الحرب كر وفر, وصدام حسين فشل في الكر في كل معاركه العسكرية والسياسية والاعلامية. اليوم ومع تزايد احتمالات شن الحرب على العراق يجري الحديث عن احد سيناريوهات درء هذه الحرب عبر تنازل صدام حسين عن السلطة وضمان حياته الشخصية فهل يمكن لرجل بشخصية صدام القبول بالتنحي عن الحكم؟ للاجابة عن هذا السؤال لابد من الالمام بشكل دقيق للمكونات الشخصية لعقلية الديكتاتور بشكل عام ولشخصية صدام حسين بشكل خاص. الديكتاتور بشكل عام لا يتنحى عن السلطة الا بالقوة او بتنحيته بواسطة اعوانه بتخيته عجزه الجسدي او كبر سنة.. لقد اسهب المحللون الاجتماعيون وعلماء النفس في تحليل شخصية الديكتاتور لكنهم يكادون يجمعون على ان قمة (تطور) هذه الشخصية هي الوصول الى حالة انقطاع شبه تام عما يدور في العالم من احداث بل والانقطاع عن اي نوع من الاتصال الخلاق حتى مع اقرب الناس اليه من اعوان و(مستشارين) ان من يتابع تصرفات صدام حسين وتصريحاته واطلالاته الاعلامية وبخاصة منذ احتلاله الكويت وخروجه منها سيجد دون عناء في شخصيته تجسيدا (حيا) لصفات الديكتاتور وبخاصة من حيث التعامل مع قضيته هو وعلاقة الاخرين بهذه القضية. فارس خرافي يمتطي فرسا من خشب يسل سيفا ليس سوى غمد. كنت والى وقت قريب اعتقد بان الحاكم الطاغية ربما يتنازل عن السلطة في حالة وصوله الى قناعة تامة بانه ميت لامحالة في حالة اصراره على البقاء في الحكم. كنت اقول ان حيز (الانتصارات) الكاذبة مفتوح على مصراعية في التاريخ العربي الماضي والحاضر, وبما ان الاحتفالات لا تزال جارية بانتصارات ام المعارك, وبما ان الحرب كر وفر, والفر هو نصف الشجاعة, وحيث ان صدام حسين استطاع تحويل هزيمة فاضحة الى نصر عظيم فسيكون بامكانه تحويل نصف الحقيقة الفر الى نصر لم يسبق له مثيل ومع توالي تضييق الخناق على نظامه وتوالي اجتماعاته بقيادته العسكرية وتصريحات ابواق حكمه, واستنادا الى ذاكرة ثلاثين عاما من حكمه يمكن القول بدون مبالغة ان صدام حسين سيفشل فشلا ذريعا في الفر كما فشل في الكر. هل يدفعه المستفيدون الحقيقيون الى النجاح هذه المرة ايضا؟ الاحتمالات ضئيلة لكن وزن القوى المناوئة للحرب قد يلعب مؤقتا لمصلحة الديكتاتور ويتجنب الشعب العراقي وشعوب المنطقة ويلات الحرب وتبعاتها. اما اذا قامت الحرب فليس لدى صدام سوى الاعتماد على مبدأ (مباغتة العدو ليلا) لان الليل صديق للجندي المدرب وعدو للجندي غير المدرب كما اكد القائد لقادته العسكريين في آخر لقاء مبثوث فضائيا. اما تكنولوجيا العصر العسكرية والتحالف الدولي في حالة شن الحرب فليست في نظر صدام سوى هولاكو الذي سيندحر بفضل قذائف المنجنيق المنصوبة على اسوار بغداد.