لم يعد أمر التنازلات مقتصرا على الوسط الفني للوصول إلى الشهرة وتصدر أغلفة المجلات فحسب، بل وصل إلى الوسط الشعبي، وبدأت الأسماء النسائية التي لا علاقة لها بالشعر تجد لها مكانة في الساحة وتتحكم فيها بشكل أو بآخر. وإن كنا نسمع عن قصص في السابق حول هذا الأمر، إلا أنها كانت من دون توثيق أو تحقيق، و»شمس” هنا أخذت اعترافات عدد من الشاعرات والإعلاميات اللواتي عملن في الوسط الشعبي، وتحدثن عن بعض الممارسات التي تدور خلف ستار القصيدة وطرق منح الأضواء والشهرة لبعض الشاعرات. الأسماء المستعارة.. كذبة في البداية سجلت الشاعرة والإعلامية الكويتية ولاء عواد (مشرفة ملف ديمة سابقا في مجلة المختلف) اعترافاتها من خلال عملها في الوسط الشعبي، وتحدثت بجرأة كبيرة وقالت: “الشاعرات اللائي يكتبن خلف أسماء مستعارة بحجة العادات والتقاليد هن (كذابات ومخادعات) وذلك لمعرفة الجميع بأسمائهن الحقيقية، ومناطق معيشتهن وظروفهن الاجتماعية”. وتابعت: “الشاعرات المعروفات إعلاميا يرتدن المهرجانات، وتسجل الدعوات بأسمائهن الصريحة، وتؤخذ صور جوازاتهن وأسمائهن الصريحة لعمل الحجوزات والتذاكر، وأمور كثيرة تعرف من خلالها معلومات وبيانات الشاعرة، فالاسم المستعار ليس إلا ضحكا على الذقون”. وتابعت ولاء عواد: “للمحسوبيات دورها البارز في رفض بعض المجلات ورؤساء الصفحات الشعرية لقصائد المرأة، وهناك بكل أسف مُعدون للصحف ومسؤولو تحرير في مجلات شعبية وصفحات يساومن بعض الشاعرات من أجل النشر لهن وإبراز قصائدهن، وهذا الأمر خطير جدا ويجب الوقوف عنده”. وأشارت ولاء إلى ان الأمر لا يقف عند مُعدي الصحف “بل إن بعض الشاعرات لهن دور في ذلك، حتى إن بعضهن يرسلن صورا خاصة جدا لهؤلاء، وهو ما يسيء لهن وللشعر ويضر بسمعة الشاعرات، وهذه النوعية من الشاعرات يجب إبعادهن عن الوسط الشعبي، وكذلك معدو الصفحات الذين يسلكون الطرق الملتوية”. تأشيرة مرور من جانبها قالت الإعلامية والشاعرة هنادي الجودر: إنها لم تلمس شخصيا من المجلات أو رؤساء تحرير المطبوعات الشعبية أي ممانعة في نشر قصائد المرأة، وقالت: “كون القصيدة مذيلة باسم امرأة يعد تأشيرة مرور للقصيدة للنشر، وهو كفيل في حد ذاته بتيسير أمر نشر قصيدتها”، واستطردت: “سأذكر طرفة جميلة، في فترة من الفترات كتب الشاعر الرائع عارف سرور مجموعة قصائد باسم (علياء)، وهي شخصية مجهولة تماما بالنسبة إلى رؤساء التحرير، ونشرت هذه القصائد ولاقت حضورا لافتا، واحتفاء غير مسبوق من قبلهم، وحققت أصداء طيبة، وعلياء لم تكن شخصية (امرأة) حقيقية، ولكن لكون الاسم أنثويا فقد لاقت نصوصها ضوءا يفوق ما كان كاتبها الحقيقي يلاقيه عند نشر قصائده باسمه، ثم إن الاسم النسائي يُعد وسيلة تسويق للمجلة”. بحث عن الجمال ورأت الشاعرة والإعلامية العمانية أصيلة السهيلي أن “المجلات الشعرية تحرص على نشر قصائد العنصر النسائي حسب أشكالهن وفقا للصورة المرفقة مع النص، سواء كان تصنيفها شاعرة أو مستشعرة، وقالت: “في السابق ربما كانت هناك بعض العوائق، ولكن ما أراه الآن أن المطبوعات عموما تسعى لنشر قصيدة المرأة، سواء كانت شاعرة أو مستشعرة، فلم يعد هناك فرق متى ما وجدت الصورة الشخصية الجميلة، بغض النظر عن الإبداع؛ فأغلب المطبوعات تسعى لتسويق نفسها على حساب الشعر والأدب، وهناك محسوبيات كثيرة، وتاه الشعر بين المتسلق والدخيل”. وأضافت: “الشاعرات يتعرضن للمضايقات مقابل أن ينشر لهن نص أو حوار أو غيره، والشاعرة الحقيقية والواثقة تنسحب فورا عندما ترى لغة المحرر تغيرت، وتكتفى بوجود نصوصها على الإنترنت وعلى الرفوف”. فلتان قديم من جهتها ذكرت الشاعرة الإماراتية شيخة الجابري مشرفة ملف الشعر بمجلة زهرة الخليج أن “الشاعرات اللائي يقبعن خلف حصار الاسم المستعار يُثرن الشكوك حول مواهبهن” وكشفت أن المضايقات التي تصادف الشاعرات من قبل الجنس الآخر تعود إلى ضعف في شخصية الشاعرة، وقالت: “بيد المرأة أن تتيح الفرصة للمرضى الموجودين في هذه الساحة للإساءة إليها، أو أن تلجم كل محاولاتهم للتقرب منها لحفظ اسمها وكرامتها، عندها سيقف كل متطاول عند حده، ولا علاقة للمحسوبيات بكون الكاتب ذكرا أم أنثى، وكل ما في الأمر أنها حالات مَرضية يعانيها بعض الذين يعملون في هذا المجال”. وواصلت: “هؤلاء يتعاملون مع أفراد وليس مع الشعر، ولهذا فهم يصنفون الأشياء وفق اعتبارات خاصة، ومصالح هم يعرفونها، وبالتالي تطبّق مهاتراتهم على المرأة والرجل بصفة عامة”. وذكرت الجابري أن المرأة تعاني أمرا آخر لكونها أنثى، وتابعت: “هذه الساحة المسماة شعبية تعاني حالة فلتان قديم، وما زالت تتسع بكل أسف رغم ضعف الإقبال على الصحافة المكتوبة في ظل وجود بدائل (نِتيّة) وهي المنتديات التي استشرت فيها هذه الظاهرة أيضا”. لا صعوبات وأوضحت الإعلامية والشاعرة عالية عبدالله مشرفة ملف الشعر بمجلة روتانا أن “النشر لم يعد بالصعوبة التي تتطلب فرض محسوبيات أو شروط، وقصائد الشاعرة أصبحت الآن مطلوبة في كل المنابر، وإن لم تحضر فالعيب فيها أو في قصيدتها”.