في عصرنا الحالي بتنا في حالة لهاث مستمر في الوصول للقمة على حساب أشياء كثيرة، طالها الإهمال مشاعرنا.. علاقاتنا.. وأجسادنا. وسيطرت علينا ثقافة تنافسية محمومة، تدفعنا للانهماك المستمر في الحصول على الأفضل من كل شيء دون التفكير بأي شيء..! إن المقارنات مع الآخرين تجلب الاحباط، وتؤدي للتقهقر في الأداء والطموح. وكل ذلك أنتج لدينا خللا في تقدير الذات وصعوبة في الاكتفاء، وأوقعنا في صراع نفسي عنيف يستهلك قوانا ويكدر صفو حياتناوأصبحت قيمة الشخص تحدد بما يمتلكه مقارنة بالآخرين، وكنتيجة طبيعية لسيادة ثقافة المقارنة، بتنا لا نشعر بالرضا مهما امتلكنا ومهما حققنا من انجازات. كما أن المقارنات مع الآخرين تجلب الاحباط، وتؤدي للتقهقر في الأداء والطموح. وكل ذلك أنتج لدينا خللا في تقدير الذات وصعوبة في الاكتفاء، وأوقعنا في صراع نفسي عنيف يستهلك قوانا ويكدر صفو حياتنا، وبتنا في حالة من الفوضى والتيه مفتوحة على واقع يزخر بالاغراءات، التي تجبرنا على مزيد من الانغماس دون التركيز على نقاط الثبات والارتكاز بدواخلنا. وقد نسينا أن تقدير الذات ضرورة ومطلب لا يعتمد على ما حققناه؛ بل هو شعور وقدرة ذهنية لابد أن نحافظ عليها ونولدها بالتدريب الذهني من خلال الممارسة المنتظمة، ومجاهدة الأفكار السلبية التي تقف أمامنا في كل مرة نحاول فيها أن نقدر ذواتنا؛ لنتعلم كيف نحب أنفسنا ونحترمها بعيدا عما حققناه من انجازات أو اخفاقات. كما أن تقدير الذات تحكمه عوامل عديدة، من أبرزها البيئة والأسرة التي تلعب دورا أساسيا في تحفيز الثقة لدى الفرد، وبلا شك أن البيئة الجاهلة تساهم في تحطيم الذات واحتقارها، وتحد من قدرة الفرد على الارتقاء بنفسه وبقدراته، وفي المقابل نجد أن العيش في بيئة أكثر رقيا يساهم بشكل فعال في بناء القدرات، ويحفز المواهب، ويخلق فردا قادرا على الإبداع، يليها المستوى الثقافي الذي ينعكس بالضرورة على تصرفاتنا وأفكارنا وثقتنا بأنفسنا، ونجد أن الشخص الأكثر ثقافة ورقيا اجتماعيا يشعر بالرضا أكثر ممن هم دونه في المستوى الثقافي والاجتماعي. وفي خضم الصراع على الأفضل والسعي الدؤوب في الوصول للقمة، نجد من يعيش على هامش الحياة، ولا يمتلك أدنى طموح، ويرضى بالقليل من العيش دون أية محاولات لتطوير ذاته، والنهوض بمستواه المعيشي والفكري والاجتماعي، وهذا النوع بالتأكيد يخسر كثيرا من الفرص، ويظل في مكان واحد لا يبرحه أبدا، ويحرم نفسه متعة التغيير والانجاز. إذن التوازن هو المطلوب، وهو ما نود أن يكون عليه الجميع، إذ لا افراط ولا تفريط. الطموح جميل، ولكن بدون اسراف يقتلنا، ولا تقاعس يحبطنا.