسرة هذا فضاع الجيل وضاع وقته دون ادنى تحصيل ثقافي. انا اتحدث عن الوضع بشكل عام وهذا لا يعني ان هناك من يقرأ من جيل اليوم، كيف نعلم ابناء اليوم كيف يقرأون ومتى يقرأون ولماذا يقرأون؟ في الدول الاوروبية وفي اليابان والدول المتقدمة والمتحضرة، اكرر في العلم والثقافة وليس العمران، يندر ان تجد انسانا يركب باصا أو مترو فوق الارض أو تحتها أو يجلس ينتظر موعدا أو ينتظر انجاز عمل.. يندر ان تجده جالسا محملقا في السماء أو متفحصا وجوه واشكال الاخرين، بل الكل منكب على كتاب أو صحيفة أو مجلة، تجد في كل شنطة نسائية أو في يد كل رجل كتابا صغيرا، أو صحيفة يتوق لفتحها في اقرب وقت، بينما نحن في الكويت وفي العالم العربي بشكل عام نعشق الحملقة في الآخرين واحتساب الذنوب واسترجاع الهموم والاحداث ونحن ننتظر، وان استمر الانتظار ساعات. هذا التحقيق الذي نشرته "القبس" يوم الخميس (19 يونيو)، الذي تستحق من قامت به وهي الاخت سماح النغيمش الاشادة، كشف عورتنا وفضحنا امام انفسنا بانتظار ما يسترنا وان كانت ورقة توت. القبس الكويتيه