لا أحد يعتقد أن يجبر على اصدار وكالة شرعية لأحد الأشخاص الا المرأة عندما تتقدم بطلب سجل تجاري من وزارة التجارة والصناعة وأفرعها. ولقد أحدث هذا الأمر اشكالات عديدة في الواقع العملي، وان الذي وضع تعليمات مزاولة المرأة للعمل التجاري أوجب حكما غريبا يستوجب تعيينها وكيلا ينوب عنها في ادارة أعمالها ويمثل شؤونها أمام الغير فمتى كانت الوكالة جبرا؟ وهي عقد رضائي يبرم بين الموكل والوكيل مقابل أجر، وقيل ان الوكالة عقد جائز، وان الموكل يقوم مختارا وبطوعه بتوكيل شخص في التصرف نيابة عنه في مهمة أومهام معينة. وليس لتعليمات وزارة التجارة والصناعة بشأن اجبار المرأة في تعيين وكيل عنها أساس شرعي أو نظامي بل وعلى العكس ان هذا الشرط أوجد تعقيدا حيث انه من الصعب الاطمئنان الى أي شخص لتعيينه وكيلا واذا وجد حال وضع دون توكيله وذلك كونه تاجرا أو موظفا حكوميا وتعليمات الوزارة ترغب على حد قولها مديرا متفرغا، ومن ثم على من تريد أن تستخرج سجلا تجاريا وسمها كما شئت سيدة أعمال أم تاجرة وان كنت لا أميل مع استخدام اصطلاح سيدة الأعمال كون أن المرأة هي سيدة في بتيها وتاجرة حين تزاول العمل التجاري أن تبحث عن شخص وليكن أي شخص فالمهم وزارة التجارة والصناعة تريد من يعبىء اسمه في خانة المدير أو المفوض. وقد تتوافر الشروط فيمن هو عاطل عن العمل أومتعثر في دراسته على أن يغير مهنته الى غير طالب ولك أن تتصور ما هو الدور الذي يؤديه هذا الشخص لتاجرة وضعت رأس مالها في المخاطرة وتريد المنافسة في السوق؟ وفي المقابل اذا نظرنا الى الآثار السلبية من تعيين هذا الوكيل في السجل التجاري حيث يكون هو الممثل النظامي للمؤسسة امام الجهات الحكومية والغرف التجارية والبنوك ذلك لأن نصوص الوكالات كثيرا ما تحتوي على تفويضه بذلك وهذا هو المطلوب وفقا لاجراءات أقسام السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة، وستخوله الوكالة في ابرام العقود وترتيب التزامات على صاحبة السجل التجاري والوزارة طبعا غير مسؤوله حيث لونشأ خلاف فاختصاص ذلك للجهات القضائية وكذلك مطالبته بالأجر عن الوكالة والتعويض في حالة الفسخ غير كونه مديرا، بينما أن الدور الذي يؤديه هذا الشخص وان كان سيؤدي دورا ينحصر في مراجعة الجهات الحكومية أي معقبا. ورغم مرور سنوات عديدة على وجود هذه التعليمات الا ان الوزارة مصرة على الاستمرار في تطبيقها ومع اختلاف معطيات الواقع ونشوء الكثير من حالات المنازعات القضائية بسبب الزام المرأة تعيين وكيل عنها ومنحه وكالة شرعية تخوله ادارة شؤون عملها التجاري، وان كنت أرى عدم وجود مانع يحول دون تفويض أي شخص أو مكتب خدمات تريد صاحبة السجل التجاري وفقا لتفويض محدد الغرض والمدة، ولكن أن يدرج اسم هذا الوكيل الشرعي في خانة المدير في السجل التجاري ويمنح وكالة لادارة شؤون أعمالها فهذا أمر فادح. والمأمل من وزارة التجارة والصناعة مراجعة كافة التعليمات المنظمة لمزاولة المرأة العمل التجاري بما يتناسب مع المرحلة التي تعيشها البلاد فكم من امرأة أو فتاة حصلت على ارث أو تقاعدت عن العمل ورغبت في مزاولة العمل التجاري وتصطدم بالوكيل المفروض عليها وكأنها وصاية أو ولايةعلى قاصر تعينه بنفسها.