الصرع أحد الامراض التي مازالت غامضة لدى الكثيرين مما جعل العامة يهملون علاجه ويعتقد اخرون ان لاشفاء منه.. الدكتور عبدالمحسن عباس اخصائي الامراض العصبية يلقي الضوء فيما يلي على مرض الصرع ويبشر الذين يعانون منه بان معظم الحالات ممكن الشفاء منها كما نبه الى ان العلاج يتطلب الصبر عليه لمدة اطول ولا ينبغي وقفه الا تحت اشراف الطبيب المختص. يقول الدكتور عبدالمحسن عباس: ان الصرع EPILEPSY لغويا هو الطرح بالارض, ومن هنا جاءت المصارعة فالغلبة لمن يطرح خصمه ارضا, والصرع علة معروفة عرفها القدماء وحاولوا ايجاد العلاج المناسب لها ولقد كانت ومازالت نظرة المسلمين لهذا الداء نظرة رفق وانسانية تختلف عما كان يصوره الكثير من الناس حتى في القرون الوسطى عندما كانت معاملتهم قاسية لمثل هؤلاء المرضى دون العناية بهم واهمالهم او حجرهم ظنا انهم قد تلبستهم ارواح شريرة! اما في زمن رسول الانسانية محمد صلى الله عليه وسلم فلقد اخرج البخاري ومسلم عن عطاء بن ابي رباح قال: قال لي ابن عباس: الا أريك امرأة من أهل الجنة: فقلت: اين؟ قال هذه المرأة السوداء اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: اني أصرع واني أتكشف فادع الله لي قال: (ان شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله ان يعافيك؟) فقالت: اصبر فادع الله لي ان لا اتكشف فدعا لها, فلم تتكشف بعد ذلك ابدا! ولقد كان للعرب والمسلمين الباع الطويل في هذا المجال منهم علي بن ربان الطبري الذي وصف الكثير من اعراض هذا المرض منه الداء الكبير Grand mal المتصف بالسقوط المفاجئ لفقدان الوعي مع خروج الزبد من الفم اما ابو بكر الرازي فهو اول من اشار الى الصرع الوراثي والصرع المكتسب اضافة الى ملاحظاته الطويلة في كتابه (الحاوي) حيث عرف المرض بانه نتيجة حركات لا ارادية وفجائية تصيب الجسم كله بصورة مرضية مصدرها المخ وهو تعريف يقارب جدا لما نقوله الآن في الطب الحديث اما ابو علي الحسين ابن سينا فانه ايضا من الاعلام الكبار في الطب العربي والاسلامي وهو الذي فرق بين نوعين من الصرع الداء الكبير Gramd mal والداء الصغير Petit mal وذكر لنا ثلاث مراحل لنوبة الصرع: 1. الانذار او مقدمات النوبة: Aura 2. مرحلة التشنج والحركات اللا ارادية: Tonic/ Clonic phase 3. مرحلة الاسترخاء: Post Ictal التعريف: نوبة الصرع قد تكون حركية او حسية او نفسية سلوكية شاذة لا يمكن السيطرة عليها مسببة عن فرط نشاط وفرط تزامن شاذ في فعالية الدماغ الكهربائية الكيماوية والصرع اضطراب مزمن يتميز بنوبات متكررة ويمكن ان يبدأ في اي عمر وقد يصيب 3% من الناس في وقت ما في حياتهم وقد تكون النسبة اكثر في العالم الثالث. الاسباب والآليات: قد لا تكون الاسباب معروفة في الكثير من الحالات ولكن بعضها معروف كالآتي: @ الاطفال عند الولادة: رضوض او قصور الدماغ. الرضوض الولادية والاضطرابات الاستقلابية والتشوهات الخلقية او العوامل الوراثية في الاطفال الاكبر سنا. @ بعد العشرين: قد تكون هناك آفات وامراض دماغية كالالتهابات والاورام والجلطات الدماغية او الندب الناجمة عن الرضوض او سوء استخدام بعض الادوية والمخدرات وتناول الكحول عند بعض المدمنين. اما العوامل الوراثية فانها تؤثر في الاستعداد الصرعي وقد تكون نسبة الاصابة بالصرع عند اقرباء المصاب اكثر بقليل من النسبة العامة في المجتمع من مجموع الناس من المعدل 1% الى 2.5%. انواع الصرع: هناك انواع عديدة ولكن للسهولة يمكننا ان نصنفها الى جزئية, متعممة وغير مصنفة والمتعممة تقسم الى نوعين الداء الكبير: وهو النوع الشديد المتميز بفقدان الوعي والسقوط على الارض مع تشنجات وحركات عنيفة في اطراف الجسم تستمر من دقيقتين الى خمس دقائق قد يتعرض المصاب خلالها الى مخاطر كالكسور والجروح او انحباس النفس وتلف في الدماغ اذا تكررت النوبات وقد تستمر لفترة طويلة. الداء الصغير: على شكل اضطراب في الوعي لثوان او جزء من الثانية كالحملقة في الفراغ عادة لايسقط المصاب خلالها وقد تمر الحالة دون ان نلاحظها ولكنها تتكرر عدة مرات في اليوم تؤدي الى اضطراب التركيز او التحصيل الدراسي عند بعض الاطفال. التشنجات الحرارية: شائعة بين الاطفال حيث يصاب بها طفل بين كل 52 طفلا تسببها الحمى وتحدث في اطفال اصحاء عصبيا بين الشهر السادس والسنة الخامسة من العمر، اذ يصابون بنوبات تشنجية متعممة كلما اصيبوا بمرض حمى حاد, والكثير من هؤلاء الاطفال يشفون باذن الله الا ان 2% من الباقين قد يصابون بالصرع المزمن في المستقبل وقد يحتاج بعضهم الى العلاج بأدوية الصرع بشكل مؤقت مع تخفيض الحرارة وعلاج سببها بالطبع علما بان التشنجات الحرارية قد تتكرر لدى نصف الذين يصابون بها لاول مرة حتى سن الرابعة او الخامسة في العمر. التشخيص: 1. سماع قصة المصاب منه او من اقربائه او اقرانه في المدرسة مثلا او العمل علما بانه في معظم الحالات لا يتذكر المريض اي شيء عنها بسبب غياب الوعي. 2. الفحص السريري والفحوصات الروتينية كتحاليل الدم مثلا للبحث عن سبب ان وجد. 3. التخطيط او الرسم الكهربائي للمخ: EEG قد يساعدنا في التشخيص ولكن قد يكون هذا الفحص سويا في 20 الى 40% من الحالات علما بان التشخيص ينبني بشكل رئيسي على الانطباع السريري. ولكن التخطيط الدماغي قد يساعد في متابعة حالة المريض واستجابته للعلاج اضافة الى تشخيص وتصنيف بعض الحالات النادرة او الصعبة. 1. التصوير المقطعي او المغناطيسي: CT,MRI,SCANS يجب ان يجرى لكل المصابين بالصرع وخاصة بعد العشرين من العمر لمحاولة ايجاد السبب ان وجد او المساندة في التشخيص قبل اجراء بعض العمليات الجراحية. الحالات المشابهة للصرع: 1. الغشي (الغيبوبة) SYNCOPES يحدث عند البعض بسبب الاجهاد او سماع اخبار غير سارة فجائية وهو يحدث دوما بوضعية الوقوف او الجلوس مرتبطا بتنبيه انفعالي او قوي والنوبات تدوم اقصر من الصرع حيث يستعيد المصاب وعيه بسرعة عند سقوطه الى الارض ولا تظهر عند المصاب اختلالات كهربائية. 1. النوبات الكاذبة: PSEUDOSEIZURES كأنواع الهستيريا, من النادر ان يصابوا بأذى اثناء السقوط بينما يحصل ذلك للكثير من المصروعين ويمكن التشخيص بالفحص السريري من قبل المختص وفي احيان اخرى يصعب التشخيص خاصة عند المصابين بالصرع الحقيقي الذين تعاودهم نوبات كاذبة لهذا يلزم فحص نسبة البرولاكتين (Prolactin) التي نجدها مرتفعة في الدم اذا كانت النوبة فعلا صرعية حقيقية, وقد يصطنع البعض نوبات مشابهة لتحقيق مكسب ما وهؤلاء يسمون Malingerers والتخطيط الدماغي يساعد كثيرا في هذه الحالات حيث يكون سويا حتى اثناء النوبات. العلاج: يستدعي ايقاف النوبة او الحد منها وكذلك معالجة المشكلات التربوية والنفسية او الاجتماعية ويمكن ايقاف النوبات الصرعية او منعها في 60 الى 80% من الحالات او تحسين الحالات من 15 الى 20% من الباقين منهم والعلاج يجب ان يؤخذ لفترة طويلة وبشكل منتظم الا اذا كانت هناك اعراض جانبية وان لا يتوقف العلاج فجأة وقد يكون تحديد مستوى او نسبة الدواء في الدم مساعدا في تنظيم العلاج او تجنب مضاعفاته. وهناك انواع عديدة من الادوية يختارها الطبيب المختص حسب نوع الحالة الصرعية وقد يحتاج المريض اكثر من دواء واحد او تغيير الدواء للسيطرة التامة على الحالة الصرعية او تحسينها ان امكن وللحذر من حدوث مضاعفات جانبية يفضل عمل فحوصات دم دورية كل بضعة اشهر. اسئلة حول الدواء: 1. مدة العلاج: قد يحتاج المصاب للعلاج فترة طويلة دون تحديد ولكن في حالات كثيرة قد تكون المدة سنة الى ثلاث سنوات وهذا مايحدده الطبيب المختص. 