كتبت د. فوزيه الدريع في مجلة كل الاسرة الاماراتية عن الفلوس في ثماني حلقات تحدثت فيها عن اهتمام الانسان بها، طرق جلبها واساليب صرفها. وفي الحلقة الثامنة ولا ادري ان كانت الاخيرة اجابت عن سؤال يقول : كيف تصبح أغنى؟ بطريقتها الخاصة واشارت ضمن مقالها الى احدى الصرعات في بضاعة علم النفس وهي جعل الانسان يؤمن بأنه خارق وان بامكانه مثلا ان يصبح غنيا بسرعة وسهولة فقالت : (على الأرفف هناك كتب عديدة ذات عناوين يسيل لها اللعاب مثل : الغنى الحقيقي، نعم بامكانك ان تصبح مليونيرا، تجرأ وقل سأصبح غنيا، كل هذه الكتب قد تمنح حقيقة بعض الارشاد لكنها في قاع الهدف تجعل الانسان يصل الى حقيقة غير حقيقية، وهي انه يجب ان يكون غنيا وتدخله في دهاليز صعبة تجعله يخلط بين قيمته الانسانية الحقيقية والقيمة المادية) ولاشك ان هذا الخلط الذي تحدثت عنه الكاتبة بين القيمة الانسانية والقيمة المادية وراء كثير من مآسينا الاجتماعية فهناك عدد لايستهان به من الاسر انهارت وبعضها على وشك لان رب الاسرة اكتفى بالجزء القولي من الهدف وهو : يجب ان اكون غنيا. ولم يعمل ليحقق ذلك وكلنا نعرف ان عددا لايستهان به من النساء يعلن ازواجهن الذين يلزمون البيت صباحا للنوم ويخرجون منه مساء الى الاصحاب والديوانيات على متن سيارة اشترتها المدام (كاش) او بالتقسيط وهو يلبس احسن الثياب ويضع اغلى العطور ويزين معصمه بأثمن الساعات ويضع في جيبه جوالا يجدده من حين لآخر وبطاقة ائتمانية تخصم من حساب المدام ليعود الى بيته مساء يتنقل بين الفضائيات والانترنت وينتظر السماء لتمطر ذهبا، ولكنها لاتفعل، لان الوسيلة الوحيدة لجلب المال هي العمل. هل نحن بحاجة لتصور حال نفسية المرأة (الكدادة) وحال نفسية الرجل المنفوخ بالهواء وهو مدرك لذلك. لسنا بحاجة للتصور لكننا في الغالب نعرف عن قرب صديقة او قريبة تعاني مثل هذه المعاناة وعند هؤلاء يختلف الحال بين ما يراه الجميع وما يدور خلف جدران منزلهم ، هناك يظلهم سقف واحد ويفرق بينهم فقدان الكثير من القيم الانسانية والمعاني النبيلة وهناك لم يتبق للرجل من رجولته سوى الجسد الذي يظهر بصورتين الاولى ان يصرخ بلسانه ليحقر ويهين، ويضرب بيده فيبطش لعله بهذا يبقي على شيء من كرامته بأسلوبه الخاص اما الصورة الثانية فهي لرجل ذليل خاضع خانع مطأطئ الرأس، منقاد لكل ما تقوله وتطلبه (المدام) لانها تكفيه حاجاته حتى يخرج له المارد قائلا : (شبيك لبيك عبدك بين ايديك). الصورتان غاية في السوء فالمرأة والرجل فيهما يرتديان اقنعة متبادلة فيبدوان كالمسخ والنتيجة تصدع واهتزاز وخراب بيوت.