"راديارد كبلنج" الكاتب الشاعر الذي ولد في الهند وترجمت احدى رواياته وعنوانها "لو" الى 27 لغة عام صدورها 1910، وحصل على جائزة نوبل.. استدعاه مديره في العمل يوما فأقبل كبلنج الى مكتب المدير متفائلا.. قال المدير: مستر كبلنج انت تعرف بالطبع ان مكان العمل هذا ليس دار حضانة للكتاب الهواة. اجاب كبلنج وهو يظنه يقصد آخرين: طبعا.. طبعا. قال المدير: ولذلك فاني آسف جدا يامستر كبلنج ان اقول انك لاتعرف كيف تحب اللغة الانجليزية او تحب عملك قط.. وهذا سيىء جدا.. والقى بالمفاجأة في وجهه: انت مفصول.. وكبلنج هو من كبار الكتاب في العالم حيث ترددت جملته الشهيرة "الشرق شرق، والغرب غرب، ولا يلتقيان" لكنه اهين وهوجم وعانى كثيرا وهذا حال اغلب الادباء سواء في الغرب او الشرق بدلا من التقدير لاعمالهم والاهتمام والعناية بانتاجهم.. يرجمون بالحجارة ويحاربون على عدة جبهات. من ضمن هذه الجبهات العمل.. فعدا كون المبدع او الاديب يعمل عملا ثابتا يؤمن له عيشته ومعاشه ويكتب في اوقات اخرى يراها مناسبة له (اي انه ليس متفرغا للابداع) فانه غالبا يعاني ضغوط العمل وعدم تفهم من قبل رؤسائه او زملائه بطريقة تفكيره التي تخرج من حدود النمطية والمألوف وتنطلق بخياله الرحب الى مساحات شاسعة من الافكار الممتدة بلا نهاية او ربما يكون العمل الذي يعمله غير مناسب له فكريا او نظريا فيشعر بالاحباط والاكتئاب بما ينعكس على ابداعه بشكل سلبي ويقتله قتلا بطيئا كما الاشجار تموت واقفة. فالعمل المنوط بالاديب او المفكر او المبدع بشكل عام يجب ان يبتعد عن الروتين وان يكون فيه تجدد وابتكار وتطوير مستمر وحركة دؤوبة فألد اعداء المبدع هو الجمود والروتين القاتل وعدم وجود سقف معين من الحرية ليتمكن من تطوير عمله وذاته وفي نفس الوقت يتيح لعقله فرصة التحرر والتفكير المرن الايجابي وان يجد التقدير والتشجيع من رؤسائه في العمل. ايضا من الجبهات التي يحارب فيها المبدع جبهة النقاد.. يقول الناشرون العالميون ان اكثر الكتب توزيعا في العالم الآن تلك التي كتبها وليم شكسبير الذي حاربه وهاجمه النقاد في حياته وحتى بعد مماته.. فقد انتقد الكاتب "صامويل بيس" مسرحيته (حلم ليلة صيف) فقال انها اسخف مسرحية قرأها في حياته. وقال عنه برنارد شو: ليس بين الكتاب البارزين من احتقره الاحتقار الذي اكنه لشكسبير.. ولو قيض لي ان استخرجه من قبره لرجمته بالحجارة لاستريح.. ايضا "تشارلز ديكنز" الروائي الانجليزي قال عنه النقاد: نحن لا نؤمن بأن شهرته ستدوم.. وسيعجب اطفالنا لان اجدادهم وضعوا "ديكنز" يوما في مقدمة الروائيين. لكن الاحفاد وضعوه ايضا في مقدمة الروائيين!!! والشاعر "وليم وردسورت" الحائز على جائزة نوبل وصفوه بانه حالة ميئوس منها ولا علاج لها، والنقد لاينبغي ان يتعرض له فهو اقل من مستوى النقد. و"ارنست هيمنجواى" الروائي الامريكي الشهير قالت عنه احدى الناقدات انه "لايكتب ادبا".. وغيرهم العشرات وفي عالمنا العربي اكثر فاكثر فلو كتبت عنهم لسطرت كتبا عن هذا الامر.. فالنقاد يقتلون الادباء عندما يهملونهم ويتجاهلونهم في بداية حياتهم، ويقتلونهم مرة اخرى بعد تحقيق الشهرة عندما يجاملونهم وينافقونهم!! من ضمن جبهات الحرب الكثيرة حسد وغيرة المنافسين له من زملاء ادباء فقد قال الكاتب الفرنسي "الفونس دوديه" عن زميله "اميل زولا": انني انصح مسيو زولا ان يشنق نفسه على اعلى شجرة.. وهاجم الكاتب اوسكار وايد زميلته الكاتبة "ماري كوريللي" قائلا: مكانها لاينبغي ان يكون امام مكتب وفي يدها قلم.. مكانها هنا.. في السجن!! ايضا يجابه الكاتب بنظرة المجتمع له كانسان خرج على كل القوانين خاصة المرأة الاديبة.. فعندما تكتب رواية يظنون بها الظنون او انها قد كتبت قصة حياتها ويقلبون اعينهم في رحلتها مع الحياة لعلهم يجدون اثرا يدل على هذا او خيطا يقودهم اليه.. هذا عدا المعاناة الشخصية للاديب في خلق شخصياته الادبية ومعاناته في التأليف والنشر والتوزيع واوضاع اغلب الكتاب ماديا واجتماعيا وسأتحدث عنها باستفاضة في مقال لاحق بإذن الله. انها استغاثة للجميع.. ارحموا الكتاب والادباء ولا تقتلوهم برصاصة الرحمة فانهم يبنون أمجاد الامم..