الشاحنات التي تحمل المعدات العسكرية والجنود تتجه شمالاً، بينما كانت سيارات السوبربان وسيارات الدفع الرباعي المحملة بأدوات التخييم تأخذ اتجاها معاكسا له. هكذا كان الحال في الكويت، التي تعيش أجواء قرب حلول عيد الأضحى المبارك، وفي الوقت نفسه تعيش أجواء الحرب المحتملة على الجار في الشمال (العراق). أكثر من نصف مساحة الإمارة تحولت إلى منطقة عسكرية مغلقة، خصوصاً في الشمال، الذي يعده الأشقاء في الكويت المكان الأنسب للتخييم، الذي تعشقه الشريحة الكبرى منهم في هذا الجو الذي يطلق عليه اصطلاحا (ربيعي). فقد نقلت وكالة الأنباء الكويتية قبل أسبوع عن بيان لوزارة الدفاع قوله: لن يسمح لأي شخص أو جهة بالدخول في تلك المناطق بعد هذا التاريخ، إلا بعد الحصول على تصريح رسمي من هيئة الاستخبارات والأمن في الجيش الكويتي.. وسيتم تطبيق هذا الإجراء في الخامس عشر من شهر فبراير الجاري.وقال المتحدث العسكري العقيد احمد الملا انه لن يسمح لأحد بدخول هذه المناطق دون تصريح رسمي من الجيش.. وهذه المناطق تعادل نحو 50 في المائة من مساحة أراضى الكويت.. مضيفا ان القوات الكويتية تريد الاستعداد للدفاع عن البلاد في حالة أي هجوم. وجاءت تصريحات الملا بعد أسابيع من المناورات العسكرية الأمريكية المكثفة في شمال الكويت، وسط استعدادات لهجوم محتمل قد تقوده الولاياتالمتحدة على العراق، حيث من المتوقع ان تكون الكويت هي نقطة الانطلاق الرئيسية لأي غزو أمريكي للعراق. وتمتد حدود المناطق الشمالية المحظورة من مركز السالمي الحدودي مع المملكة غربا، والممتدة شرقا حتى تقاطع طريق العبدلى مع طريق الصبية. وتمتد شرقا إلى المياه الإقليمية حتى جنوب جزيرة فيلكا. وتمتد في اتجاه الشمال الشرقي حتى حدود المياه الإقليمية مرورا بخور عبدالله الذي يفصل بين العراقوالكويت إلى الحدود الشمالية لدولة الكويت. نصف الكويت في الخيام يقول خليفة ناصر الجاسم (25 عاماً، موظف حكومي) في السنوات القليلة الماضية تحول شمال البلاد الصحراوي إلى مخيم كبير، فبين كل خيمة وأخرى هناك خيمة ثالثة، حتى لا يمكن اعتبار ان نصف الكويتيين يقضون الربيع في الخيام مبالغة، حتى ان جزءا كبيرا من الديوانيات الكويتية الشهيرة تنتقل إلى الخيام في الصحراء.. أما اليوم يضيف خليفة وفي ظل الأجواء العسكرية التي تشهدها البلاد والمنطقة فإن الأوامر منعت التخييم هناك.. فعاد المخيمون إلى بيوتهم.. يضيف: البعض فضل ان يواصل الرحلة إلى أقصى الجنوب، والغالبية فضلت الانتقال جنوباً أيضاً.. إليكم في شمال المملكة، وتحديداً إلى حفر الباطن والنعيرية والبر المحيط بالخفجي. الحرب حرمتنا من التخييم فيما يقول صديقه فهد خالد الفواز: غالبية أبناء الخليج يعشقون التخييم في مثل هذه الأجواء، بحثاً عن إجازة عيد مختلفة، بعيداً عن المدينة وزحمتها، أو في البحث عن الفقع وحتى الضبان، خصوصاً من قبل الشباب وحتى بعض الشباب. أما هذا العام يضيف فهد فلقد حرمنا من التخييم في الشمال. وقد انتعشت ظاهرة التخييم في الشمال خلال السنوات الأربع الماضية، بعد اطمئنان الكويتيين إلى المنطقة خالية من الألغام ومخلفات اجتياح الجيش العراقي (90 1991م). البحث عن عيد آخر من لم يخيم هذا العام من الكويتيين في جنوب البلاد أو مناطق شمال شرق المملكة المحاذية للكويت، بحث عن العيد في أماكن أخرى، مثل الديوانيات ومدن الترفيه والمسارح والسينمات أو التسكع في الأسواق، خصوصاً من قبل الشباب. في مدن الترفيه في الكويت (حوالي 45 مجمعاً ترفيهياً) كان ازدحام العوائل والشباب على أشده.. كويتيون ومقيمون عرب وأجانب، وهناك قد