* الكلمة أمانة والأمانة لا تجد في كل الأحيان من يصونها بكل اخلاص وتفان . كثير من الشعراء الذين وصلوا الى مرحلة الانتشار وأصبحت أسماؤهم علامات ثابتة في ساحة الشعر يحرصون على التواصل المستمر مع وسائل النشر وهذا حق من حقوقهم بل انه واجب على كل شاعر ألا ينكفئ على نفسه ويتكتم على ما يكتب , اذ لا بد بين الحين والآخر أن ينشر الجديد والمفيد لتبقى جسور المحبة والتواصل قوية بينه وبين المتلقي . غير أننا نلحظ أحيانا كثيرة عند قراءتنا قصائد الشعراء ذوي الأسماء الاعلامية والمنشورة هنا وهناك أنهم ليسوا دائما مبدعين ورائعين بمعنى آخر هناك قصائد لشعراء أعلام تعتبر سقطات ونقاطا سوداء في تجاربهم الشعرية ومع ذلك نجدها منشورة ويحتفى بها ولو أنها لشاعر مبتديء أو مغمور لكان مكانها بكل بساطة سلة المهملات وبغض النظر عن أسباب تفاوت المستوى بين قصيدة وأخرى لدى الشاعر الواحد لدرجة تجعلنا نحكم عليه بضعف الشاعرية وتلاشيها عند قراءتنا قصائد من هذا النوع. فإن السؤال المطروح : لماذا تنشر هذه القصائد ويحتفى بها مع ضعفها ؟ هل لمجرد أن صاحب القصيدة من المعروفين اعلاميا مبرر كاف لنشر كل ما يكتب ؟ لماذا لا يتدخل مسؤولو النشر في المطبوعات ولو من باب النصيحة الأخوية في منع نشر ما قد يسيء للشاعر نفسه قبل كل شيء ؟ هل هذا يعني أن القائمين على المطبوعات يتنصلون من مسئولياتهم بسبب أن الشاعر فقط هو المسئول عن قصيدته في مثل هذه الحالة ؟ هل بالفعل المحرر غير مسئول عن ضعف مستوى القصيدة المنشورة لديه اذا كانت لشاعر علم ومعروف ؟ . * أسئلة كثيرة تدور في مجملها حول أهمية الاعتناء بما ينشر من قصائد وقد توجهنا بها لمجموعة من المسئولين عن المطبوعات الشعبية ومحرري الصحف فكانت هذه الآراء : * سلطان الزبني - رئيس تحرير مجلة (قطوف) : أرى أن الشاعر مسئول بالدرجة الأولى عما ينشر وكما تعلم فإن مستوى كل شاعر يتفاوت من قصيدة الى أخرى بين الممتاز والجيد والوسط والضعيف أحيانا ولكن اذا وصل الأمر الى درجة وجود ثغرات معينة بالقصيدة التي يريد نشرها فإن المحررين ليسوا سواء في تعاملهم مع الشعراء فمنهم من يبادر لتنبيه الشاعر بهذه الثغرة لتداركها قبل النشر ومنهم من ينشرها كما هي بحجة أن هذا اسم معروف وبالتالي هوالأحرص على التواجد الأفضل له وأنا شخصيا أحرص على التفاهم مسبقا في هذه الحالة مع الشاعر فإن أصر فلا حول ولا قوة إلا بالله ويجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره , وأنا أعرف أن هناك بعض المحررين يتعاملون بذكاء مع هذه النوعية من القصائد وذلك من خلال كتابة مقدمة للقصيدة تقرأ بين سطورها أن هناك شيئا ما في بيت معين أو حول القصيدة كلها وهذا من باب اخلاء المسئولية . * الحميدي الحربي - مشرف مدارات شعبية بجريدة الجزيرة - لا وجود في قاموسي كمحرر لعبارة: الاسم المعروف يتحمل مسؤولية ما يكتبه.. لأنني أقدم شعرا لا وجود فيه للحلول الوسط، فإما شعرا مكتملا أو لا شعر.. هكذا تعلمت من شعراء الرعيل الأول، وأود أن يتعلم ذلك من يهمهم أمر الشعر من أبناء هذا الجيل من صحفيين وشعراء. لأن للشعر أساسيات يجب أن تكتمل ليكون شعراً، أما من يخل بها لكونه اسماً معروفاً ويطالب الآخرين بنشرها على هذا الأساس فهو في نظري كمن يطلب المستحيل، فلو سلمنا