تتعاظم حاجة الدول النامية ومنها الدول العربية للاعتماد على مواردها الذاتية في دفع عجلة التنمية. وبالنسبة للدول االعربية النفطية فان تلك الحاجة فرضها ولا يزال التقلب المستمر في العوائد النفطية في الوقت الذي بلغت فيه هذه البلدان مرحلة متقدمة في تشييد البنى التحتية المتطورة والخدمات الاجتماعية الحديثة للمواطنين، كما بلغت جهود التنويع الاقتصادي منتصف الطريق تقريبا. وبالتالي فان أي تراجع عن هذه الانجازات سوف ينطوي على آثار اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، ولا بديل من ثم سوى زيادة الاعتماد على الموارد الذاتيه في مواصلة الطريق نحو النهاية. وبالنسبة للبلدان العربية النفطية، وخاصة الخليجية أيضا، فان القطاع الخاص يملك موارد مالية كبيرة من شأن توظيف اجزاء مهمة منها في الاستثمارات الوطنية ان يضمن لها وبصورة مستقرة ان تواصل الطريق المرسوم. وفي هذا الاطار الكلي للتوجهات الاقتصادية يبرز الدور الذي يمكن ان تلعبه اسواق رأس المال. فهذه الاسواق توفر للاستثمارات المتداولة فيها خاصية السيولة والتوزيع الواسع للمخاطرة والتعرف اليومي والمنتظم على العوائد المتحققة. وهذه الخصائص الثلاث مجتمعة تمثل اهم حافز يتطلع رأس المال الخاص لتوفره لكي يقوم بالاستثمار. ولضمان توفر هذه الخصائص فان المطلوب تحسين شروط تشغيل اسواق المال من حيث انظمة المتاجرة والمعلومات المتوفرة للمتعاملين والرقابة على التحركات السعرية والتداول الداخلي وسرعة تخليص التعاملات وقواعد الافصاح المالي وقوانين حماية المستثمرين فيها. اما على مستوى الاقتصاد الكلي فان المطلوب اعادة النظر في مفهوم ودور اسواق رأس المال بحيث يتم ربطها باهداف اكثر عملية ووضوحا وقابلية للتنفيذ بعيدا عن الشعارات المجردة. وقد اخذت دول المجلس تولي- منذ العقد الماضي- اهتماما متزايدا بإنشاء وتطوير اسواق الاوراق المالية فيها نتيجة لقناعاتها بالدور الهام الذي يمكن لهذه الاسواق ان تلعبه في مسيرة التنمية من خلال تعبئة المدخرات المحلية وتوجيهها نحو الاستخدامات الاكثر كفاءة وتوفير التمويل طويل الاجل للمشروعات الاقتصادية . وفي هذا الاطار ، انشأت خمس دول وهي الكويت والبحرين وعمان وقطر والامارات اسواقا منظمة للاوراق المالية ، واستخدمت السعودية نظاما الكترونيا متطورا لتداول الاسهم بواسطة المصارف تديره مؤسسة النقد العربي السعودي.