لم يكن ما قاله الدكتور غازي القصيبي البارحة شعرا فهو بعيد عن اوزان الشعروقوافيه ولم يكن سردا لان عبق الشعر لف مستمعيه.. ما سمعناه هو خلاصة لمزيج من شعر وأدب القصيبي. هكذا هو الشاعر والأديب حين يطلب منه سرد سيرته وتجاربه فيعتبر الاديب الشاعر ووزير المياه السعودي الدكتور غازي القصيبي ان (الحديث عن التجربة الشخصية مهما كان حرص المتكلم لابد ان ينزلق الى الغرور او ما يشابهه او التواضع الكاذب او ما يقاربه). وأنا بطبعي لست مغرورا اذا كان معنى الغرور اي شعور بالاستعلاء على اي عبد من عباد الله وأنا بطبعي لست متواضعا اذا كان معنى التواضع ان انكر مواهبي ارضاء لغير الموهوبين. بهذه الكلمات لخص الشاعر القصيبي مسيرة حياته في حفل تكريم وزير الاعلام ووزير النفط بالوكالة الشيخ احمد الفهد الصباح له كشخصية لمهرجان القرين الثقافي التاسع وقدم له درعا خاصة بهذه المناسبة. وهو يشعر بانه لا يستحق التكريم (فانا ولدت فوجدت لدي موهبة من نوع خاص تعارف الناس على تسميتها شعرا فتبعت الموهبة دون ان اعرف الى اين ستقودني ووجدت لدي مواهب اخرى يزعم من يزعم انها تشمل الرواية والادارة والدبلوماسية فانقدت لها دون ان اسأل كما سأل المتنبي "اطويل طريقنا ام يطول". خلاصة قولي انني وجدت في اعماقي نازعا الى كتابة شعر فكتبت شعرا ولمست في روحي دافعا الى كتابة رواية فكتبت رواية وآنست في مكان ما بين القلب والعقل حافزا يسوقني الى الخدمة العامة فانسقت معه.. اعطاني الشعر عددا من المعجبين واعطتني الرواية مزيدا من الشهرة واسندتني الخدمة العامة الى ثلاثة مناصب وزارية.. حدث كل هذا ولا اكذب فأقول ان هذا كله حدث رغما عني وقال الدكتور القصيبي حقيقة الامر انه كان ما كان وسعدت بما كان يسرني ان يكون لي قراء وقارئات ويسرني ان تتاح لي فرصة الخدمة العامة كما لا تتاح الا من اعلى مواقع الخدمة العامة الا ان هذا لا يمثل سوى نصف الحقيقة. النصف الآخر هو انني عندما كتبت اول بيت من الشعر لم يكن في ذهني ان اصبح شاعرا معروفا او مجهولا او حتى ان اطبع ديوانا ذات يوم كتبت اول قصيدة كما يفعل الماشي اثناء النوم انسياقا مع رغبة عارمة لا يدري من اين جاءت ولا الى اين ستذهب. يسألني الناس كل يوم ماذا اعطاك الشعر وماذا اخذ منك واقول صادقا انني لا اعرف الجواب مع الشعر لايوجد حساب دائن وحساب مدين كما يقول سادتي المحاسبون ويسألني الناس كل يوم ماذا اعطتك المناصب وماذا اخذت منك واقول صادقا انني اجهل الاجابة لا ادري هل عينت لانني اشتهرت ام انني اشتهرت لانني عينت. اذا كانت الشهرة تكريما فقد كرمت حتى الثمالة واذا كانت المناصب تكريما فقد كرمت من قمة رأسي الى اخمص قدمي ومع ذلك لابد ان اقول ان التكريم الاكبر والاهم هو رسالة من قارئ لا اعرفه تقول ان قصيدة ما عبرت عن مشاعره فأحس كما لو انه كتبها او رسالة من مواطن لم اره يشكرني على ايصال خدمة ما الى منزله او قريته. وقدمت استاذة الادب بجامعة الكويت الدكتورة نورية الرومي القصيبي بقولها: يصعب على المرء ان يعرف المعرف.. الذي اختار ان ترتبط سيرته بالشعر لان الشاعر في داخله شديد الغيرة من الفنون الاخرى وهناك من اعتبر كتاباته الروائية تكملة لنواقص سيرته الشعرية التي لم تغط الكثير من حياة صاحبها الصاخبة المليئة بالاحداث. وتابعت: غازي القصيبي مالىء الدنيا وشاغل الناس ففي كل درب من دروب مسيرته كان يدرك تماما انه دائما يلقي الاحجار في المياه الساكنة فيحركها في تموجات قد تعلو فتتحول الى امواج عاتية. وقالت الرومي: ان القصيبي شاعر متميز جمعت دواوينه التزامه بعمود الشعر القديم كما سارت في مسار النهج الجديد للقصيدة الحديثة وقد مثل فيها اتجاهات فنية تنقل فيها بين الواقعية والرومانسية والرمزية وفي احيان كثيرة يجمع بين الاتجاهات الثلاثة في ديوان واحد بل في قصيدة واحدة. وقالت: للمرأة في شعر القصيبي مكانة اثيرة في نتاجاته النثرية والشعرية فهي تراءت في وجدان الشاعر بصور تلونت قضاياه التي شغلت ذهنه فكانت تعبر عن بيئات الشاعر الثقافية العربية والاجنبية والهم العربي. وفي السياق نفسه قال الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب (بدر الرفاعي) كلمة بهذه المناسبة اوضح فيها ان المجلس اعتاد ان يختار شخصية عربية لمهرجان القرين الثقافي الذي حرص بدوره على ان يكون اختياره محكوما بمجموعة من المعايير اهمها ان تحوز الشخصية المختارة ناصية الثقافة والفكر عبر محطات من التجارب الابداعية المتنوعة. وبين ان شخصية مهرجان القرين لهذا العام خاضت في مجال الخدمة العامة في ادارة هيئات عامة ذات طبيعة فنية متخصصة وتسلمت حقيبتين وزاريتين خدميتين بالاضافة إلى اسهاماته تجاه قضايا وطنه وامته. وذكر ان القصيبي وقف مدافعا عن الحق الكويتي في كارثة غزو العراق للكويت ووقف مدافعا صلبا عن التشويه الذي علق في بلاده بعد الحادي عشر من سبتمبر. وتضمن برنامج التكريم عرضا لفيلم وثائقي اعده المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب عن مسيرة الدكتور القصيبي كما استضاف زميل المكرم الشاعر البحريني عبدالرحمن الرفيع الذي ساهم بدوره بعدد من القصائد حول تجربته مع القصيبي. الاحمد