من المعروف أن جميع بنوكنا ومؤسساتنا المالية المصرفية تجني الكثير من الأرباح وتحقق الكثير من المكاسب من حصيلة فوائد المودعين والتحويلات الخاصة برواتب الموظفين والعاملين بمختلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية والأهلية. ومن المعروف أيضاً أن الدولة تقدم الكثير من التسهيلات لكافة البنوك ومؤسسات القطاع المصرفي في إطار دعمها لهذه المؤسسات وتشجيعها على تحسين وتطوير خدماتها للمواطنين وبذل كل جهودها لخدمتهم، ومن أجل راحتهم. وعلى الرغم من كل المرونة وكافة أشكال الدعم والرعاية التي تقدمها الدولة لهذه المؤسسات المصرفية إلا أنها- للأسف الشديد- لا تزال خارج " نطاق الخدمة" للوطن والمواطن، إذ لا تزال تبني كل خططها واستراتيجياتها المالية وفقاً لمفهوم الربح، والربح فقط، وهي تلجأ في تحقيق ذلك إلى ترشيد مصروفاتها وترشيد بل " تجفيف" خدماتها للمواطنين، دون اعتبار لحق المواطن والوطن في الحصول على أفضل الخدمات الممكنة والمتاحة. وفي محاولة لفهم " لوغاريتم" أو "لوغاريتمات" البنوك ومؤسسات القطاع المصرفي، أطرح هذه التساؤلات التي تثير الكثير من علامات الاستفهام- بل وعلامات التعجب أيضاً- لعل المسؤولين عن هذه المؤسسات يتفضلون بالإجابة عنها. وأوجز هذه التساؤلات في ما يلي: 1- ماذا قدمت المصارف والبنوك من خدمات للمتعاملين معها من موظفي الدولة والقطاع الخاص، الذين كتب عليهم أن يصرفوا مستحقاتهم ومعاشاتهم ويتسلموها من هذه البنوك والمصارف، سوى ما نراه من طوابير صباحية أمام أبواب هذه البنوك والمصارف التي يفترش الناس أرصفتها انتظاراً لفتح أبوابها وكأنهم- لاسمح الله- متسولون؟! 2- لماذا تقوم هذه البنوك والمصارف بترشيد وتقليل اعداد العاملين بفروعها على حساب المراجعين ووقتهم؟ 3- لماذا تفرض هذه البنوك والمصارف شروطها، وتلزم كافة المتعاملين معها بأسلوب معين للتعاملات مثل العمل ببطاقة الصراف الآلي في كافة الاحتياجات والمتطلبات، دون أن تضع في حسابها اعتباراً لفئات من كبار السن الذين يستغيثون بمن يتوسمون فيهم الخير كلماً أرادوا أن يسحبوا شيئاً من مدخراتهم؟ 4- ان المتعاملين مع البنوك والمصارف فئات وشرائح مختلفة ومتبانية في العلم والثقافة والخبرة والاستيعاب والمعرفة والرغبة في التعاطي مع التقنيات الحديثة، ومنهم العامل و(الفراش) والمزارع والأمي. فهل أدركت البنوك والمصارف أن من هؤلاء من لا يمتلك الخبرة المصرفية الرقمية الكافية للتعامل مع أجهزتها في السحب أو الإيداع أو السداد؟ 5- السؤال التالي الذي يترتب على السؤال السابق هو: هل خصصتم عنصراً يعين هؤلاء على إنجاز الخدمة بصورة أكثر سهولة ويسراً؟ 6- ما دور بنوكنا ومصارفنا الوطنية في تهيئة عملائها أو المتعاملين معها للتعاطي مع خدماتها أو أساليبها الحديثة التي حولت القطاعات المصرفية في بلادنا إلى دولة إلكترونية تلزم كل من يدخلها بالتعامل معها عن طريق الصراف الآلي وأجهزته غير عائبة بمن لا يرغب أو لا يستطيع ذلك؟ 7- لماذا ترفض البنوك والمصارف قبول سداد الفواتير المستحقة لشركات الخدمات- مثل فواتير الهاتف والكهرباء- في فروعها المختلفة، غير عابئة بحيرة المواطن ودهشته وعجزة وتساؤلاته عن الجهة التي يجب أن يسدد لديها هذه الفواتير؟ أن تجاهل رغبات المواطنين وحقوقهم، والاستخفاف بظروفهم، وعدم تفهم أو إدراك الاستثناءات والفروق المختلفة بينهم، يبرهن على أن هذه البنوك والمصارف لا تقيم وزناً ولا تضع في اعتبارها حساباً لشيء سوى الأرباح، أما تقديم الخدمات وتوفير المرونة في أدائها فهي خارج دائرة الاهتمام، والدليل كما يؤكده الواقع في محافظة الرس هو رفض البنوك قبول فواتير الخدمات وتحصيل قيمتها من حسابات المواطنين الجارية، وإلزامهم بسدادها من خلال مكائن الصرف الآلي، ومنهم من لا يملك خبرة أو معرفة بها بسبب أميته. فهل حذفنا هؤلاء من سجلات " المواطنة" ونسينا حقوقهم علينا؟ أنني أطالب بتخصيص موظف أو أكثر داخل كل فرع لتوجيه المواطن الذي لا يعرف كيفية السداد الآلي. كما أطالب الجهات المسؤولة بتفعيل دورها الرقابي ومحاسبة هذه البنوك وترك الحرية للموظفين والعاملين في مختلف المؤسسات والشركات لاختيار البنك الذي يرغبون في التعامل معه لخلق جو صحي من المنافسة التي تجعل مؤسسات القطاع المصرفي تتبارى في خدمة المواطنين، وأرى دراسة اقتراح بتحويل سداد فواتير الخدمات عن طريق الجمعيات الخيرية وفروعها المنتشرة والاستعانة بها في خدمة التحويلات وشيكات المعاشات والضمان الاجتماعي وغيرها من المساعدات التي تقدمها حكومتنا الرشيدة للمواطنين. وذلك أبلغ رد على تعنت البنوك وفشلها في تيسير التعاملات مع المواطنين. عبد الله بن علي الفريجي الخبراء