على آخر عتبات الحياة.. تركته هناك على السرير الأبيض تحت كمام الاوكسجين منكمشا على نفسه! سادرا في غيبوبته السوداء.. لاول مرة تغيب تلك النظرة البريئة من ذلك الوجه الهادىء الوقور! لم اره في يوم من الايام مغضبا او مقطبا.. او حانقا.. كان رجلا عصاميا مؤمنا.. لاول مرة تتلاشى تلك الهالة النورانية من جبينه، لتحل محلها زرقة كالحة تفصح عن الصراع بين الحياة والموت! خرجت من عنده ذاهلا، لا ألوي على شيء، هائما على وجهي في دنيا الله.. اتفكر في انحدار الانسان من جبل القوة.. الى حضيض الضعف والاحتياج! وكيف تنخر الشيخوخة في كيان المرء، فيتهدم تهدما رهيبا.. حيث تتحطم صورة الماضي الباهية الريانة.. ولا يبقى سوى الاطار الذابل. حمادي الحمادي