مازال شبح البطالة مهيمناً على عدد غير قليل من الخريجين السعوديين، ومازال الحصول على وظيفة شاردة، في القطاع العام أو الأهلي، يحتاج إلى «واسطة»، وإلا فلتت، وطارت إلى صاحب النصيب. لا أدري لماذا تذكرت «البطالة» وسلبياتها، عندما تصفحت جريدة «اليوم»، في عددها يوم الثلاثاء الماضي، المتضمن تغطية شاملة لحفل خريجي جامعة الدمام، التي دفعت ب 4486 طالباً وطالبة دفعة واحدة، إلى سوق العمل، في جميع التخصصات، ووجدت نفسي أتساءل.. هل سوق العمل السعودي مستعد لاستقبال هذا الرقم من جامعة واحدة؟.. وكم منهم سينال نصيباً من الوظائف، وكم سيبقى حبيس البيت في انتظار خطاب الخدمة المدنية، الذي غالباً ما يتأخر كثيراً عن موعده؟. لدينا في المملكة نحو 21 جامعة بين حكومية وأهلية، وإذا افترضنا أن متوسط خريجي كل جامعة 2000 طالب وطالبة كل عام، فإن الجامعات مجتمعة، تدفع بنحو 42 ألف خريج في سوق العمل سنوياً وبحسبة بسيطة جداً، لدينا في المملكة نحو 21 جامعة بين حكومية وأهلية، وإذا افترضنا أن متوسط خريجي كل جامعة 2000 طالب وطالبة كل عام، فإن الجامعات مجتمعة، تدفع بنحو 42 ألف خريج في سوق العمل سنوياً، هذا بخلاف من يتعلمون على حسابهم الخاص في جامعات عربية وعالمية ، ويأتون حاملين الأمل في التوظيف، وبدء حياة جديدة. لا أبتعد كثيراً عن الواقع المر، إذا أعلنت أن سوق العمل السعودي، لا يمكنه استيعاب هذا العدد أو حتى نصفه، من الموظفين السعوديين، الذين يجدون منافسة حقيقية مع العمالة الأجنبية، وإذا كان القطاع الخاص يتحمل جزءاً من حل هذه المشكلة في توظيف المواطنين، فالقطاع الحكومي، تحمل ومازال يتحمل العبء الأكبر في توطين الوظائف، ولكن ماذا يفعل القطاع الحكومي، إذا كان معبأً عن بكرة أبيه بالموظفين، ولا طاقة له لاستيعاب المزيد؟، هنا قد يتطلب منا الأمر، أن نفتح ملف التقاعد من جديد، ونبحث فيه عن الحل في أوراقه، وأؤمن أن هذا الحل موجود، ويحتاج إلى قرار شجاع.ولا يخفى علينا، أن عدداً كبيراً من موظفي الدولة، يرحبون بالتقاعد المبكر، ويتمنونه اليوم قبل الغد، بيد أنهم يتراجعون عنه، حتى يقضوا مدة الخدمة، التي تؤهلهم للحصول على الراتب التقاعدي «الكامل»، وأرى أنه لا مانع من تحفيز الموظف الحكومي على التقاعد المبكر في سن ال50، بمنحه الراتب كاملاً، واضعين في الاعتبار مسألة مهمة للغاية، تقول إن الخسارة المادية التي تتحملها الدولة لتأمين رواتب التقاعد «الكاملة»، هي أقل بكثير جداً من خسارة إهدار مليارات الريالات لتعليم طلاب الجامعات والمعاهد وتأهيلهم وابتعاث بعضهم للخارج، ومن ثم لا تستفيد منهم البلاد، هذا بخلاف الخسائر النفسية لأجيال وأجيال، تغيرت بوصلة حياتهم، من آمال وطموحات قبل التخرج، إلى خيبة أمل، وتأجيل أحلام بعد التخرج.. وهذا ما لا نتمناه لشبابنا، ويدفعنا للتحرك.