عزيزي رئيس التحرير ان الرجل العاقل لايتصدر للتعليم حتى يكتمل في العلم والعقل والخبرة ويشهد له العلماء في الوقوف على العلم الصحيح والفهم السديد وعلامة ذلك اسناد العلم الى اهله فقد قالوا: (بركة العلم عزوه). كما ان العلم الذي لايستند الى الوحيين (وهما الكتاب والسنة) فليس بعلم فمن خالفهما يضرب قوله بعرض الحائط. قال الله في كتابه العزيز: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر 7 فلا محيد عنه، ولا محيص منه. هذا هو الطريق الواضح والمهيع الناجع لوحدة المسلمين، فانه لا يمكن ان يرتفع شأن المسلمين الا باتحاد كلمتهم، ولا تتحد كلمتهم الا اذا وقفوا على علم صحيح صريح، لاشبهة فيه، ولا لبس مع الفهم المستنير. وعلى امة الاسلام الا يتعجلوا في اباحة الدماء والاموال والاعراض فقد صح من حديث ابي بكرة انه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته يوم النحر فقال: (اي يوم هذا؟) فسكتنا حتى ظننا انه سيسميه سوى اسمه، قال: (اليس يوم النحر؟) قلنا بلى قال: (فأي شهر هذا؟) فسكتنا حتى ظننا انه سيسميه بغير اسمه، فقال: (اليس بذي الحجة؟) قلنا: بلى، قال: (فأي بلد هذا؟) قلنا: الله ورسوله اعلم. قال: فسكتنا حتى ظننا انه سيسميه بغير اسمه، قال: (اليس البلدة؟ قلنا بلى). قال فان دماءكم واموالكم واعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فان الشاهد عسى ان يبلغ من هو أوعى له منه. اخرجه البخاري 67، ومسلم 1679 وغيرهما. وجاء في (فتح الباري) 1:157: فان سؤال النبي صلى الله عليه وسلم وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهومهم وليقبلوا عليه بكليتهم وليستشعروا عظمة مايخبرهم عنه ولذلك قال بعد هذا (فان دمائكم الخ) مبالغة في بيان تحريم هذه الاشياء. ومناط التشبيه في قوله: (كحرمة يومكم) وما بعده ظهوره عند السامعين لان تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم مقررا عندهم، بخلاف الانفس والاموال والاعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم، وماله وعرضه اعظم من تحريم البلد والشهر واليوم. ويلاحظ من قوله: (حتى ظننا انه سيسميه سوى اسمه) الاشارة الى تفويض الامور الكلية الى الشارع... فيا شباب الاسلام هل بعد هذا الايضاح والبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو رسول الاسلام في حفظ الدماء والاموال والاعراض وحرمتها مطعن في الاسلام، ومغمز في ديننا الحنيف؟! بل اي دين، واية ملة، واية دولة تزعم العدالة، ساوت الاسلام في عدالته، او قاربته في حقوق الانسان من قريب او بعيد. حتما سيقول المنصفون، واصحاب الضمائر اليقظة، والمثقفون ثقافة ممتازة للوصول الى الحق: لايوجد غير الاسلام اعطى حقوق الانسان كاملة. ولكن الانصاف قد قل وعز فالفهم الفهم، والانصاف الانصاف يا من يريدون الوصول الى الحقيقة. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد نبي الدين الوسط وعلى آله وصحبه وسلم؟ أ.د. محمود بن يوسف فجال