تلاشى منذ فترة طويلة أي احساس بالسعادة بسبب انتهاء الحملة العسكرية في العراق سريعا بسبب نشر سلسلة بيانات ودراسات عن الاوضاع الاقتصادية أثارت مخاوف جديدة تتعلق بمستقبل اقتصاد أوروبا. ويتردد في أوروبا بشكل شبه يومي مجموعة من الانباء الاقتصادية القاتمة، وصدر هذا الاسبوع عدد كبير من الدراسات الهامة التي تتناول الاوضاع الاقتصادية كشفت تقلص قطاع الصناعة في أوروبا بشكل درامي وتراجع معدلات الانتاج وطلبات التشغيل والتصدير في ظل انخفاض نسبة النمو الاقتصادي على مستوى العالم. وفي حين يتوقع أن ينمو اقتصاد بريطانيا بنسبة اثنين بالمائة تقريبا هذا العام، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تحقق منطقة اليورو التي تضم 12 عضوا انتعاشا ضعيفا على حد وصف بنك دويتش إيه جي في تقرير جديد له عن الاقتصاد الاوروبي. وتتزايد نتيجة لذلك احتمالات اضطرار بنك إنجلترا والبنك المركزي الاوروبي إلى تخفيض سعر الفائدة ربما بحلول الاسبوع القادم، في الوقت الذي يعتقد فيه خبراء الاقتصاد أن منطقة اليورو ستكون محظوظة هذا العام لو سجلت معدل نمو تبلغ نسبته واحدا بالمائة. كما تزعزعت ثقة المستهلك في مختلف أنحاء أوروبا حيث خفض أصحاب العمل أعداد موظفيهم في مواجهة تراجع الطلب، وارتفع عدد العاطلين عن العمل. وأعلنت شركات أوروبية كبيرة من بينها شركة إينفينيون تكنولوجيز أيه جي لتصنيع الشرائح الالكترونية وشركة تليفونيكا إس أيه للاتصالات وشركة مترو أيه جي لتجارة التجزئة عن تسريح عدد من العاملين الاسبوع الماضي. وترددت أنباء تشير إلى أن البيانات التي ستصدر الاسبوع القادم تكشف أن البطالة في ألمانيا بلغت أعلى معدلاتها منذ 13 سنة في شهر أبريل في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد الالماني الذي يعتبر أكبر نظام اقتصادي في أوروبا لتجنب الركود. ويأتي ذلك عقب صدور أحدث دراسات ثقة المشروعات الاقتصادية في ألمانيا التي تعتبر مؤشرا اقتصاديا رئيسيا وكان قد بلغ في شهر أبريل أدنى معدلاته خلال 16 شهر. غير أن الكشف عن معدلات البطالة في ألمانيا سيتزامن مع صدور بيانات تكشف تراجع طلبات التشغيل في المصانع بل وانخفاض أكبر في معدلات الانتاج في البلاد. وفي إشارة إلى تأثير ارتفاع معدلات البطالة على الاقتصاد الالماني، أظهرت البيانات الرسمية أن مبيعات تجارة التجزئة في ألمانيا قد تراجعت أكثر من المتوقع في شهر مارس فيما ساعدت حرب العراق أيضا على تخفيض معدلات إنفاق المستهلك في أقوى اقتصاد في أوروبا. وقال مكتب الاحصاءات الفيدرالي إن المبيعات تراجعت بنسبة ثلاثة بالمائة مقارنة بشهر فبراير، وهي أكبر نسبة انخفاض منذ شهر سبتمبر عام 1999. وكان المحللون قد تنبأوا بأن تصل نسبة الانخفاض إلى 0.7 بالمائة. ومنذ عام مضى، شهدت مبيعات التجزئة انخفاضا حقيقيا بلغت نسبته أربعة بالمائة. وكشفت دراسات المناخ الاقتصادي في إيطالياوفرنسا وبلجيكا التي تعتبر النظم الاقتصادية الكبرى في منطقة اليورو أن المناخ صار أضعف بكثير عن المتوقع مما يؤكد أن أي تعزيز للثقة بين المسئولين التنفيذيين في أوروبا عقب انتهاء حرب العراق ثبت أنه قصير الامد نسبيا. وفي الوقت الذي تراجع فيه مستوى المناخ الاقتصادي في فرنسا إلى أدنى مستوياته منذ شهر فبراير من العام الماضي، كشفت البيانات الرسمية انكماش إجمالي الناتج المحلي الفرنسي خلال الربع الاول من العام الجاري.