2. ايقاف العلاج: يتم بحذر وتحت اشراف الطبيب المختص وبصورة تدريجية قد تستمر عدة اشهر اذا توقفت النوبات الصرعية لفترة طويلة من 3 الى 5 سنوات للداء الكبير و2 الى 3 سنوات للداء الصغير واني شخصيا اشرك المريض واهله في هذا الخيار بعد عمل تخطيط دماغي يدل على خلوه من اضطرابات كهربائية دماغية مع اخبار المصاب بان الحالة قد تعود مرة اخرى في اي وقت بعد ايقاف العلاج في 20 الى 50% من المرضى وقد تصبح السطرة على النوبات الجديدة اصعب من السابق ولهذا فان البعض ينصح في اخذ موافقة المريض مع الامضاء عليها Consent firm قبل ايقاف العلاج. 3. المعالجة اثناء الحمل: المعالجة اثناء الحمل قد تتطلب تعديلا عند اللاتي تصعب السيطرة على نوبهن لهذا ينصح للحامل ان تكثر من استشارة ومعاودة الطبيب واما احتمال حدوث عيوب خلقية او تشوه الجنين عند الحوامل اللاتي يتناولن مضادات الصرع فهو وارد ولكن الارقام الاكيدة عن دور هذه الادوية في احداث تشوهات الاجنة غير مؤكدة وان النوبات الصرعية قد تحمل اخطارا للام والجنين اكبر بكثير من تأثير هذه الادوية والكثير يعتقد انه ليس للارضاع اي موانع في تناول مضادات الصرع. المعالجة الجراحية: اضافة الى استئصال بعض الاورام او الكتل والندب المسببة للصرع, فقد نشأت معالجات خاصة لايقاف النوبات الصرعية المزمنة المعندة او تحسينها ويقتصر هذا العلاج على المراكز المتقدمة والكبيرة المتخصصة في هذا النوع من العلاج. الخلاصة مع بعض الحقائق: النوبة الصرعية لا تزيد مدتها في الغالب على ثوان معدودة، وفي حالات اخرى من الصرع قد لاتزيد مدتها عن دقيقة او دقيقتين يعقبها فترة شبه ذهول ونسيان لما حدث، ويأتي في الغالب فجأة دون انذار وينتهي فجأة وفي بعض الاحيان قد يسبق النوبة (صرخة صرعية) مدتها لاتزيد عن ثوان، النوبة الصرعية قد تحدث في اي وقت واثناء النوم او الاستيقاظ ومنشأها في الغالب بؤرة في المخ. * تخطيط المخ ضروري في جميع الاحوال, اولا للتأكد من التشخيص واختيار العلاج المناسب وثانيا لمتابعة العلاج وقبل الشروع في تخفيض جرعة الدواء. التشخيص وتحديد نوع الصرع يجب ان يكون دقيقا وان يتم من قبل طبيب مختص له دراية وخبرة في امراض الصرع اي في الغالب من اخصائي في طب الاعصاب لما يترتب على ذلك من نتائج بعيدة الامد. يعتمد تشخيص الصرع على الوصف الدقيق للحالة من قبل المريض او ذويه. النوبات اذا قلت عن مرتين في العام قد لا تستدعي العلاج الا ذا كانت وظيفة المريض حساسة قد تعرضه للخطر. وضع المصاب على جنبه الايسر مع فك الازرار والاربطة حول العنق لسهولة التنفس مع تجنب وضع اي شيء في الفم وعدم تقييد حركات المصاب وابعاده عن منطقة الخطر واستدعاء سيارة الاسعاف اذا لم تتوقف النوبة بعد دقائق قليلة او عند تكرر النوبات دون توقف. العلاج يستمر عادة لفترة لا تقل عن سنتين من آخر نوبة اذا كان تخطيط المخ سليما. يجب الانتظام في العلاج بدقة ان نسيان اخذ العلاج قد يؤدي في اليوم نفسه او بعد ايام الى نوبات. الانتظام في اوقات النوم ضروري فان قلة النوم قد تؤدي الى نوبات. تلافي قيادة السيارات لمدة سنة على الاقل من النوبة الاخيرة, وكذلك تسلق الاماكن المرتفعة والسباحة اذا تعذر وجود من يجيد الانقاذ. لا مانع من تناول الطعام والشراب كالمعتاد الا في الحالات الشاذة وحسب تعليمات الطبيب. على الحامل الاستمرار في العلاج مع تكثير فترات التردد على طبيب الاعصاب لتنظيم العلاج اثناء الحمل لان النوبة اثناء الحمل قد تضر اكثر من الادوية اللازمة لعلاج الصرع. يستحب التردد على الطبيب كل ستة اشهر اذا كانت الحالة مستقرة واكثر من ذلك في الحالات المستعصية. احذر من ايقاف العلاج دون استشارة الطبيب المختص. يمكنكم الاتصال على هذا العنوان للمزيد من المعلومات: مركز معلومات ومساندة الصرع برنامج الصرع الشامل قسم العلوم العصبية ص. ب: 3354 (ر. إ76) الرمز البريدي: 11211 المملكة العربية السعودية