المضادات الحيوية صديقة الانسان تحميه من الجراثيم ولكنها تتحول الى عدوة شرسة اذا تعاطاها بشكل خاطىء ان تناولنا هذا العقاقير من دون استشارة طبية ولمجرد اننا رأينا الشفاء في سابقا من سعال او من حمى فاننا بذلك ندخل الى اجسامنا مودا كيميائية لا حاجة لها، قد تؤثر سلبيا على جميع اعضاء جسمنا لذا حري بنا ان نتساءل: ما المضادات الحيوية؟ كيف تعمل؟ كيف يطرحها الجسم ومتى تؤذينا؟ ومى تفيدنا؟ ولتحقيق ذلك استضفنا الدكتور احمد الراوي استشاري الامراض الباطنية ليلقي الضوء على هذه العقاقير التي كادت ان تصبح جزءا من حياتنا اليومية. س د. احمد الراوي: كيف تم اكتشاف المضادات الحيوية؟ ج: في العام 1929م زرع العالم الانجليزي الكسندر فلمنغ بعض الجراثيم في طبق "انمار انمار" وهي مادة مغذية تستعمل في المختبرات لزراعة الجراثيم وتنميتها وحصل ان نما في هذا الطبق احد الفطور المتطفلة على المزرعة الجرثومية يعرف بأسم البنسيليوم نوتاتوم وقد لاحظ العالم ان مفرزات هذا الفطر قد اوقفت نمو الجراثيم المزروعة في طبق المختبر واطلق عليه اسم البنسلين ولكن لم تستعمل مادة البنسلين على مستوى العلاج الطبي الا في بداية الحرب العالمية الثانية لان مصاعب كثيرة حالت دون نقل هذا المضاد من مستوى الاكتشاف المخبري الى عالم صناعة الادوية والمعالجة وفي خلال الحرب العالمية الثانية وبدافع الحاجة الماسة الى هذه المادة تكثفت جهود العلماء، فشهدت المضادات منذ ذلك التاريخ تطورا سريعا نلقها من مجرد مواد مخبرية الى عالم صناعي متجدد ووظفها في خدمة الجنس البشري وحمايته من الجراثيم. س: ما الذي يميز المضادات الحيوية عن العقاقير الكيمائية العلاجية الاخرى؟ ج: تميزت المضادات الحيوية عن العقاقير الكيميائية العلاجية الاخرى بانها كانت تصنع داخل المختبر من مصدر حي عبارة عن مواد تفرزها الجراثيم او الفطور بينما تصنع باقي الادوية من مواد كيمائية غير حية وقد سمح تطور العلم المخبري بانتاج عدد من المضادات الحيوية بشكل صناعي كيميائى عن طريق اجراء تعديلات كيميائية على بعض المضادات الناتجة من مصادر حية كما صنعت بعض المضادات بالكامل من مصادر غير حية وتعتبر المضادات الحيوية من اقوى الاسلحة التي استخدمها الانسان في حربه ضد الجراثيم. س: تدخل المضادات الى الجسم عن طريق الفم او عن طريق التحاميل او المراهم او بواسطة الحقن في الوريد او العضل، ما هي ايجابيات وسلبيات كل طريقة وما الافضل؟ في الحقيقة ان الطريقة الاكثر عرضة للاضطرابات هي الطريقة الهضمية فبينما تصل المضادات التي تحقن في الشريان او العضل الى الدم مباشرة تواجه المضادات التي تدخل الجسم عن طريق الفم او الشرج عوائق كثيرة منها الطبيعي ومنها المرضي. س: كيف ذلك؟ ج: تؤثر درجة حموضة المعدة او بعض الاطعمة الموجودة فيها على عدد من المضادات فتغير تركيبها او تمنع امتصامصها وهناك من جهة ثانية مضادات لا تتأثر بوجود الطعام او عدمه في المعدة ومضادات اخرى قد تخرش اغشية الجهاز الهضمي في حال دخولها اليه وهو خال من الطعام، وهناك ايضا العديد من الجراثيم المتعايشه طبيعيا مع جهازنا الهضمي، في الامعاء والتي قد تتفاعل سلبا مع هذه المضادات فتضعفها او تقلل من كميتها الممتصة في الامعاء او الشرج فتعيق وصولها الى الدم. س: ماذا عن العوائق المرضية؟ ج: تنتج العوائق المرضية من الامراض التي يكون المريض مصابا بها كالاستفراغ والغثيان والاسهالات وغيرها، مما يمنع مكوث المضاد في المعدة والامعاء مدة تكفي لامتصاصها ودخولها الدورة الدموية، ومع ذلك المضادرات التي تدخل الجسم عن طريق الفم تتميز بقدرتها على اجتياز جدر الامعاء والمعدة بسرعة كبيرة وبصفة عامة يعتمد تأثير المضادات على الجسم ايجابا او سلبا على عوامل عدة اهمها: طريقة دخول المضاد الى الجسم ونسبة تركيزها في الدم توزعها عبر الدم لتصل الى مختلف الاعضاء والاماكن المراد معالجتها ايضا تعتمد على درجة ارتباطها ببروتينات المصل وعلى نفاذها عبر مختلف الخلايا والانسجة بالاضافة الى طريقة طرحها واستقلابها في الجسم. س: كيف تقوم المضادات الحيوية بمهمتها داخل الجسم؟ نوع من انواع المضادات يقوم بايقاف عملية توالد الجراثيم وتكاثرها وبالتالي اضعافها بحيث تهاجمها اجهزة المناعة في الجسم لاحقا وتقضي عليها وانواع اخرى تقوم بتجميد عمل الجراثيم مما يسمح للمناعة الجسمية بالقضاء عليها والانواع الأخرى تقضي على الجراثيم مباشرة وذلك بتعطيل عملها وتدميرها كليا. س: لماذا يحذر الاطباء مرضى الكبد او الكلى من المضادات؟ تطرح الكمية الكبرى من المضادات عبر الكليتين والبول والمتبقي عن طريق الصفراء او البراز لذا تعتبر الكليتان والكبد من الاعضاء الرئيسية التي تقوم بتخليص الجسم من المواد الناتجة عن استقلاب المضادات لذا على المريض ان ينبه في حال وجود اصابة او قصور في احد هذين العضوين حتى يصف له مضادات مناسبة ويقوم بتحديد جرعة آمنة له والأخوف ان تكون المضادات سامة للكليتين والكبد وتؤدي الى مضاعفات خطيرة على حالة المريض. س: ما الاعراض الجانبية التي قد تحدث في حال تناولها؟ ج: هناك بعض الاعراض البسيطة مثل التقيؤ والحكه واحمرار الجلد والاسهال وطنين الأذن والغشيان وهذه تزول عند التوقف عن تناول الدواء وهناك بعض الاعراض الحيوية كاضطرابات الامعاء الناتجة عن قتل الجراثيم المفيدة المتعايشة في امعائنا. وقد تظهر اعراض خطرة اثناء العلاج الخاطىء والطويل الأمد. س: هل بامكانك اعطائنا امثله عن بعض الأدوية وخطورة الاستعجال الخاطىء وطويل الأمد؟ ج: مثلا السولفاميد تسبب قصور في الكليتين بينما تسبب الجرعات الزائدة من النترا سيكلين قصور الكبد وعلاج الاطفال الخاطىء بالستريبتوماسين قد يؤذي الأذن الوسطى وايضا السلولفاميد والسيفالوسبووسين قد يسببان فقر الدم الانحلالي واصابات دموية اخرى وكنتيجة ايضا لتناول المضادات بشكل خاطيء تتطور في اثناء العلاج التهابات جرثومية معانده للمعالجة بهذه المضادات مما يؤدي الى استعصاء المعالجة التالية بها. س: لماذا يعاني بعض الاشخاص من ردة فعل تحسسية ضد بعض المضادات الحيوية؟ ج: بعض الاشخاص لديهم تحسس من بعض المضادات كالبنسلين حيث يظهر عليهم بقع حمراء تنتشر على الوجه والجسم وحكه وغثيان وتقيوء وضيق نفس ونادرا ما تسبب الحساسية تلفا لبعض الاعضاء كالكبد والكليتين وتختلف هذه المظاهر باختلاف الجرعات، لذا يجب على من يعاني من الحساسية من بعض اصناف المضادات ان يعلموا الطبيب بذلك يتخذ التدابير اللازمة. س: ان المضادات الحيوية او الانتبيوتيك كما هي معروفة لدى جميع الناس مهما كانت محدودية ثقافتهم يعتبرونها الدواء العجيب ذو القدرة الخارقة في علاج الامراض ولكن للأسف شغف الناس بهذا الدواء لايوازيه سوى جهلهم لتأثيراته الآنية والمستقبلية على جسمهم فتراهم يسارعون بتناول الدواء او وصفه لمعارفهم عند الشعور بأدنى تعب.. ما تعليقك على وبماذا تنصحهم؟ ج: من المؤسف ان هذا الخطأ شائع في مجتمعاتنا فالكثير من الناس تتناول المضادات بدون وصفة طبية والمؤسف اكثر كون بعض الأمهات والآباء يسمحون لأنفسهم باعطاء المضادات لأولادهم بدون استشارة الطبيب معرضين أطفالهم لخطر اكيد فالجرعات اللازمة لمعالجة الأمراض تختلف باختلاف نوع المضاد ونوع المرض وتبعا لمكان العضو المصاب ونوعية الاصابة، وعمر المصاب ووزنه وحالته الصحية، حالة الكليتين والكبد وسائر اعضاء الجسم وايضا لتناوله او عدم تناوله ادوية اخرى ومدى صحة او سوء تغذيته فالجرعة المناسبة التي لا تترك تأثيرا سلبيا على الجسم لا يستطيع تحديدها سوى الطبيب المعالج.