اصيبت اسواق العملات في آسيا واوروبا وأميركا خلال الاسبوع الماضي بالتوتر الشديد مع تصاعد قيمة العملة الاوروبية الموحدة، اليورو، مقابل العملات الرئيسية الى اعلى معدل لها منذ طرحها عام 1999ولم يكن هناك ما يشغل المستثمرين والاقتصاديين، وحتى السياسيين اكثر من قيمة اليورو مقابل الدولار والين والجنيه الاسترليني. قبل حرب العراق اخذ اليورو في الصعود مقابل الدولار، مع قلق المستثمرين من نتائج الحرب على العملة الاميركية اضافة الى ان مؤشرات الاقتصاد الاميركي ليست مشجعة ولا تبشر بتعافي اكبر اقتصاد في العالم بسرعة كما كان متوقعا لما بعد الحرب. ومع انتهاء الحرب بغزو امريكي سهل للعراق وعودة التركيز على وضع الاقتصاد الاميركي، لم يتحسن الدولار. واضطرت مثلا السلطات النقدية اليابانية الى مواصلة التدخل في اسواق العملات لخفض قيمة الين حماية للصادرات التي تشكل نحو احد عشر في المائة من الاقتصاد الياباني. اما الجنيه الاسترليني فلم يحقق اي تحسن ملحوظ مقابل العملات الرئيسية في المتوسط للاثني عشر شهرا الماضية. واستفاد اليورو من كل هذه التطورات في سوق العملات، ووصلت قيمته امام الين الى ما يزيد على مائة وخمسة وثلاثين ينا. ومع صدور مؤشر ناتج التصنيع البريطاني لشهر مارس متراجعا بنسبة 4ر0% فقد الاسترليني قوته امام اليورو مجددا، واقترب اليورو من اثنين وسبعين بنسا. وهكذا ارتفعت قيمة اليورو خلال عام مقابل الدولار بنسبة 26%، ومقابل الين بنسبة 16%. وزاد من الاقبال على شراء اليورو، وبالتالي ارتفاع قيمته، تصريحات رئيس البنك المركزي الاوروبي فيم دايزنبرغ بعد قرار الابقاء على الفائدة الاوروبية على ما هي عليه عند 5ر2% والتي اشار فيها الى انه ليس هناك قلق اوروبي من ارتفاع قيمة اليورو حتى الان. ومع توقع استمرار الفائدة الاوروبية ضعف الاميركية، وقلة احتمال التدخل النقدي الاوروبي لخفض قيمة اليورو بيعه في السوق، يتحول المتعاملون اكثر فاكثر الى العملة الاوروبية الموحدة مبتعدين عن الدولار وغيره من العملات. ويتوقع كثير من المحللين ان يأخذ سعر اليورو في الاستقرار فوق دولار وعشرة سنتات حتى نهاية العام. ويعكس ذلك تزايد الثقة في العملة الاوروبية، ليس فقط في سوق العملات فقط بل في سوق السندات الحكومية وسندات الشركات. الا ان بعض المتفائلين يرون في تحسن قيمة العملة، وبالتالي زيادة القوة الشرائية للمواطنين في دول اليورو، فرصة لزيادة انفاق المستهلكين الذي يزيد على نصف النشاط الاقتصادي، وبالتالي تحسن فرص النمو في الاقتصادات الاوروبية المتباطئة. ويظل المتضرر الاكبر في كل ذلك الكثير من دول العالم الثالث التي توجد سندات شركاتها واوراق ديونها في السوق بالدولار مثل بعض دول أميركا اللاتينية وتركيا وجنوب افريقيا، والدول المقيمة صادراتها الرئيسية بالدولار كالدول المنتجة للنفط والمعادن الرئيسية مثلا. كذلك الدول التي تربط عملاتها الوطنية بالدولار مثل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر. والحقيقة ان دول المنطقة تفقد ثلث قيمة دخولها نتيجة تراجع الدولار وبالتالي تراجع قيمة عملاتها الوطنية، اضافة الى تراجع قيمة عائدات النفط الدولارية. وقد يكون من الصعب الان التحول لليورو، كبديل للدولار، سواء في ربط العملة الوطنية او تقييم الصادرات النفطية.