خلال 48 ساعة كان فندق فور سيزونز وفندق الشيراتون في شرم الشيخ يكتظان بالعديد من الصحفيين العرب والأجانب وكان حديثهم يدور حول كيف ستخرج قمة شرم الشيخ؟ ومن خلال هذا المنتدى الاعلامي الكبير يستطيع الانسان وبقراءة متأنية أن يكتشف كيف تكون تساؤلات هؤلاء؟ومن خلال ذلك استطاعت مصادر اليوم أن تؤكد ذلك الدور الكبير الذي لعبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس وفد المملكة الى قمة شرم الشيخ. وكشفت مصادر قريبة للوفد الأمريكي ما أعلنه الرئيس بوش من أن العلاقات السعودية الأمريكية تزداد متانة وقوة، كما ألمح الرئيس الأمريكي من خلال تلك المصادر، الى أن أحداث 11 سبتمبر أكدت أن المملكة بقيادتها استطاعت أن تقف ضد الارهاب وأن تجذر علاقاتها مع أمريكا من خلال المصالح المشتركة. وقد أبدى الرئيس الأمريكي جورج بوش ارتياحه الكبير من الموقف الشجاع والكبير والصادق والنقي للأمير عبدالله بن عبدالعزيز أثناء لقائه معه في مؤتمر ايفيان بفرنسا وقبله في هيوستن بالولاياتالمتحدة واليوم في شرم الشيخ. لقد قال بوش كما أشارت المصادر الى ذلك، إن الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يتمتع بذكاء حاد وشجاعة قوية ومصداقية في المواقف، كما استطاعت مصادر قريبة للوفد السعودي في المؤتمر أن تؤكد ارتياح سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لما أبداه الرئيس الأمريكي من عمق العلاقات بين المملكة وأمريكا. والحقيقة التي أفرزتها محادثات يوم الثلاثاء الماضي في شرم الشيخ ان ما كان يدور من تبادل لوجهات النظر ولم تكن هناك مواقف خلاف إنما كان يؤسس لنجاح لقاء العقبة التالي الذي جمع بين شارون وأبومازن مع الرئيس الأمريكي والملك عبدالله الثاني. لقد كان هناك أكثر من سؤال عن الدور الذي أمكن للمملكة العربية السعودية ان تلعبه في شرم الشيخ خصوصا انها لا ترتبط بأية صورة من التعامل مع إسرائيل, وفي نفس الوقت فإن المفاوض الفلسطيني هو بطبيعة الحال محفوف بشركاء سلام سبق ان نظمت علاقتهم بإسرائيل مواثيق دولية, ربما كان هذا التساؤل قد مر بذهن القيادة السعودية وهي تتلقى منذ عشرة أيام تقريبا الدعوة لحضور المؤتمر تلبية لرغبة الرئيس الأمريكي بوش في وجود دعم عربي لانجاح مشروع خارطة الطريق. فالمملكة إذن أتت الى شرم الشيخ وفق وضوح تبلغته واشنطن في عدد من المناسبات, ربما كان أهمها تلك الزيارة التي كانت لها خصوصية تكريم معلنة حين استقبل الرئيس الأمريكي أبرز ضيف عربي في مزرعته في هيوستن. وأدرجت هذه الرؤية أيضا في جميع المحادثات التي أجراها الامير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان سفير المملكة هناك في أكثر من مناسبة حوار. وأتى تأكيدها عندما قبلت المملكة الذهاب الى شرم الشيخ فالأمير عبدالله يقود الدولة العربية التي قدمت اطروحة للسلام للجامعة العربية وأقرتها الجامعة كمشروع عربي ولم تبتعد عنه خارطة الطريق في بنودها الجوهرية, حيث الأمير عبدالله وهو رجل صلب المواقف، وواضح الحوار في صراحة لا تقبل اللبس, ولم يختلف معه الرئيس الأمريكي لأن ثمة أسسا لابد ان يقوم عليها السلام في مقدمتها عودة اللاجئين والدولة الفلسطينية ومدينة القدس, وأيضا لم يختلف الرئيس الأمريكي مع الأمير عبدالله الذي أصر على تأكيد حقيقة ان بلاده ومثلها كل الدول العربية التي لا ترتبط بسلام مع إسرائيل أو أي صلة بها لن تقبل اقامة أية علاقات مع تل أبيب تعقبها مرحلة تطبيع ما لم يسبق ذلك تأهيل من تل أبيب لهذه المطالب الإسرائيلية حيث هي ملزمة بدفعها أي المطالب العربية الى حيز التنفيذ.. ان المسلكية الإسرائيلية في الحوار المتكرر وغير الناجح مع الفلسطينيين لأكثر من مرة لا يسمح إطلاقا بوجود ما يسمى بحسن النوايا, فالمطلوب هو الوفاء بالالتزامات ولن يتوافر ذلك إلا بضغط أمريكي على إسرائيل وتعهد عربي بدفع الفلسطينيين وهم يرغبون ذلك نحو دائرة السلام. لكن وفي رؤية الأمير عبدالله أيضا من الصعب ان يجد فلسطيني محاصر او جريح فرصة التفكير في السلام إلا عندما يكون السلام قد أتاح له الفرصة السانحة والذهبية لذلك. وصف الرئيس الأمريكي بأن كلا من الطرفين مقبل على تنازلات مؤلمة وعليه ان يقبل بها.. وهذا صحيح لكن حالة التردي الأمني والمعيشي التي يعيشها الفلسطينيون تجعلهم يعيشون واقع الحقائق المؤلمة التي يجب ان تزاح حتى يتسنى لهم التفكير في التنازلات المؤلمة. هكذا يرى الأمير عبدالله الذي وصف الرئيس الأمريكي بوش بأنه رجل قوي ويتوقع منه بذل الكثير من الجهود الإيجابية لدفع إسرائيل نحو ساحة السلام. ورغم ان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لم يعط وضوحا كافيا لما ستفعله إسرائيل أو مدى قبولها الدخول في مزايدة التنازلات المؤلمة وصولا الى سلام مشرف لأي من الطرفين. ولعل المشروع المصري بوجود هدنة كافية يتيح فرصة للقياديين كي يسيطروا على الانفلات الأمني القائم, فالفلسطينيون بفصائلهم المسلحة ليسوا وحدهم الذين يتوقع منهم مقاومة مساعي السلام, ولكن المستوطنين اليهود الذين حصلوا على مستوطنات عشوائية او قصد منها التضييق على الجانب الفلسطيني وعاشوا تربية عدوانية ربما يكونون ما بعد قمة العقبة أكثر عداء وترصدا من فصائل المقاومة الفلسطينية. لقد حرص الأمير عبدالله على استقصاء الخارطة السياسية والجغرافية ومحفزات التأثير النفسي لكي يستطيع وعبر الثوابت العربية والرؤية الى السلام من مقاسمة الولاياتالمتحدةالأمريكية دورا مشرفا لانقاذ المنطقة من تناقضاتها المخيفة. ان مساحة الاحترام المتبادل بين الرئيس بوش والأمير عبدالله بن عبدالعزيز تؤكد مدى عمق العلاقات الوثيقة بين الرياضوواشنطن وان مساعي مغرضة ومثلها حملات صحفية ممقوتة لم يكن في مقدورها إلغاء عمق علاقة تاريخية متميزة تواجد فيها التعاون السعودي الأمريكي في كثير من الأزمات العالمية. سمو ولي العهد يجتمع مع الرئيس الامريكي مصافحة الثقة