اقفلت مؤشرات اسعار معظم اسواق الاسهم الخليجية مع نهاية العام الماضي عند مستويات متفاوتة. وهذه المراوحة غير المستقرة بين الارتفاع والانخفاض تثير التساؤلات حول العوامل الحقيقية التي تتحكم في هذه الاسواق ولماذا تستجيب احيانا الى عوامل غير حقيقية وترفض الاستجابة الى العوامل الحقيقية. وهذا الحديث يجرنا بدوره عن حقيقة الدور الذي تلعبه اسواق الاسهم بدول المنطقة في الوقت الحاضر ، وما هو مطلوب منها مستقبلا. اننا نستذكر في البدء، هنا ان البنك الدولي قام وقبل عدة اعوام باجراء مسح شامل ومعمق للبيئة المالية العالمية، وقام الباحثون فيه بتناول وبكثير من التفصيل تجارب الاصلاح المالي في الدول النامية حيث تركز البحث على اجراءات التحرير المالي خاصة اسعار الفائدة والصرف والتجارة وذلك بهدف ايجاد مناخ اقتصادي كفء يمهد الطريق لقيام رؤوس الاموال المحلية بلعب دور اكبر في التنمية الاقتصادية. ان الملاحظة الهامة التى برزت من خلال هذا المسح هي تعاظم حاجة الدول النامية للاعتماد على مواردها الذاتية في دفع عجلة التنمية. وبالنسبة لكثير من البلدان النامية فان هذه الحاجة فرضها تراجع تدفق الاستثمارات الاجنبية مع تقلبها الواضح كما حدث في المكسيك حيث تبخرت خلال ايام قلائل مليارات من الاستثمارات الاجنبية التى يفترض انها كانت موظفة محليا. كذلك ازدياد صعوبة الاقتراض من البنوك الدولية وتراجع معدلات المعونات الدولية. اما بالنسبة للدول العربية النفطية فان تلك الحاجة فرضها ولا يزال التراجع المستمر في العوائد النفطية في الوقت الذي بلغت فيه هذه البلدان مرحلة متقدمة في تشييد البنى التحتية المتطورة والخدمات الاجتماعية الحديثة للمواطنين، كما بلغت جهود التنويع الاقتصادي منتصف الطريق تقريبا. وبالتالي فان أي تراجع عن هذه الانجازات سوف ينطوي على اثار اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، ولا بديل من ثم سوى زيادة الاعتماد على الموارد الذاتية في مواصلة الطريق نحو النهاية. وبالنسبة للبلدان العربية النفطية، خاصة الخليجية، فان القطاع الخاص يملك موارد مالية كبيرة من شأن توظيف اجزاء مهمة منها في الاستثمارات الوطنية ان يضمن لها وبصورة مستقرة ان تواصل الطريق المرسوم. وفي هذا الاطار الكلي للتوجهات الاقتصادية يبرز الدور الذي يمكن ان تلعبه اسواق رأس المال. فهذه الاسواق توفر للاستثمارات المتداولة فيها خاصية السيولة والتوزيع الواسع للمخاطرة والتعرف اليومي والمنتظم على العوائد المتحققة. وهذه الخصائص الثلاث مجتمعة تمثل اهم حافز يتطلع رأس المال الخاص لتوفره لكي يقوم بالاستثمار فهل تلعب اسواق الاسهم الخليجية هذه الادوار حقيقة في الوقت الحاضر؟