لم تكد صحيفة النيويورك تايمز تفرغ من اعتذارها قبل اسابيع للقراء عن القصص الاخبارية المزيفة والملطوشة من صحف وصحافيين مغمورين على يد محررها الاسود الشاب الذي ترك العمل بعد الفضيحة مبررا ذلك تحت الاضطراب النفساني، اقول ظهرت الصحيفة الشهيرة هذا الاسبوع لتعيد اعلان نزاهتها لقرائها بعد ايقافها للصحافي البارز ريك براغ والذي استقال اثر اكتشاف لطش الرجل العديد من اعمال صحافيين صغار ومغمورين لا وعلى فكرة فالصحافي براغ يعد من الصفوف الاولى للمحررين القياديين في الصحيفة وحاصل على جائزة بوليتزر الصحافية الشهيرة.. لا والأجمل ان الاخ براغ علق على الموضوع بانه لا يمنع لصحافيين كبار محترفين مثله من الاعتماد على جهود صحافيين مغمورين من وقت لاخرلا والمسألة شائعة ان تعتمد صحف كبرى كالنيويورك تايمز على اعمال لصحف وصحافيين غير معروفين. في رأيي ان ما يحدث في مدرسة اعلامية كالنيويورك تايمز التي شكلت على مدى نصف قرن من الصحافة الجادة مع الواشنطن بوست ثنائيا مؤثرا في تشكيل اتجاهات الشارع الامريكي ونخب السياسة والحياة التشريعية بل وفي من يدخل البيت الأبيض ومن يخرج منه. اقول ان ما يحدث هو ضمور في التفكير الاحترافي في صحافة نافذة في الواقع الامريكي بل وقابلية المناخ الاعلامي الامريكي للعب دور المقود والموجه في خدمة أجندة اولويات السياسة الخارجية منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 عندما ارتضى صحافيون من وزن دان راذر كبير مذيعي شبكة سي بي اس الاخبارية ان يكونوا جنودا في الطابور العسكري يتلقون الاوامر كالمجندين الامريكيين.. العديد من الباحثين الامريكيين في الاعلام الامريكي يؤكدون ان ما يحدث للوسائل الاعلامية من تدهور في الادوار وتواضع في الاعمال هو نتيجة طبيعية لتخلي الصحافة عن دورها الرقابي على السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بتخويل من الشعب وطغيان مصالح ملاك هذه الصحف والمحطات وركضهم وراء الاعلان ولو على حساب المهنة واخلاقياتها وان حوارا جادا حول وضع الصحافة الامريكية اصبح مطلبا وطنيا ملحا قبل ان تتحول امريكا لبلد تديره أقلية لا تعترف بمسؤوليتها تجاه المواطن الامريكي.