اتصل بي أحد القراء الأعزاء وبصوت تختلط فيه نبرة الحزن بالغيظ والغضب قائلاً: هل قرأت يا دكتور سلطان خبر بيع لوحة سيارة بمبلغ مائتي ألف في مزاد قامت به إدارة مرور المنطقة الشرقية،،ثم عقب ذلك قال: هل معقول يصل بنا حد الإسراف وعدم المبالاة إلى القيام بمثل تلك الأعمال التي تنافي تعاليم الدين ومنطق العقلاء. بعد انتهاء المكالمة الهاتفية اتصلت بأحد الأصدقاء لأتأكد من صحة الخبر المنشور في صحيفة اليوم فكان الجواب بأنه تم بيع أكثر من لوحة، أحداها يزيد عن المائتي ألف ريال وأخرى بمبلغ يزيد عن المائة ألف، عندها تذكرت مزاد المذيعة هالة سرحان لمقتنيات أم كلثوم وكم من انتقاد وجه لذلك المزاد ونحن الآن نعيش مع مزاد نافس مزاد المذيعة هالة سرحان في إفلاس الرؤية وانعدام الشعور بأحاسيس المواطنين. الإسلام في تعاليمه الواضحة نهى عن الإسراف والتبذير وجعل المبذرين اخوانا للشياطين، القضية لها جانبان: أولاً- ان هذه النمطية من الإسراف في الإنفاق إضافة إلى كونها مخالفة شرعية فإنها محرضة لسخط الطبقات الكادحة والشباب العاطل الذي لا يجد وظيفة أو دخلاً بل أن بعضهم يحلم بمائة ألف ريال ليشتري منزلاً يؤويه وأهله. بينما البعض يتفنن في صرف هذه الأموال على لوحة سيارة أو رقم جوال. ثانياً: أن المرور من اسمى وظائفه أنه يقوم بتثقيف المواطن وتوعيته بأهمية السلامة المرورية والمحافظة على السلوك الإيجابي المنضبط بالقانون، والثقافة كل لا يتجرأ، فإذا تبنى المرور مزادات اللوحات وشجع على ظهور نمطية الاستهلاك التبذيري فإنه يكون أحد عوامل ترسيخ شعور اللامبالاة والسفه الاقتصادي والبعد عن تنمية روح الرشد والترشيد ومن حيث يدري ولا يدري فإنه يهدم بشماله ما يحاول أن يبنيه بيمينه، وهذه حالة من التناقض الصارخ والعجيب التي لن يحلها تبرير مروري فقد قطعت إدارة المرور الإشارة الحمراء. لابد من إعادة النظر في تلك المزادات التي تعتبر ظاهرة سيئة نأمل أن نوقفها قبل أن يأتي يوم لا نكتفي فيه بالأرقام بل تصبح لدينا لوحات ذهبية وماسية وفضية ويزداد التبذير والإسراف وعدم المبالاة ويزداد الغضب والسخط وهنا يكمن الخطر. ( ولله الأمر من قبل ومن بعد)