حين انهى بكر بن احمد بغدادي دراسته الجامعية في القانون كانت الوظيفة الحكومية هي الاكثر تناسبا مع تخصصه. وبعد سنوات طويلة من العمل بوزارة التجارة قرر ان يدلي بدلوه في ميدان العمل الخاص واسس مكتبا للاستشارات القانونية. وقد كان في هذا العمل وذاك مثالا للجدية ونموذجا للاخلاص وصورة ناصعة للالتزام والاحساس بالمسئولية. في مكةالمكرمة ولد بكر بغدادي. الوالد يعمل في التجارة والمقاولات، والاخوة يتوزع نشاطهم بين الوظيفة والعمل الحر، والعائلة يرجع اصلها الى احدى قبائل شمر في شمال المملكة، انهى بكر بغدادي دراسته الابتدائية في المدرسة الفخرية وكانت تضم طلابا من اكثر من بلد اسلامي، ثم حصل على الثانوية العامة من مدرسة الفلاح، ثم سافر الى مصر لدراسة الحقوق والتخصص في القانون. الى المملكة عاد بكر بغدادي وفرض عليه تخصصه الاتجاه الى الوظيفة الحكومية، وشجعته الاسرة على هذا التوجه على امل ان يظل قريبا منها، ولكنه عمل في وزارة التجارة في الرياض، ثم انتدب الى الدمام للتحقيق مع احد التجار، وكان ذلك قبل افتتاح فرع وزارة التجارة بالدمام، وحين تم افتتاح الفرع عين نائبا لمديره، ثم مديرا له في عام 1388ه. كان فرع وزارة التجارة يقع في اسواق الدمام، كان موظفوه لايزيد عددهم على ثمانية، وكانت تجارة المواد الغذائية هي النمط التجاري السائد، وكان الترابط بين التجار قويا وعجيبا وبينهم وبين موظفي الفرع لافتا للانتباه. اختير بكر بغدادي عضوا في هيئة حسم المنازعات التجارية، ودورها حل ما ينشأ من خلافات بين التجار، واستمر عمله بالهيئة 18 عاما.. كما ترأس اللجنة المركزية للغش التجاري، ولم تكن عقوباتها تنفذ الا بعد التصديق عليها من وزير التجارة الذي يملك حق اقرارها او تخفيفها او الاعفاء منها. وبعد تقاعده اسس مكتبا خاصا للاستشارات القانونية. وعن كبار التجار حين اتى - للمرة الاولى - الى المنطقة الشرقية، يقول ان ابرزهم في ذلك الوقت البعيد كان اول رئيس للغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية حمد القصيبي وثاني رئيس لها ابراهيم العطاس وسعد المعجل وعبدالله الدرويش وعبدالرحمن السحيمي ومحمد القاضي. ويرى ان هؤلاء - وغيرهم من جيل الرواد - ساهموا في النهضة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية وطوروا الاعمال من التجارة التي تقوم على حسابات الكم والربح والخسارة الى المفهوم الاقتصادي الشامل الذي يراعي تنوع الاعمال وتكاملها وبناء القاعدة المنتجة في الوطن. ولا ينكر فضل الجيل الثاني من رجال الاعمال الذين سافروا ودرسوا ونهلوا من العلم وطبقوا ما تعلموه بعد تطويعه لخصوصيات البيئة المحلية وساهموا في تحديث المسار الاقتصادي وامتلكوا الصلابة والمعرفة والرؤية المتطورة. ويرى ان الغرفة التجارية كانت هي البوتقة التي التقت فيها الافكار الجديدة فتدرسها وتخضعها للتمحيص والبحث وتخرجها الى رجال الاعمال في شكل محاضرات وندوات ودراسات منشورة في مجلاتها ومنشوراتها وتطبيقات في معارضها وتعديلات في بعض الانظمة التجارية. ومن خلال خبرته الطويلة يرى ان منتجاتنا المحلية قادرة على المنافسة عالميا، وهي قدرة تتنامى من سنة الى اخرى. ويرى ان رجال الاعمال في الشرقية لم يقصروا جهودهم على نشاطات بعينها، ولكنهم نوعوا نشاطاتهم بشكل منظم وبصورة تكاملية وكثيرون منهم يدرسون مشروعاتهم قبل البدء بها دراسة مستفيضة، والبعض يغامر وتأتي مغامرته بنتائج طيبة، والبعض يجمع بين الدراسة والمغامرة المحسوبة. ويرى ان وزارة التجارة تطبق انظمة تقوم على حرية التجارة، وهي تقوم بدور حيوي في حماية المستهلك من خلال اجهزة رقابية مؤهلة وقادرة وتقف امام الذين يستغلون الظروف وتحاسبهم بشدة. وعن الفرق بين العمل الحكومي والعمل الخاص يقول ان الموظف مطمئن لراتبه وملتزم بمواعيده ومستشعر لمسئوليته ولكن للعمل الخاص ايضا متعته وخصوصيته، فاذا كان للوظيفة الحكومية تبعاتها ومسئولياتها، فانك في العمل الخاص لابد ان تعمل وتبذل جهدا كبيرا والا لن تجد بين يديك شيئا.