جدلاً بأن الاسم يتحمل مسؤولية ما يكتبه فمن الذي يتحمل مسؤولية الاسم، أمام القارئ ؟! * نايف بندر - مجلة أصايل : المسئولية نظري مشتركة بين الشاعر والمحرر وان كنت أحمل الشاعر الجزء الاكبر من المسئولية اذا لا بد أن يعي كل شاعر وصل لمرحلة من الانتشار أهمية التواجد الحسن ويحرص على أن يقرأ له ما يضيف له وليس العكس ودعنا نعترف بأننا سواء كنا محررين أو أشخاصا عاديين ننحاز تلقائيا للاسم وهذا ما يجعل المسألة أو قل الظاهرة منتشرة بكثرة في أغلب المطبوعات , والمحرر الواعي هو من يبذل محاولاته مع الشاعر صاحب القصيدة اذا كان هناك ما يستدعي التوجيه فلربما استجاب هذا الشاعر لرأي المحرر وهذا بالطبع مع الشعراء الشباب أما أصحاب التجارب الطويلة من الشعراء فهؤلاء لا مسئولية للمحرر في ضعف مستوى قصائدهم التي ينشرها فمن الصعب جدا أن أعرض على شاعر أمضى ثلاثين سنة أو أكثر في الشعر مقترحاتي تجاه قصيدته لتصبح في أبهى صورة هو فقط يتحمل طريقة ظهوره وتبعات ما ينشر أما الشعراء الشباب وأنا أسميهم شعراء الالفين فالتفاهم معهم لا يجدي حقيقة حيال ما يقدمون لنا من قصائد باستثناء شاعر واحد هو حامد زيد فقط الذي دائما ما يقبل الرأي الآخر ولا يهمه النشر بالمقام الاول بقدر ما يهمه مستوى قصيدته أما الباقون بلا استثناء وهذا الكلام على مسئوليتي فلا توجد لديهم مساحة لتقبل الرأي الآخر واذا ما حاولت فتح نقاش معهم حول قصائدهم تجدهم يتظاهرون بالغضب ويسحبون أوراقهم متذمرين ولا حول ولا قوة الا بالله . * هاني الظاهري - مجلة بروز : المحررون في الصحافة الشعبية ينقسمون الى قسمين أو نوعين : نوع يحاسب القصيدة ونوع يحاسب الشاعر وللأسف أن الغالبية يتعاملون مع اسم الشاعر فقط ولكن هذا لا يمنع أن هناك محررين ومشرفي ملفات شعبية تمتلىء أدراجهم بقصائد لا تصلح للنشر لضعف مستواها الفني ولشعراء معروفين وأحيانا نجد البعض يبرر نشره القصائد الضعيفة أنها لشاعر كبير بينما الواقع والمفترض أنه لا يوجد شاعر كبير أو صغير في عالم الشعر هناك قصيدة سيئة وقصيدة جيدة فقط ومن يتعامل مع النشر بمعزل عن هذه القاعدة فلا شك في أنه سيقع تحت طائلة مسئولية ما ينشر من قصائد هشة . * نايف السميري - مشرف صفحات مشارف بجريدة البلاد - بكل تأكيد فإن المسئولية هنا مشتركة وان كان الشاعر يتحمل الجزء الاكبر من ذلك . كونه هو منشىء هذا النص وهو المسؤول امام المتلقي عما يطرح من نتاج مذيلٍ باسمه وبلاشك فإن الضرر في ذلك يقع على الشاعر وبنسبة كبيرة وماقد يلحق المطبوعة من ضرر فانه يعتبر ضررٍا ثانويا لايقارن بما قد يلحق بالشاعر .. وكثير من المطبوعات اشارت إلى هذه النقطة واكدت بإنها لاتركز وبشكل نهائي على جودة النص الذي يردها مذيلا باسم شاعر قد وصل إلى مرحله متقدمة من الشهرة والنجومية .في اشارة واضحة منها بإخلاء مسئوليتها من ذلك وتحميلها لشاعر النص. وانا اجزم هنا بأن الشاعر الذكي لن يقدم على مثل ذلك الفعل والذي سوف يكلفه الكثير ويغير شيئا من صورته امام المتلقي .وبلاشك فإن المتلقي الواعي لن يقبل إلا بشعر حقيقي ولن يشفع للشاعر اسمه او مكانته التي وصل اليها في ان يجيز له ذلك تمرير قصيدة قد تحمل الكثير من الثغرات ومثل ذلك فإن ضرره يقع على الشاعر اولاً واخيراً . هاني الظاهري نايف بندر