تعقيبا على ماء جاء بصفحة (المنتدى الاقتصادي) يوم الثلاثاء الماضي 17 من ربيع الآخر تحت عنوان (محاولة لفهم لو غاريتم البنوك والمصارف الوطنية) للاخ عبد الله بن علي الفريحي, أريد أن أقول اننا جميعا نقدر الدور الذي بات يلعبه جهاز الصراف الآلي في حياتنا اليومية , وما يؤديه من خدمات في مجالات مختلفة أهمها توفير الوقت والجهد في عملية سداد فواتير الخدمات العامة كالكهرباء والهاتف وسداد المخالفات المرورية , إضافة الى سحب المبالغ التي يريدها المرء من النقود في أي وقت , ولاشك أن كل ذاك يجعل حياتنا أكثر سهولة ويسرا , ويوفر وقتنا وجهدنا لما هو أكثر أهمية من عمل وانتاج في خدمة الوطن. على أن الأمر لا يخلو من ملاحظات وانتقالات ضرورية تتعلق بأداء بعض منسوبي البنوك , واستغلالهم لهذا الجهاز كأنه الكلمة السحرية التي تخصلهم من عناء تقديم أي واجب وأية خدمة , بل وتكاد (تنقذهم) من العمل ذاته وكيف يعمل هؤلاء والصراف الآلي موجود ينقذهم من أي مجهود ؟ ان بعض الاشخاص خصوصا من كبار السن قد يأتي الى البنك , وليس لديه أي المام بالقراءة أو الكتابة , ويريد أن يسدد قيمة فاتورة سواء كانت فاتورة كهرباء او فاتورة هاتف ويقف الرجل حائرا لا يعرف ماذا يفعل بينما يتعامل بعض موظفي البنوك مع هذه الحيرة بكل برود ولا مبالاة , وبدون احساس أو عطف على حيرة هذا الرجل المسن , وكثيرا ما نجد موظف البنك يقول لمثل هذا الرجل في تلك الحالة اذهب وسدد عن طريق الصراف الآلي! كيف يسدد الرجل قيمة الفاتورة وهو لا يعرف القراءة والكتابة ومن ثم لا يعرف كيف يقوم بتشغيل الجهاز . بل كيف يقوم بسداد قيمة الفاتورة وهو لا يعرف إن كانت تلك بيمينه فاتورة أم لا ؟ واليكم هذه الواقعة لتي شهدتها بعيني وأنا انتظر في طابور أحد البنوك , كان يقف أمامي رجل مسن يريد أن يسدد قيمة فاتورة الكهرباء , وفي الوقت نفسه بحوزته وصفة طبية, وعندما وصل الى الشباك ليسدد قيمة الفاتورة فوجئ بالموظف يقول له اذهب وسدد الفاتورة عن طريق الصراف الآلي فالتفت اليّ الشيخ الكبير السن وسألني وهو يقدم لي ورقتين : أيهما فاتورة الكهرباء ؟! عندئذ قلت لموظف البنك . أسألك بالله , كيف تقول للرجل وهو في عمر والدك أن يذهب يسدد قيمة الفاتورة عن طريق الصراف الآلي وهو لا يعرف الفرق بين الفاتورة والوصوفة الطبية , ولم يرد الموظف, ولكنه أبدى شعورا بالاستياء لتدخلي , دون أن يبدو على وجهه أي شعور بالأسف أو احساس بانه أخطأ, إنني ارجو موظفي البنوك ان يكونوا أكثر احساسا بهذه المشكلة , وأن يمدوا أيدي العون والمساعدة لمن يحتاجها من هؤلاء الآباء , وأن يشعروا بان جهاز الصراف الآلي لا يمكن ان يكون الوسيلة لكل شيء ,وأن هناك في مجتمعنا من الأميين من يحتاج الى أن نقف معهم وأن نتفهم ظروفهم وان لا نتعالى عليهم , او نهملهم ونتجاهلهم كأننا لا نعترف بوجودهم , ولنكن اكثر احساسا بالضعفاء في كل مجال , وهذا نوع من الضعف الانساني. @@ ناصر بن عاشور النجار الهفوف