إن خير البيوت ما عمر بحسن العشرة، وشرها ماساءت فيه العلاقات ونشأت فيه الخصومات. وتقطعت به العلاقات فكانت النفرة بدل الألفة والفرقة بدل الوفاق . ومن جملة ما عنى به الإسلام من تشريعات أن نظم العلاقة الزوجية ورسم الأسس والمبادىء التي من شأنها الحفاظ على وحدة الأسرة وارتباطها فأوجد حقوقاً مشتركة، وحقوقاً خاصة للزوج والزوجة. ومما يبعث على الأسف أن أصبح بين الناس وبين هذه التعاليم والأطر السمحة فجوة وجفوة يتسلل منهما أعوان الشيطان وحزبه فيكون ما يكون ويحدث ما ليس في الحسبان. فبئس الرجل الذي يظلم أهله وكذا المرأة إن هضمت حق الرجل وتطاولت عليه فتكون الحياة بعدها حياة الأسرة جحيماً لا يطاق وليتنا نعقل جميعاً هذه اللفتة المباركة ونعمل بصدق قول الله تعالى (ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وإذا تتبعنا أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدنا فيها الخير الكثير للصلاح والإصلاح والتقوى والورع لخيري الدنيا والآخرة (استوصوا بالنساء خيراً) و(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) ومن هنا تأتي المثالية الحقة في المرأة الصالحة وشواهد ذلك كثيرة ومدونة في بطون الكتب ومن واقع الحياة العمليةوهل ننسى قول خديجة - رضي الله عنها - أم المؤمنين وصاحبة الرأي السديد والقول البليغ حينما هدأت من روع الرسول عليه أفضل السلام وأكمله فقالت: (والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الزمن) وامرأة الحطاب في قولها حين سئلت : (أن زوجي إذا خرج يحتطب أحس بالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا واحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي فأعد له الماء البارد حتى إذا ما قدم وجده. وقد نسقت متاعي وأعددت له طعامه ثم وقفت انتظره في أحسن ثيابي فإذا ماولج الباب استقبلته كما تستقبل العروس عروسها الذي عشقته) . وأسماء بنت أبي بكر الصديق صورة أخرى تحكي مثالية المرأة الصالحة قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه وناضحة فكنت اعلف فرسه واكفيه مؤنته وأسوسه وادق النوى لناضحه وأعلقه واستقي الماء واخرز قربه وأعجن وكنت انقل النوى على رأسي من ثلثي فرسخ. وامرأة أخرى تحكي المثالية في أروع صورها إنها امرأة شريح القاضي حين قال زوجها لما سئل : (من عشرين عاما لم أر ما يغضبني من أهلي) وحقيقة الحياة الزوجية يجب أن تكون سجالاً بينهما حتى تكون الأسرة كما ينبغي وبالتالي يعود نفعها على الجميع حيث تعيش حياة حالمة تقوم على المحبة والوئام والطهر والقداسة فتلك السعادة الحقة والحياة الزوجية الصالحة .. وهكذا فلتكن النساء.