تنسى ان البلاد تترقب حرباً في الأيام القليلة القادمة. وبعكس هذا الاعتقاد يقول الشاب محمد علي السعيد ( الجهراء، 22 عاماً، طالب جامعي): نحن ندرك ان الحرب قادمة، وقد لا يتجاوز موعدها الأسابيع الأربعة القادمة، فهذا العيد بحق هو العيد الأكثر تميزاً عن كل الأعياد التي شهدتها البلاد، في تاريخها، فلم يمر علينا عيد وبلادنا تعيش مثل هذا الجو العسكري، حتى خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية، أما الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس عام 1990م، فلقد صادف وقوعه شهر محرم من عام 1411ه، وانتهى بعد ووقعت الحرب بعد 6 أشهر وانسحبت القوات العراقية من الكويت بعد قرابة الشهر ونصف الشهر (خلال شهر شعبان)، أي لم يكن هناك جو عسكري وحشود خلال العيد، وحتى في عيد الأضحى الذي سبق الغزو بشهر تقريباً، لم يكن هناك خوف زائد أو توجس لدينا، فلم يكن الشارع الكويتي يعتقد ان الجار في الشمال سيقتحم الحدود ويحتل البلد بعد شهر تحديداً من العيد. ورغم ان الشارع الكويتي يصر على انه غير قلق من الحرب المحتملة، وانه استفاد من درس الثاني من أغسطس، فلقد اتخذت كافة إجراءات الأمن والسلامة التي تحفظ حياة المواطنين والمقيمين فيما لو نشبت الحرب، من خلال حملة توعية وفرضيات محتملة لمختلف الظروف كنشوب حرائق أو وقوع هجمات بالغازات السامة، والتي طبقتها المديرية العامة للدفاع المدني الكويتي بالتعاون مع جهات أمنية أخرى وجهات صحية وإسعافية، في المدارس والدوائر الحكومية والمنشآت الصناعية والنفطية. يقول أحد المسئولين في وزارة الإعلام الكويتية: من الطبيعي ان يشعر بالقلق كل من ستقع حرب على حدوده، خصوصاً حين يكون بلده صغيراً، ولكن ما سيحدث عام 2003م لن يكون أكثر إقلاقاً لنا مما حدث عام 1991م.. لقد كانت بلادنا محتلة، وهي اليوم حرة والحمد لله، كانت غالبية شعبنا في المنفى، واليوم العكس، نحن واثقون بالله ثم بأنفسنا ومن حلفائنا، سواء أشقاءنا في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تقرر إرسال قوة درع الجزيرة إلى بلادنا بعد الاجتماع الأخير الذي عقد في جدة يوم الجمعة الماضي، أو حلفاءنا الأخرين.. في إشارة إلى أمريكا وبريطانيا ودول أخرى. والدليل الذي يقدمه المسئول في وزارة الإعلام على ثقة الشارع الكويتي بتلك الإجراءات، هو عدم ظهور حالة هلع نتيجة الحريق الذي شب أمس الأول الأحد في الوحدة الثالثة لمعالجة النفط الخام في المصفاة بعد إغلاقها لإجراء عملية صيانة، ولكن جرى إخماده سريعا ولم تقع إصابات أو أضرار كبيرة. وقال المسئول: حدث تسرب بسيط. وكان الحريق محدودا وتم إخماده سريعا. كان حادثا محدودا جدا.. وأضاف: ان العمل في باقي المصفاة لم يتأثر. وكان قد جرى إغلاق الوحدة التي تبلغ طاقتها 80 ألف برميل يوميا لإجراء عملية صيانة مقررة تستغرق شهرا. وقال المسؤول ان إغلاق الوحدة ليس إجراء أمنيا، تأهبا لأي حرب قد تقع.. مضيفاً: ليست هناك خطط لإغلاق وحدات في المصفاة بسبب مخاوف الحرب، ولكن إذا نشبت الحرب فسيكون هناك موظفون لمواصلة تشغيل المصفاة. ومصفاة الاحمدي هي واحدة من 3 مصاف نفط في الكويت وتتراوح طاقتها بين 440 ألفا و460 ألف برميل يوميا. وقد شهدت مصافي النفط الكويتية خلال السنوات الخمس الماضية قرابة 6 حوادث حريق وتسرب، كان آخرها ما وقع العام الماضي في مصفاة الشعيبة، وأدى إلى بعض الخسائر. ولم تعد حوادث المصافي تثير قلقاً في الشارع الكويتي، لتكرارها، كما أشار أحد العاملين في إحداها. المخيمون في الشمال يرحلون جنوبا طفلة كويتية تشارك رجل أمن في توزيع منشورات توعية