أما آن (لدرع الجزيرة) ان يأخذ على محمل الجد من قبل قيادات دول مجلس التعاون؟ اما آن لنا ان نتعامل مع وجوده كحل دائم نعتمد عليه في امننا واستقرارنا؟ الى متى نظل نتعامل معه على ان له وجود رمزي فقط، قانعين بهذا التمثيل المتواضع. في الحربين الخليجيتين وقف (درع الجزيرة) موقف المتفرج لا بسبب الموقف السياسي لدول الخليج من هاتين الحربين فقط انما ايضا بسبب تواضع الامكانيات العسكرية، مما يجعلنا نتساءل عن جدوى كل تلك الميزانيات التي تخصص له من قبل كل دولة خليجية ومدى الجدية التي ننظر بها لهذا الكائن الذي لا يريد ان يكبر ولا ان يختفي! المشكلة تكمن في القناعة الذاتية لدى القيادات ولدى الشعوب ان بامكاننا ان نصل يوما ما الى ان نعتمد على انفسنا لحماية انفسنا وللدفاع عن كياننا، وان دولا كايران او العراق لا تزيد عنا بشىء حين نقارنها بامكانياتنا كمجلس ماديا وبشريا، ومع ذلك لديها قوة عسكرية على الاقل تستطيع ان تكون قوة ردع مقابل المخاطر الاقليمية، انما تلك القناعة مازالت ضبابية عندنا ولم تحدد شكلها بعد، وبقيت تراوح في المنطقة المحايدة بين الاعتماد على الاتفاقيات الدفاعية المشتركة التي تعقدها كل دولة من دول المجلس على حدة مع الولاياتالمتحدة وبين هذا (الدرع) كقوة مشتركة مما نعكس بشكل او بآخر على تعاملنا مع تأهيله ليحتل مكانه الطبيعي يوما ما. ان الصورة الاعلامية لا يمكنها مهما زودت ببهرجات احتفالية ان تخفي واقع الضعف والهزال وانعدام التنسيق واختلاف النظم واختلاف الامتيازات التي عانى منها درع الجزيرة كقوة مشتركة تفتقد الكثير من التطوير لتصل للحد الادنى من الحاجة المطلوبة، وان كنا صادقين مع انفسنا لابد وان نجري تقييما حقيقيا للعمل الميداني الذي اعطى الفرصة ربما للمرة الاولى في حرب الخليج الثالثة كي يمتحن على ارض الواقع، تقييما لا يترك صغيرة ولا كبيرة، مع الاخذ في الاعتبار ان التقييم لن يصل لمستوى قياس الكفاءة القتالية، انما لقياس درجة الاستعداد فحسب وهو ما اتيح للدرع ان يمتحنه في الحرب الاخيرة، لنقرر بعدها ان كنا سنستمر في التعامل مع هذا الكائن على انه مجرد رمز ام سنأخذه مستقبلا على محمل الجد؟ فلكل حادث منهما حديث؟