بينما كان المغاربة يتابعون أحد الأفلام الأجنبية إذا بالقناة الثانية في التلفزيون المغربي تقطع برامجها المعتادة لتبث خبرا عاجلا فحواه أن انفجارات استهدفت أماكن متفرقة من مدينة الدار البيضاء كبرى المدن المغربية. مفاجأة الخبر وغرابته ولما لم يسبق للمغاربة أن عايشوا مثل هذه التفجيرات داخل بلدهم جعلتهم يقابلون مما يسمعون وما يشاهدون من صور بالذهول وعدم التصديق ما جعل المئات منهم يهرعون إلى وسط المدينة القلب النابض ليس للدار البيضاء بل للمملكة المغربية باعتباره مقرا للعديد من كبريات الشركات والفنادق والمطاعم والملاهي والمصارف. اليوم تحدثت بعد الانفجارات الى عدد من سكان المدينة الذين بدت على وجوههم علامات الذعر والهلع. سيدة جلست شبه مغشي عليها بالقرب من فندق فرح السفير والدموع تبلل كامل وجهها ، وحسب أحد أولادها فقد جاءت للمكان على عجل مباشرة بعد سماعها الخبر ، وخلاف المئات من الذين عسكروا أمام الاماكن التي تعرضت للتخريب بدافع الفضول ، فإن هذه السيدة جاءت للاطمئنان على ولدها الذي يعمل حمال حقائب في الفندق والذي لا تعلم عنه شيئا هل هو معافى أم مصاب ، أم لا قدر الله من الذين لقوا مصرعهم ، ما زاد من جزع أم جمال أن البوابة الرئيسية للفندق التي كان يعسكر بها ولدها معيلها الوحيد قد بدت امام عينيها أثرا بعد عين. وغير بعيد عنها وقف شاب مغربي يصرخ في حالة هستيرية مرددا ماذا فعلنا لهم .. ماذا يريدون منا .. هل هذا جهاد .. الذين أقدموا على هذه العمليات القذرة ليسوا بمغاربة أو بعرب أو مسلمين هؤلاء لا يمكن أن يصنفوا ضمن خانة البشر .. هؤلاء ناقمون على المغرب شعبا ووطنا... وبينما كنا نعاين آثار التدمير على واجهة الفندق والمساحات المجاورة له جاءتنا أخبار مفادها أن الانفجار الأكبر من بين كل الانفجارات كان مسرحا له مطعم بيت إسبانيا كاسا ذي إسبانيا لنتوجه إليه حيث أن المبنى الأندلسي الجميل المصبوغ باللونين الأبيض والأصفر تغيرت ملامحه ليصبح موشحا باللون الأحمر دماء الابرياء. محمد بواب إحدى العمارات المجاورة للمبنى تحدث لوسائل الإعلام عما شاهده حيث كان يجلس بباب العمارة برفقة أحد الأصدقاء قائلا توجه خمسة شبان إلى باب المطعم فلما منعهم الحارس من الاقتراب منه لانهم ليسوا من أعضاء ورواد النادي المطعم سارعوا إلى ذبحه بالطريقة التي تذبح بها الخرفان لينتقلوا بعد ذلك إلى وسط المطعم ليقتلوا ويدمروا كل شيء ويضيف محمد لم نفق من هول ما نشاهد امام اعيننا إلا بالانفجار الذي هز المكان والذي تناثرت معه الجثث في محيطه..وقال شاهدت نصف جثة فتاة يقذف بقوة كبيرة في اتجاه السماء قبل أن يسقط في حديقة المكتب التجاري الإسباني المجاور الذي تكسرت كل نوافذه وأبوابه الزجاجية. هذا ما رآه بواب العمارة المجاورة لموقع الحدث ، لكن ما الذي جرى داخل المطعم. السنيور ألفونسو ذي ميراندا أحد الرواد الدائمين للمطعم والذي جاء للتو من مستشفى 20 أغسطس وبدت على قسمات وجهه ملامح الصدمة. سألته عما عايشه فقال بينما كنا جالسين داخل المطعم في انتظار بداية الحفل الذي ينظمه المطعم ليلة كل جمعة إذا بنا نفاجأ بأربعة اشخاص يدخلون المبنى والشرر يتطاير من أعينهم ، ودون أن يتركوا لنا وقتا لاستيعاب ما يجري بدأوا في طعن من يلاقون أمامهم بسيوف وخناجر وسكاكين حادة قبل أن ينفجر البعض منهم مخلفين وراءهم العديد من القتلى .. ثم يضيف لقد فقدت هذه الليلة أعز الاصدقاء الذين عايشتهم منذ عقود طويلة ، ولا يتعلق الأمر هنا بأسبان فقط بل بمغاربة وكان جلهم من رجال الدولة من قضاة ومسؤولين أمنيين. وحسب شهود عيان فإن مطعم كاسا ذي إسبانيا كان كذلك ناديا يرتاده العديد من قضاة محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء التي كانت تتابع أحد غرفها قضية الخلية النائمة لتنظيم القاعدة قبل شهور.